يعد المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية من المؤسسات والمراكز البحوثية العليا بفضل ميادين تخصصه وعلاقاته المتميزة مع الجامعات والمؤسسات ومراكز الأبحاث الوطنية والدولية التي تخول له توسعة نشاطاته الفكرية بصفة عامة، وهو يتطلع إلى المستقبل بطموح كبير يستند إلى ما تحقق من إنجازات رائدة كانت موضع الإشادة والتقدير في المغرب، وفي الفضاء المتوسطي وفي جميع أنحاء العالم حيث المركز يضم أكثر من ثلاثمائة باحث يمثلون 36 جنسية: وفي فترة وجيزة استطاع المركز بقيادة رئيسه الدكتور عبدالحق عزوزي أن يحقق بجدارة ثقافة النحل في الأداء والإنتاج والإبداع حيث أوجد منتديين سنويين: منتدى فاس حول الفضاء المتوسطي ومنتدى فاس حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي، جمعت ابتداء من سنة 2011 في منتدى واحد: منتدى فاس حول تحالف الحضارات والتنوعت الثقافي والشراكة الأورومتوسطية. وتجمع هذه المنتديات كتّاباً ومفكرين مرموقين من القارات الأربع ومن مشارب حضارية وثقافية مختلفة، فتجد فيهم عالم الدين ورجل السياسة ورجل الفكر والجامعي الأكاديمي والصحافي المتميز والدبلوماسي المحنك الذين يغنونا بأفكار وتجارب ذاتية، وجل المشاركين في منتديات فاس لهم معرفة تامة بجوانب الموضوع، ويستندون إلى دلائل واستشهادات تعزز موقف كل منهم، مستقاة من الأصول والفروع حتى لا تتداعى الخواطر وتنتقص المرتكزات الموضوعية، فهناك منهج واحد يفرض على كل المشاركين، هو الالتزام بالموضوعية حيث يتغاضى الباحث عن انطباعاته الذاتية وعن المعلومات الشائعة أو المشهورات التي تتداول في وسائل الإعلام باعتبارها حقائق أو مسلمات. وتعد الجامعة الأورومتوسطية المزمع إنشاؤها في مدينة فاس إحدى النقط الأساسية لإعلان منتدى فاس ليونيو 2008، وتمت المصادقة عليها بالإجماع من قبل وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط خلال المؤتمر المنعقد في مارسيليا في نوفمبر 2008، وتعتبر تكريسا للدور المتعدد الأبعاد الذي يضطلع به المركز بجهوده الذاتية وهذه المبادرة تتواجد في صلب اهتمامات العالم العربي والمتوسطي من حيث إنتاج نخب مؤهلة حاملة لقيم الحرية والديمقراطية وغيورة على جذورها وأصالتها ولها إمكانية مواجهة تحديات التغيرات المتسارعة التي تعيشها المنطقة العربية والمتوسطية، والتي يشكل الربيع العربي نتاجاً لها لا مناص منه. مركز دراسات الإستراتيجية والدولية وفي إطار الجهود الذاتية المستمرة على مدار العام التي يقوم بها المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية والدولية من أجل الدفاع عن المشاريع الكبرى كالمركب الثقافي الكبير لمدينة فاس، والجامعة الأورومتوسطية، ساهم المركز وبفعالية من خلال اتفاقيات الشراكة التي وقعها والعلاقات الهامة التي يتوفر عليها عالمياً، في وضع تصور لإنشاء هذه المشاريع وإبرازها وتنميتها، كما ساهم في إدراج هذه المشاريع في جدول أعال الهيئات الدولية ومنحها المشروعية المؤسساتية اللازمة لا سيما مشروع الجامعة الأورومتوسطية، وتجب الإشارة إلى أن مشروع هذه الجامعة، وتحت إشراف جلالة الملك محمد السادس تم اعتماده رسمياً من الاتحاد من أجل المتوسط إذ إن 43 دولة عضوة في الاتحاد من أجل المتوسط اعتمدت