تحظى المملكة بإرث تاريخي وثقافي وحضاري متنوع، ويأتي انعقاد مهرجان الجنادرية 27 للتراث والثقافة ليجسد فكراً واعياً. فهذه التظاهرة الحضارية منذ انطلاقتها في عام 1405ه تسير بعزم ووعي وقدرة على إثراء الحركة الثقافية والحفاظ على ثوابت التراث الأساسية ومواكبة المستجدات العصرية والانطلاق إلى ما يسهم في خدمة الإنسانية عملاً وفكراً. فهذا المهرجان أصبح له بُعد عالمي، حيث حقق حضوراً متميزاً وفي هذه الروضة التاريخية «الجنادرية» تجارب الماضي وآفاق المستقبل وإبراز تراث وثقافة الأمة. ولقد صار اسم الجنادرية رمزاً نحو الآفاق الثقافية، إذ تمزج بين عبق المجد والتراث وتجسد الأصالة وتعمق الثقافة وتؤصل معاني الإخاء وتعزيز الانتماء لهذا الوطن وتعميق الإحساس به. ولا غرو، فلهذه البلاد تاريخ مشرق الصفحات وضاء المعالم يحفل بالماضي العريق والحاضر الزاهر، ولكل أمة من الأمم تراث تعتز به هو تعبير عن تجربة معاشة ورؤية معينة وموقف من مواقف الحياة.. والتراث يجسد أنماطاً شتّى من العادات والتقاليد والأخلاق والأفكار، والتاريخ ويعطي صورة عن الواقع التاريخي والفكري والاجتماعي لكل أمة. والتراث عنصر مهم من عناصر الأدب، له مكانته الفكرية في أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية. والتراث كنوز وذخائر زاخرة بألوان من المعارف والتاريخ. ومهرجان الجنادرية وجه للثقافة وصورة للتراث ومحور لهذا النشاط التراثي والفكر الأصيل، حقق نجاحاً كبيراً في إعطاء فكرة متميزة عن منجزنا الحضاري وتصحيح بعض الأفكار الخاطئة عن نهضتنا وتطورنا، كما تهتم الجنادرية بالثقافة العربية والتواصل العربي والإسلامي والعالمي، حيث دعي للمهرجان أعلام من العالم العربي والإسلامي والعالم، وإيجاد الحيوية والتجديد في النشاط الثقافي والمحاضرات والندوات مما له فائدة وأثر في الساحة الأدبية السعودية. ولقد أتيح لي اللقاء بعدد من المفكرين والأدباء من خارج المملكة فسمعت منهم ما يسر ويبهج عن تطورنا الفكري والأدبي، وإلى جانب ذلك نرى الاهتمام بعرض الصناعات والحرف وإحياء أمجاد ماضية حافلة، كما تمثل جوانب من نهضة بلادنا وتطورها ورقيها ونهضتنا الحضارية ومنجزنا التنموي ونهضتنا الثقافية والاجتماعية والعلمية في مختلف المجالات، كما أن القرية الشعبية تحكي الماضي بمختلف صوره وأشكاله ليتعرف الأحفاد على ماضي الأجداد بكافة ضروبها وألوانها، ولقد قيل: وإذا لم تدر ما قوم مضوا فاسأل الآثار واستنب الديار * عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون