البداية الجيدة التي استهل به عمل رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ينبئ بأن الهيئة مقدمة على تفعيل عملها بما يتناسب مع المهام الموكلة إليها مع ضبط هذا العمل وفق الضوابط الشرعية والأنظمة الحكومية التي تحدد مهام وعمل الأجهزة الحكومية التي تدار وفق أنظمة وضوابط يلتزم بها الجميع ولهذا فإن وقف عمل ما كان يسمى ب(المتعاون) مع الهيئة يعد أولى خطوات الانضباط وحصر عمل الهيئة بمنتسبيها الذين يعرفون ما لهم وما عليهم، فالمتعاونون السابقون الذين تدفع بعضهم غيرتهم وحماسهم على القيام بأعمال ليست من مهام ومسؤوليات الهيئة والتي كثيراً ما أحرجت المسؤولين في الهيئة لأنها تتداخل مع مهام أجهزة أخرى والتي بقدر ما تربك عمل تلك الأجهزة وتضيق على المواطنين، تربك عمل الهيئة وتصورها وكأنها تعمل دون ضوابط وأفرادها غير محكومين بالأنظمة ولهذا فإن وقف هذا النوع من العمل والذي كان يتيح للبعض الادعاء بالانتماء إلى جهاز الهيئة من خلال الزعم بأنه يتعاون مع الهيئة والذي قد يكون مدفوعاً باجتهادات ليست بالضرورة صحيحة، وهذا الاندفاع يجعل ذلك المتعاون إن كان صادقاً أو يهدف من وراء ذلك تحقيق أهداف شخصية تكون بالمجمل عبئاً على جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكثيراً ما أوقع الهيئة ومسؤوليها في حرج كبير، ولذا فإن وقف هذا النوع من الاجتهاد الذي لا يخدم الهدف هو عين الحكمة والصواب ويجعل الأمر محصوراً بجهاز الهيئة الذي بقدر ما يحتاج إلى تعاون وثقة المواطنين فإن الجهاز وأفراده مطالبون ببناء جسور من الثقة والمحبة بينهم وبين المجتمع الذي يثق أغلبيته بأهمية دور الهيئة بكونها صمام أمان وضرورة يطلبها الجميع، وهذا الهدف والمطلب الذي يؤمن به أغلب أفراد المجتمع يتعزز أكثر إن حرص أعضاء الجهاز وخاصة العاملون في الميدان على حسن التعامل والرأفة مع الجميع، بحيث يظهر أعضاء الهيئة أصدقاء للمواطنين وناصحين وموجهين وليس متصيدي أخطاء حتى يتمكنوا من بناء علاقة مودة تلغي كل تراكمات وأخطاء الماضي التي شابها كثير من الأخطاء غير المقصودة والتي صدرت من أفراد لم يعوا ولم يتفهموا الدور والبعد الشرعي والأخلاقي والفلسفي لوجود مثل هذا الجهاز الذي يعد بحق أهم العناوين للدولة الإسلامية الملتزمة.