في اجتماعها بمدينة مرسيليا في نوفمبر 2008 وبالإجماع إنشاء هذه الجامعة بفاس. هذه الجامعة التي ستنشأ مستقبلاً عليها أن تستفيد من دعم عشرات الدول التي شاركت في اتخاذ القرار بشأنها، وهي ستقع في إحدى أشهر المدن وأعرقها والتي تتميز تاريخياًَ بتكريس التعليم العالي منذ القدم، وسوف تكون هذه الجامعة الأورومتوسطية بفاس قطباً ومركزاً للبحث والدراسة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها، والتي تطرحها ضرورة التعايش وتنمية الدول المحيطة بالبحر الأبيض المتوسط. الموقع الإلكتروني للمركز ونظراً لأهمية المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية على مستوى العالم فإن زوار موقع المركز على شبكة الإنترنت وفقاً لآخر إحصائية ينتمون إلى 115 دولة حول العالم وهو ما يمثل مؤشراً على المتابعة والأهمية التي يحتلها المركز وأعماله ومستوياته منذ إنشائه. تقييم الحراك الشعبي العربي وتأكيداً لدور المركز ولمنتداه السنوي العام فقد أوضح الدكتور عبدالحق عزوزي رئيس المركز أن المنتدى سيقوم بتتبع وتقييم نتائج الحراك الشعبي الذي بدأ من تونس وفتح النقاش حول الدور الذي يمكن لشباب العالم الاضطلاع به وذلك في إطار خارطة طريق حقيقة ومؤسساتية قابلة للرصد والتقيم من جميع الأوجه بقصد مباشرة الخطوات الضرورية. وأشار إلى أن المركز ارتأى استدعاء مختصين ومعنيين لتحديد دور الفاعلين لا سيما النخب السياسية الحاكمة وكذا القوى المعارضة والاستماع إلى وجهات نظرهم في إطار انفتاح المنتدى وتوجه العام لتثبيت التعددية والروح التشاركية التي ميزت خططه وبرامجه طيلة دوراته السابقة. وبين د. عزوزي أننا نبحث هذا العام التحولات السياسية الأخيرة التي شهدتها الدول العربية في إطار الربيع العربي. منتدى فاس الثامن وكان آخر منتدى أقامه المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية والدولية الذي عقد الشهر الماضي قد أوصى بضرورة فتح المحافل الفكرية لكل أطياف الشباب لتعميم الحوار في مجالات أخذ القرار وتهيئتهم للمسؤولية مؤكدين أهمية مشاركة هؤلاء الشباب في بناء الديمقراطية في مجتمعاتهم محذرين في الوقت نفسه من التحديات الاقتصادية التي يعيشها العالم العربي. وجاءت تلك التوصيات بعد عدة ندوات ونقاشات وورش عمل امتدت لأربعة أيام بحضور عدد من النخب الفكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والاجتماعية. حيث نظم المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية والجماعة الحضرية لفاس والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الدورة الثامنة لمنتدى فاس الثامن حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي والشراكة المتوسطية تحت عنوان «الشباب وتحديات العولمة». وقد تميزت هذه الدورة بمشاركة العديد من المختصين والأكاديميين والدبلوماسيين ورجال الفكر والسياسة والممارسين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعية المنتمين لبلدان مختلفة من القارة الإفريقية والعالم العربي وأوروبا وأمريكا والصين وكوريا الجنوبية، كما تميزت جلسات هذه الدورة بحضور عدد كبير من الشباب الذين ساهموا في النقاش على مدى أربعة أيام كانت غنية بالعطاء الفكري والنقد البناء. وقد استحضر