تتمثّل أكبر مشاكل قطاع البيع بالتجزئة اليوم في إهمال الإدارة العليا في العديد من الشركات أهم وأبرز عملٍ لديها ألا وهو إدارة عملية تصنيف ما يبيعونه من سلع وخدمات. والأدلّة على ذلك في كل مكان، نذكر منها على سبيل المثال متجر من متاجر «وولمرت» (Wal-Mart) يمتدّ على مساحة 70 ألف قدم مربع في مدينة مكسيكو ويخزّن 50 وحدة تخزين مختلفة من ورق التواليت. وأحد متاجر السوبرماركت في هامبورغ الذي يبيع 30 صنفاً تقريباً من اللبن ويهمل تخزين تشكيلة أنواع اللبن التي تحتوي على نسبة 10% من الكريما والتي يفضلها العديد من عملائه الأكثر تمييزاً من حيث الذوق. وفي إطار بيئة مبيعات التجزئة هذه، قد يطرح أي متسوّق على نفسه السؤال التالي: «هل هذا هو المكان الملائم بالنسبة إلي؟». وكبائعين بالتجزئة، يجب أن تكونوا على ثقة من أنّ الإجابة ستكون نعم – وهذا يعني بأن تسألوا مدراءكم أولاً عن السبب الذي يحدوا بعملائكم على التسوّق هنا وأن تكونوا واضحين بشأن استراتيجية أعمالكم وكيف يمكنكم ترجمتها ضمن جناح المتجر الذي يقع ضمن مسؤوليتكم. اتخذوا قراراً بشأن النوع الذي سيكون عليه متجركم والنوع الذي لن يكون عليه، ولا تقترفوا خطأ محاولة التوصل إلى المستوى المتوسط – فعندئذٍ لن يرضي متجركم أحداً. ومن ثم، تذكروا الحقيقة الأساسية التي تربو عليها شركتكم: التجزئة هي التفصيل. وبعدها اطرحوا مجموعة الأسئلة التالية حول كيفية انعكاس تصنيف منتجاتكم على مفهومكم الإجمالي، وإلى ذلك من الأسئلة. والأهم ألا تدعوا الأمر للحواسيب. فالعديد من شركات البيع بالتجزئة يعتقد بأنّ تحليل حواسيبهم لبيانات نقاط البيع قد يعطي كافة الإجابات، مع العلم أنّ فهم المشهد الأكبر يتطلب منا استخدام عقولنا والتحدث إلى زملائنا أولاً ومن ثم تشغيل أصدقائنا الرقميين. واعلموا أيضاً أنّ الأبحاث السوقية لن تفيدكم سوى بالقدر نفسه. فأجمل ما في خدمات البيع بالتجزئة يتمثل في كون المدراء هم أيضاً عملاء. وعليه، اطلبوا منهم أن يثقوا بحدسهم بشأن المؤشرات التي قد يتلقاها المستهلكون من التصنيفات المختلفة. وفي النهاية، لا تتركوا أمر إدارة تصنيف منتجكم للمزوّدين. فقد يكونوا حذقين وقادرين جداً على تحليل البيانات، ولكن في نهاية المطاف، استراتيجيتهم لا تخصكم.والجدير ذكره أنّ النجاح في قطاع البيع بالتجزئة يعني التصرف بشكل جيد في إطار أبعادٍ عديدةٍ نذكر منها الخدمات والتسعير والتسويق واختيار المواقع، لكن يبقى للتصنيف المكانة الأولى. ويجد العديد من عملاء متاجر التجزئة أنفسهم يسألون السؤال نفسه ألا وهو «لم يجدر بنا التسوق هنا؟» والدليل الأكبر على وقوع الشركة في مأزقٍ خطيرٍ هو عدم تمكن مدراء الشركة أنفسهم من الإجابة عن هذا السؤال. (ديتير برانديس هو مدير سابق في «أيه أل دي أي» (ALDI) ومؤلف كتاب «Bare Essentials: The ALDI Way of Retailing›› أو «النقاط الأساسية المجردة: طريقة «أيه أل دي أي» للقيام بأعمال التجزئة». وقد شارك نيلز برانديس في تأسيس معهد «انستيتيوت أوف سمبليسيتي» (Institute of Simplicity) الاستشاري الذي يساعد الشركات على إدارة التعقيدات عن طريق اللجوء بشكل أساسي إلى نموذج «أيه أل دي أي».)