من نافلة القول أن المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي ينظّمه الحرس الوطني سنوياً في الجنادرية بالعاصمة الرياض، أصبح علامة بارزة لتسليط الضوء على ثقافة المجتمع وإظهار التراث السعودي وتعريف الناس بمكنوناته، هذا المهرجان الضخم في نسخته السابعة والعشرين لهذا العام 1433ه، غدا ملتقىً ثقافياً وفكرياً يترقبه المثقفون محلياً وعربياً وإسلامياً وعالمياً، فالجنادرية صارت ماركة سعودية لتمثيل الثقافة وتقديمها للعالم أجمع، وثقافة الشعوب هي المرآة التي تطلع الآخرين على طبائع الناس وسلوكياتهم وأنماط حياتهم الاجتماعية، ولا شك أن هذا المهرجان الكبير، اكتسب أهميته من الرعاية الكريمة التي يحظى بها من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله-، فهو المهرجان الوحيد، بل المناسبة الوحيدة التي لا ينيب الملك أحداً غيره لرعايتها إلا ما ندر، ومن هنا تتركز أنظار المثقفين على هذا الملتقى الفكري، وعلى ما يطرح على عرصاته من الفعاليات الثقافية والتراثية المتنوّعة، من الأمسيات الشعرية، والندوات الفكرية، والعروض الشعبية، والمقتنيات الأثرية، والحرف المهنية، والتي تشكّل في منظومتها تراثاً وتاريخاً عريقاً لحضارة المملكة العربية السعودية سابقاً ولاحقاً، وما إن تنتهي فعاليات المهرجان الحالي حتى تبدأ خطة العمل لاستقبال فعاليات المهرجان الذي يليه، وذلك بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني ورئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة، هذا الجهد الثقافي وإن كنا في الحرس الوطني نحن المعنيين به تنظيمياً، إلا أن اسمه قد التصق بالوطن قاطبة، فهو المهرجان الوطني للتراث والثقافة، تشارك في فعالياته جميع مناطق المملكة بأجنحتها وقراها الجميلة التي تمثّل موروثاتها وعاداتها وتقاليدها، حتى يتعرَّف النشء على الماضي العريق ويربطه بمعطيات الحاضر وآفاق المستقبل، فيدرك الفرق بين جيله وجيل من سبقه من الآباء والأجداد، ومن ثم يفخر بهذا المنجز الثقافي بأصالته وحضارته.. تمتد فعاليات المهرجان لمدة أسبوع ابتداءً من يوم الافتتاح الذي يشرّفه قائد مسيرتنا المباركة الملك عبد الله بن عبد العزيز، في أجواء احتفالية جميلة تليق بمقام الراعي وحجم المناسبة، حفل خطابي يتضمن الكلمات المضيئة والقصائد الشعرية الرائعة، متوجاً بالأوبريت الذي يقدّم في أبهى لوحة فنية وطنية تتحدث عن آمال وتطلعات الوطن والأمتين العربية والإسلامية، بالإضافة إلى ما يتضمنه المهرجان من مواقف إنسانية وحضارية راقية، تشمل استضافة إحدى الدول كضيف رسمي للمهرجان، وأيضاً نخبة من مثقفي الوطن ومثقفي العالم المدعوين لحضور الافتتاح، هذا فضلاً عن الأدباء والمفكرين المعنيين بإدارة الندوات والأمسيات، وطرح أوراق العمل ومناقشة القضايا المدرجة في الأنشطة الثقافية للمهرجان، وكذلك تكريم الشخصيات الثقافية المستحقين للتكريم أدبياً وثقافياً، ممن لهم عطاءات متميزة وخدمات جليلة للوطن، كل ذلك يقدّمه المهرجان الوطني للتراث والثقافة، وتتوالى الفعاليات واللقاءات الأدبية والتراثية طوال أيام الأسبوع، إنه كرنفال الثقافة وعرس الوطن الذي نترقبه ونتغنى به سنوياً في قلب العاصمة وتحت رعاية المليك المفدى.