المشاركون خلال هذا النقاش السياق السياسي والحراك الاجتماعي الجديد الذي تعيشه بعض البلدان العربية في الشرق وشمال المغرب العربي في ظل ما يسمى ب»الربيع العربي»، واعتباراً للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها هذه البلدان، ولا سيما التحديات التي تواجه الشباب على مستوى التشغيل وعدم ملاءمة منظومات التربية والتكوين لسوق العمل، ونظراً لكون هذه المشاكل التي يعيشها العالم العربي تعتبر قاسماً بين أغلب دول منطقة البحر المتوسط. فقد أكد المشاركون في المنتدى على أن بناء الديمقراطية هو مسلسل ممتد في الزمن يتطلب تنمية ثقافة التنافس السلمي على السلطة في إطار دولة الحق والقانوني وأن التغييرات التي يعيشها العالم العربي يمكن أن تشكل مناسبة مواتية لتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود إذا تم التجاوب معها بالشكل المطلوب وتوفير الشروط الضرورية لإقرار الديمقراطية بما تقتضيه من انفتاح سياسي وحرية في التعبير والرأي والتعددية السياسية وفصل السلطة وإشراك الشعوب في اتخاذ القرار بواسطة انتخابات حرة ونزيهة. وحذر المشاركون من أن التحديات الاقتصادية التي يعيشها العالم العربي قد تشكل تهديداً حقيقيا للانتقال الديمقراطي إذا لم تعالج بالسبل المناسبة في إطار إجماع وطني وتعبئة شعبية مبنية على قناعة راسخة بالثقافة الديمقراطية والتوزيع العادل للثروات والتناوب السلمي على السلطة. كما أشاد المشاركون بالتجربة المغربية في الانتقال الديمقراطي ويؤكدون على طابعها المتميز لكونها جاءت في سياق مسلسل بدأ منذ فترة طويلة من خلال إقرار التعددية الحزبية وتنظيم الانتخابات، كما يعتبرون أن صدور الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 يشكل استجابة فاقت مطالب الشارع المغربي كما عبرت عنها فئة من الشباب، وأن الانتخابات التشريعية الأخيرة شكلت محطة لتجذير الآليات الديمقراطية في المغرب بفضل الميثاق التعاقدي الذي وسم المجال السياسي المغربي. وأكد المشاركون على أهمية دون الشباب في تحقيق الانتقال الديمقراطي ويوصون بضرورة إصلاح منظومة التربية والتكوين بما يتلاءم مع سوق العمل من أجل تجاوز معضلة البطالة ويطالبون بإقرار سبل للتعاون بين دول البحر الأبيض المتوسط بالنظر لمصيرها المشترك. وأوصى المشاركون بحماية ودعم حرية التواصل عبر التقنيات الجديدة للإعلام والتواصل وعلى رأسها شبكة الإنترنت على أن تستخدم لأهداف بناء المجتمع وتبادل المعارف والخبرات في مختلف الميادين. مؤكدين على دور المجتمع المدني ولا سيما المنظمات والهيئات الشبابية في بناء التغيير السياسي والتطور المجتمعي في إطار الجمع بين التشبث بالهوية الوطنية والانتفاح الضروري على الغير مما يسمح باكتساب خبرات جديدة وتصورات وحلول ناجعة للتحديات المختلفة التي يواجهها الشباب، واعتبر المشاركون أن السبل السليمة كالإصلاحات الدستورية والسياسية في إطار مسلسل تشاركي بين الدولة ومختلف الفاعلين هي الطريق الأنجع لتحقيق الانتقال الديمقراطي الجيد الذي لا يخل بالتوازنات داخل المجتمع ويعمل على تجنب التفكك والانقسام الداخلي، مؤكدين على أن التعاون بين مختلف الدول يجب أن يشمل الميادين التي تحقق التقدم الاجتماعي وعلى رأسها التربية والتكوين واكتساب