حشدت الأجهزة الأمنية وعناصر الباسيج والحرس الثوري أكثر من مائة ألف عنصر لتأمين الانتخابات البرلمانية الإيرانية التي تجري بعد أقل من ثلاث سنوات على انتفاضة الشعوب الإيرانية، إبان انتخابات الرئاسة الإيرانية التي شابت حولها الكثير من الشكوك، بسبب عمليات التزوير التي رجحت فوز الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد لفترة ثانية. انتفاضة الشعوب الإيرانية التي قادها الإصلاحيون قُمعت بشدة، واستعملت الأجهزة الأمنية والحرس الثوري والباسيج كل الوسائل والأساليب وصلت إلى حد القتل العمد والاعتقال التعسفي، ما أدى إلى خفوت الانتفاضة وضعف تأثيرها، وإن كانت تندلع بين الحين والآخر. الانتخابات البرلمانية الحالية، وإن تخوف النظام الإيراني من اندلاع الاضطرابات، إلا أن ضعف المشاركة واقتصار الاختيار على مرشحين من تيارات متصارعة من داخل النظام، وعزوف الإصلاحيين أو ما يسمى بالمستقلين عن الاشتراك في هذه الانتخابات، يجعل الأمر أشبه بتصفية حسابات بين مراكز القوى داخل النظام الحاكم في إيران. الانتخابات تقدم لها 2444 مرشحاً جميعهم من المحافظين ويمثلون التيار الأصولي المتشدد لاختيار 290 نائباً. وينقسم المرشحون إلى ثلاث قوائم جميعها تتنافس على مواقف متشدد، ولا يميزها عن بعضها البعض سوى ارتباطها بمرشد الثورة علي خامنئي أو بالرئيس أحمد نجاد. فالجبهة المتحدة للأصوليين التي يشرف عليها جماعة العلماء المناضلين ومجمع المدرسين في الحوزة الدينية والتي تعمل على تعزيز سلطة ونفوذ مرشد الثورة والتي تتهم الفريق الثاني الذي يساند أحمدي نجاد ويدير حملته الانتخابية مدير مكتبه آسفنديار رحيم مشيائي والذي يتهمه الأكثر تشدداً بأنه يدير تياراً منحرفاً لتقويض سلطة مرشد الثورة... القائمة التي يساندها أحمدي نجاد وتحظى بدعم المرجع الديني المتشدد محمد تقي مصبح الذي يقلده نجاد تدخل الانتخابات تحت يافطة كبيرة تحمل اسم (قائمة الاستقامة)، لتوجيه الانتباه إلى المتهمين بارتكاب عمليات فساد محسوبين على المرشد. أما القائمة الثالثة والتي تحمل اسم قائمة صوت الشعب والتي يتزعمها النائب المتشدد علي مظهري والذي عرف هو وكتلته بانتقادهم الدائم لحكومة أحمدي نجاد، يقدم تصورات جديدة لآلية الارتباط بالولي الفقيه. المعلومات التي ترشحت من طهران تشير إلى أن هذه القائمة ستحصد نسبة مرتفعة، لأنها تحظى بتأييد الحرس الثوري الحلقة المحيطة بولي الفقيه، مما سيدخل لمجلس الشورى الإيراني الجديد أعضاء مؤيدون لعلي خامنئي، وهو ما يرفع نسبة الملتزمين بولاية الفقيه، وهو ما يهدد مستقبل الرئيس أحمدي نجاد الذي إن لم يواجه مواقف عصيبة مع المجلس المنتخب الجديد، فإنه سيتعرض هو ومدير مكتبه رحيم مشيائي إلى تهديد مباشر قد يؤدي إلى فقدانهما منصبيهما، وبالذات مشيائي المتهم بقيادة تيار منحرف يتغلغل في أوساط المحافظين الذين تكشف الانتخابات الحالية بأنهم يخوضون معارك تصفية بين تياراتهم والتي تدور حول سلطة ولي الفقيه، أو تعزيز منصب رئيس الجمهورية.