بكت عيني وحقّ لها البكاء.. وهل يُغني بُكاها والعويلُ وقلبي صار مجروحاً كسيراً.. على ماكان في زمني الطويل في يوم الثلاثاء (16-2-1433), رحلت تلك الغنيّة عن الناس.. الفقيرة إلى الله. رحلت بكل صفاء وبكل طهر.. رحلت جدتي (منيرة العميرة), وتركت لنا الديار خاوية, حزينة وكئيبة.. في كل الزوايا أراها, في وجه أبي وفي حزن عمي، وفي بكاء أمي.. رحلت ورافقتها تلك الفرحة التي كانت تسكن قلوبنا, وابتسامتها التي لا تفارق محياها.. لم يكن من السهل أن أنظر إليها كجسدٍ بلا روح، وأن ألتقيها بلا قُبلتها التي اعتدتُ أن تطبعها على كفّي.. وألا أسمع منها تلك الدعوات لي ولإخوتي، وأن أودعها بلا لقاء.. كم هي عظيمة تلك الجدة، أعياها المرض وأنهكها التعب، وكانت صابرة محتسبة.. كانت تقاوم بالذكر والاتكال على رب العباد.. كانت امرأة عابدة، صائمة، قائمة، ذاكرة لله آناء الليل وأطراف النهار، مافترَ لسانها يوماً عن ذكره.. ورغم فقدان بصرها كانت حافظة لكتابه، لم تنبش في عرض أحد يوماً.. وكأني أرى سجادتها أمامي الآن، وقد تمزقت مواطئ قدميها واهترأ موضع جبينها، فتقبّل الله منها.. لستُ بشاعرة لأكتب فيها المراثي، ولا أديبة.. لكني أدعو الله أن أكون «ابنة صالحة تدعو لها» لا أملك لها الا الدعاء.. اللهم ارحمها وجدي واغفر لهما ولجميع أموات المسلمين.. اللهم نوّر مرقدها وعطر مشهدها وطيّب مضجعها وآنس وحشتها اللهم إنها في ذمتك وحبل جوارك فقِها فتنة القبر وعذاب النار وأنت أهل الوفاء والحمد لله.. اللهم استقبلها عندك خالية من الذنوب والخطايا واستقبلها بمحض إرادتك وعفوك وأنت راضٍ عنها غير غضبان عليها.. برحمتك يا أرحم الراحمين.. سارة عبدالعزيز العباس