المهارات المهنية. ودعا المشاركون إلى التسريع في إنشاء الجامعة الأورومتوسطية في فاس بعد المصادقة عليها من كل دول المتوسط في نوفمبر 2008 بمرسيليا، وهي تعد نوعا من أنواع التعاون المشترك البناء بين الضفتين في سبيل تحقيق التنمية المستدامة وخلق التكوين المتخصص في مجالات لا غنى عنها في الفضاء المتوسطي وخلق تعاون مستمر بين كل دول المنطقة. مع ضرورة فتح المحافل الفكرية لكل أطياف الشباب لتعميم الحوار وإدماج الشباب في مجالات أخذ القرار وتهييئهم للمسؤولين موازاة مع ضرورة فتح المجال السياسي وتصالح الأحزاب معهم، وأجمع المشاركون على أن الأحزاب هي المؤسسات الوحيدة التي بإمكانها تحويل المطالب المجتمعية إلى مطالب سياسية، وبناء عليه فهي ملزمة وبالأخص في العالم العربي بإعادة خلق الثقة بينها وبين القواعد وفتح أبوابها لكل الشباب لتعميم المسؤولية والمواطنة وتهيئة الشباب لتقلد أمانة التسيير للشأن العام. وضرورة تقوية القشرة الحامية للدول عن طريق زرق الثقة بين الفرد والمؤسسات والفرد والأحزاب والفرد والدولة وبين الحاكم والمحكوم لتصل المجتمعات العربية إلى الأمان، مع ضرورة خلق الآليات الكفيلة في كل دولة لتحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة من التلوث وتصور مواثيق في كل دولة تعنى بالبيئة وهي مسؤولية وأمانة على عاتقنا لحماية الأجيال المقبلة. كما أوصى المنتدى بضرورة إنشاء المرصد العالمي للشباب والتنمية لأنهما العاملان المحددان للفترة الحالية والمقبلة في العالم بأسره وضرورة تكثيف الجهود والتعاون الشامل بين الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والازدهار وترسيخ أسس الأسرة الإنسانية الواحدة والبيت المجتمعي المشترك. حضور عالمي وكانت أعمال المنتدى الذي أنهى أعماله الشهر الماضي قد عقد بحضور كل من السيد عبدالحق عزوزي رئيس المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية الدكتور إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان الرباط، السيد شكيب بنموسي رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي والبيئي، السيد محمد الخمليشي الأمين العام المساعد جامعة الدول العربية السيد عبدالله بن محمد يوسف الشيباني الرئيس التنفيذي لوثيقة الولاء الإمارات العربية المتحدة، السيد خيمي كاما رئيس مجلس الجمهورية سابقا، البرتغالي، السيد إنيكو لاندابورو رئيس البعثة الأوروبية لدى المغرب، السيد خالد الناصر وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد سرجين ديوب الوسيط بالسنغال، وزير العدل سابقا، إسبانيا، السيدة جاي يون لي رئيسة المعهد الوطني للسياسة والشباب جمهورية كوريا الجنوبية وهو ما يعكس حجم المشاركة الدولية المتنوعة في هذا المنتدى. وقد عبر الجميع عن سعادتهم لأن هذا المنتدى يجمع بين دفتيه صفوة من المختصين من رجالات الدولة والفكر والسياسة والمجتمع المدني من قارات العالم لمناقشة مواضيع الساعة والخروج بتوصيات جريئة قادرة لتخرج البشرية من ظلمات التخلف والمشاكل المجتمعية والاقتصادية التي تعاني منها، والوصول بها إلى مدارج النمو والتطور والتقدم. واعتبر المتدخلون أن موضوع هذه السنة حول الشباب هو موضوع محوري يهم الدول العربية والعالم بأسره