يقول الشاعر محمود درويش في ديوانه (أوراق الزيتون): أما رأيتم شارداً.. عيناه نجمتان؟ يداه سلتان من ريحان وصدره وسادة النجوم والقمر وشعره أرجوحة للريح والقمر أما رأيتم شارداً مسافراً لا يحسن السفر! راح بلا زوادة، من يطعم الفتى إن جاع في طريقه؟ من يرحم الغريب؟ قلبي عليه من غوائل الدروب! قلبي عليك يا فتى.. يا ولداه! قولوا لها، يا ليل! يا نجوم! يا دروب! يا سحاب! قولوا لها: لن تحملي الجواب فالجرح فوق الدمع.. فوق الحزن والعذاب! لن تحملي.. لن تصبري كثيرا لأنه... لأنه مات، ولم يزل صغيراً! *** ** ويقول محمود درويش في قصيدة الموعد الأول: شدت على يدي ووشوشتني كلمتين أعز ما ملكته طوال يوم سنلتقي غداً ولفها الطريق حلقت ذقني مرتين أخذت ثوب صاحبي.. وليرتين لأشتري حلوى لها، وقهوة مع الحليب وحدي على المقعد والعاشقون يبسمون وخافقي يقول ونحن سوف نبتسم لعلها قادمة على الطريق لعلها سهت لعلها.. لعلها.. ولم تزل دقيقتان النصف بعد الرابعة النصف مر وساعة.. وساعتان وامتدت الظلال ولم تجئ من وعدت في النصف بعد الرابعة *** ** ويقول أيضاً: إنا نحبّ الورد، لكنّا نحبّ القمح أكثر ونحبّ عطر الورد، لكن السنابل منه أطهر فاحموا سنابلكم من الإعصار بالصدر المسمّر هاتوا السياج من الصدور.. من الصدور، فكيف يكسر؟؟ النار تلتهم الحقول الضارعات وأنت تسهر! اقبض على عنق السنابل مثلما عانقت خنجر! الأرض، والفلاح، والإصرار، قل لي: كيف تقهر.. هذي الأقاليم الثلاثة، كيف تقهر؟ *** ** وفي قصيدة بطاقة هوية يقول: سجل! أنا عربي ولون الشعر. فحميٌّ ولون العين.. بنيٌّ وميزاتي: على رأسي عقالٌ فوق كوفيّه وكفّي صلبةٌ كالصخر تخمش من يلامسها وعنواني: أنا من قريةٍ عزلاء منسيّه شوارعها بلا أسماء وكلّ رجالها في الحقل والمحجر فهل تغضب؟ سجّل أنا عربي سلبت كروم أجدادي وأرضاً كنت أفلحها أنا وجميع أولادي ولم تترك لنا.. ولكلّ أحفادي سوى هذي الصخور..