في جميع دول العالم تُصان الشواطئ، ويُمنع تَمَلُّكها، والبناء عليها؛ أو استثمارها إلا بما يُحقق المصلحة العامة؛ وتتولى البلديات مسؤولية تطويرها، والمحافظة عليها، في مدننا السعودية تسارع بعض أمانات المدن لطرح الواجهات البحرية للاستثمار، دون مراعاة لحاجة المواطنين للشواطئ المفتوحة والواجهات البحرية الجميلة. أكثر من 96 في المائة من الأراضي البحرية في السعودية مملوكة، ولم يتبق للمواطنين منها إلا ما يقرب من 4 في المائة، تقلصت مؤخراً بسبب تراخيص الاستثمار. بعض الإدارات الحكومية، تُكرس مُلكية الشواطئ من خلال منع مُرتاديها من الاستنفاع بها، وحرمانهم منها تحت عذر «أملاك خاصة» كما يحدث حالياً في مدينة الجبيل. أمانات المدن خلطت بين دورها التنموي، وحاجتها لتأمين مداخيل مستقلة ما تسبب في تفريطها بمواقع مهمة تحت عذر «الاستثمار»، يبدو أن الميزانيات لا تسُد حاجة الأمانات ما دفعها للتفريط في أكثر المواقع أهمية تحت بند الاستثمار!!. في العام 2006 أيد سمو وزير الشؤون البلدية والقروية آنذاك الأمير متعب بن عبدالعزيز، موقف المجلس البلدي، في حاضرة الدمام، المعترض على مشروعين استثماريين، سمحت أمانة الدمام بإقامتهما في الواجهة البحرية؛ حيث رأى المجلس أن (إقامة صالة وسوق في الواجهة البحرية أمر غير مناسب كونها متنفساً للأهالي وينبغي أن تكون الواجهة (البحرية) مفتوحة من دون أن تكون هناك مبان أو مشروعات تحجب الرؤية). بالرغم من القرار الملكي الكريم القاضي بعدم البناء على الشاطئ مباشرة في حدود 400 متر؛ إلا أن مخالفات البناء والتملك، والاستثمار ما زالت قائمة حتى الآن، جريدة «الوطن» السعودية نشرت خبر إلغاء المقام السامي عقد استثمار موقع على شاطئ «الشقيق» شمال منطقة جازان؛ «بعد أن تبين للجنة المشكلة أن تأجير الموقع بمساحته الشاسعة وإطلالته الكبيرة على البحر وقرب موقعه وحاجة المرتادين إلى استخدامه متنفساً لهم غير مناسب». ما حدث في «الشقيق» يحدث في جميع المدن الساحلية، إلا أن تحرك أهالي مركز «الشقيق» وتوضيح وجهة نظرهم حفظ لهم حقوقهم. معظم شواطئ المنطقة الشرقية باتت مملوكة، أو مُحصنة بالاستثمار طويل الأجل، ولم يبق للمواطنين منها إلا مساحات محدودة تضيق بجموع المتنزهين؛ فمدينة الجبيل تُعد إحدى المدن الساحلية المطلة على البحر من جهتي الشرق والشمال؛ دفن بحرها من جهة الشمال واستثمر من قبل ميناء الجبيل التجاري، وتحول الجبل البحري إلى جبل بري، ولم يتبق للأهالي إلا الجزء اليسير من الكورنيش الشرقي الذي لا يتجاوز طوله 1400 متر. وحرم منه المواطنون الذين يستحقون الاستمتاع به، لم يتوقف الأمر عند هذا، بل تعداه إلى طرح المواقع المقابلة للواجهة البحرية للاستثمار العام على الرغم من افتقار المدينة للمتنزهات الطبيعية، والحدائق العامة! وفي هذا تغليب واضح للجانب الاستثماري على الجوانب التنموية، والبيئية، والترفيهية، وأهالي الجبيل ينتظرون قراراً مماثلاً للقرار الصادر لملحة أهالي مركز «الشقيق»؛ فسكان المدينة يستحقون التمتع بشاطئها البحري الوحيد.