لأن الشباب فئة فاعلة أكثر من أي وقت مضى في التغييرات الجيوسياسية للعالم، كما عبر الجميع عن سعادتهم لكونهم وجدوا في حاور هذا المنتدى مواضيع متعلقة بالتنمية المستدامة والتربية والتعليم وإشراك شباب العالم في الحوار الذي دار خلال هذه الجلسات وطيلة أربعة أيام، وليقينهم الثابت أنها تعتبر الأدوات الكفيلة لتحقيق التنمية والتطور للشعوب، كما أكدوا جميعهم على أن تخصيص المنتدى لمواضيع تتعلق بالدستور المغربي الجديد في ظل الربيع العربي ستمكن جميع المشاركين والحضور من فهم جلي لهذا الاستثناء المغربي في محيطة المتوسطي. كما ذكر المنتدى أنه خلال منتديات فاس للسنوات الماضية تمت الدعوة باسم ممثلي المغرب بإنشاء جامعة أوروتوسطية بفاس، عاصمة الحضارة والثقافة العالمية وهي تحتفل بمرور اثني عشر سنة على إنشائها، أخذ هذا الاقتراح منحاه السريع وصادق على هذا المشروع الدول 43 العضوة في الاتحاد من أجل المتوسط بما فيها كل الدول الأوروبية. كما عبر السيد رئيس جهة فاس بولمان عن أمله في أن يرى هذا المشروع النور قريبا وهو مع المركب الثقافي الجديد لمدينة فاس وفاس تكنوفالي سيكون قاطرة سيلكونفالية لتحقيق الثورة المعرفي وخلق طريق سيار معرفي بدون تأشيرة بين دول المنطقة. زرع الثقة وقد أكد جميع المتدخلين وأبرزوا أن العالم اليوم يعيش أصعب فتراته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأن الشباب والتنمية عاملان لمعادلة واحدة ويجب أن يدمج الشباب في المحافل الفكرية والأحزاب وأماكن أخذ القرار، ويقتضي كل هذا زرع الثقة، وهو ما ذهب إليه رئيس المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية، الدكتور عبدالحق عزوزي، لأن على الجميع أن يعمل في إطار المؤسسات وفي إطار الدولة الأم ومحاولة الإصلاح من الداخل بعقلية جديدة وبأفكار متنورة جديرة بالمحافظة على القشرة الحساسة الحامية لهبة الدولة ولمبدأ ديمومة المؤسسات ويمكن أن نستحضر تجربة العراق عندما قامت القوات الأمريكية بحل القوات العسكرية والبوليسية العراقية بعد سقوط نظام صدام كيف تفككت الدولة العراقية في رمشة عين وأصبحت الدولة ولسنوات مرتعا للتناحر بين الطوائف والملل، فكل التجارب السياسية والديمقراطية التي مرت منها دول أوروبا الغربية والشرقية وأمريكا اللاتينية كانت صعبة وشاقة، ولكن محدد النجاح أو الفشل هو الثقة، الذي يجب أن يغرس ويسقى بماء الذهب في المجتمع وبين الأحزاب وبين المؤسسات بل وبين الأفراد وحاملي لواء تسيير الدولة وأجهزتها ولأنه إذا تقوى الشك وانعدمت الثقة بين الفرد والدولة وبين الفرد والمجتمع عمت الفوضى وتلاشت الفضائل السياسية في المجتمع دفعة واحدة، فلا الفرد يثق في الحزب ولا الحزب يثق في الأحزاب الأخرى ولا المؤسسات، فينغمس المجتمع في القيل والقال ويغرق في بحر الهم والجدال ويبعد رجالات الدولة والأكفاء عن المشاركة في ظل من عز الدولة التي تبخرت ويهترئ النسيج الداخلي الماسك لمقومات الأمن والاستقرار والميسر لقواعد التنمية المستدامة والحكامة الجيدة ويضيع الوقت الثمين في بناء المؤسسات وتعميم الأمن والاستقرار، ويضيف د. عبدالحق عزوزي: أن دولاً كمصر وتونس وغيرهما ينبغي على الفاعلين السياسيين فيها حسن الظن بالمؤسسات والأفراد وطي صفحة الماضي وترك زرع بذور الشك المستمر في أذهان الناس وعقولهم احتياطا من الريبة والسخط وأمارات التوتر والنفور بل الوصول إلى حد التقاتل المشين كما وقع مؤخراً بين الأقباط والمسلمين في مصر، كما سمعا ترتيلاً سيئا ولكن مدويا بين بعض الأحزاب التي تقول إن الشعب يريدها وأنها هي التي ستحصل على أغلبية الأصوات، وإذا لم تحصل عليها فإن أنياب وزارة الداخلية القديمة ما زالت حاضرة وأن شيئا لم يغير، فهذا مخالف لأدنى شروط العقل والتعقل ومورث للريبة والشك داخل المجتمع ومقوض لأسس تجذير الديمقراطية داخل المجتمع، وتصبح قشرة الدولة الحامية مفقودة وسورة الغلب من الكاسر ممنوعة وشارة الغلب معدودة فترتفع وثيرة المنازعة داخل المجتمع وينتبذ الناس الساسة وأتباعهم، وعجبا أن الناس نسيت أو تناست ما جاء في الحديث الصحيح «خصلتان ليس فوقهما شيء من الخير: حسن الظن بالله، وحسن الظن بعباد الله وخصلتان ليس فوقهما شيء من الشر: سوء الظن بالله وسوء الظن بعباد الله». ثم إن مبدأ الثقة ليس حصراً على الدول العربية، بل بالإمكان استحضار ما يقع في الفضاء الأوروبي من ثورة شعبية على حكام انتخبوا بطريقة ديمقراطية ولكن ذلك لم يغنهم في شيء لأن مبدأ الثقة فقد بينهم وبين منتخبيهم بسبب عدم قدرتهم على تسيير الاقتصاد الوطني ومحاربة البطالة وإيجاد مناصب العمل والحد من المديونية. من جهته قال السيد شكيب بنموسي إن التحولات الجارية وتلك التي ترسم في الأفق تفرض أيضا البحث عن أشكال جديدة للحكامة والديمقراطية، فإزاء اقتصاد للسوق يتسم بالتعقيد المتزايد للمشاكل، لا ينبغي الاكتفاء بتحويل حكامة الدولة، بل إن هناك حاجة لمجتمع أكثر كثافة، يتكون من تعددية للمؤسسات الموجودة خارج تبعية الدولة (الجامعات، مؤسسات البحث، المؤسسات، المنظمات المهنية، أو النقابات..) ذلك أن من شأن هذا النسيج لمنظمات المجتمع المدني أن يساعد على تطوير روابط جديدة للتضامن وروابط ثقافية جديدة على النحو الذي يجعل منها خزاناً للأفكار ومحركاً للمؤسسات الرسمية. وحسب المتدخلين فإن نجاح الإصلاحات الجارية في حاجة إلى الوقت لأنها لن تحقق إلا على المدن البعيد، فهي تتطلب انخراطا قويا للشباب والمجتمع المدني الذي ينبغي له أن يجد أشكالاً للتعبئة واليقظة الأكثر ملاءمة للمرحلة الجديدة إلى جانب قنوات المشاركة في إعداد وتفعيل ومراقبة وتقييم السياسات العمومية، كما أن وزن ومصداقية هذه الحركات للمجتمع المدني تمر أيضاً عبر احترام استقلالها إزاء السلطات العمومية مثلما هو الحال إزاء العناصر الأكثر تطرفا على حد سواء، ولكي يسمع صوته، ولكي يسمع صوته، فإن المجتمع المدني في حاجة بالنسبة لكل دولة إلى تنسيق عمله وتقوية قدراته وتطبيقه هو نفسه لقواعد الحكامة والاستقلال، إنه في حاجة على مستوى الجهة إلى تأسيس شبكة تمثيلية ذات مصداقية قادرة على التحرك بشك منسق على مستوى بعض الهيئات الجهوية أو العالمية. مركز البحوث العليا وقد حيا جميع المتدخلين المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية منظم المنتدى حيث يعتبر المركز من المؤسسات والمراكز البحوثية العليا بفضل ميادين تخصصة وعلاقاته المتميزة مع الجامعات والمؤسسات ومراكز الأبحاث الوطنية والدولية التي تخول له توسعة نشاطاته الفكرية بصفة عامة.