قال الله تعالى وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12) سورة الحجرات. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقل خيراً، أو ليصمت) متفق عليه. والشعراء الشعبيون بفطرتهم الإسلامية السوية على مر تاريخ الشعر الشعبي وباختلاف أجيال شعرائه كانت قصائدهم تحارب هذا الداء السلوكي الاجتماعي البغيض، الذي طالما خلق البغضاء، والفرقة والأحقاد، ولم يحرِّمه الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ورسوله صلى الله عليه وسلم في أحاديثه الشريفة وهما المصدر الأول والمصدر الثاني للتشريع إلا لسوء هذا النهج من التعاطي مع الجميع في التعامل وتبعاته اللامتناهية السوء، كما أن القيمة، والشيمه، والرجوله الحقة، والكرامة، واحترام المرء لنفسه، كل منها على حدة تحول بين المرء وهذا السلوك البغيض لأنه (ديدن الجبناء الذين لا يستطيعون مواجهة الآخرين) بكل شجاعة ترفع رأس صاحبها عالياً طالما أنه على حق. يقول الشاعر الشريف بركات وهو من شعراء أواخر القرن العاشر، وأوائل الحادي عشر في وصيته لابنه مالك: هرج النميمه والقفا لا يجي فيك وإياّك عرض الغافل إيَّاك وإيَّاك تبدي حديث للملا فيه تشكيك وتهيم عند الناس بالكذب واشراك وقال الشاعر عبدالله بن ربيعة المتوفي عام 1273ه في قصيدة مطلعها: خذ ما تراه وخل عنك التماني يا قلب ياللي لك عن الرشد شاطون إلى أن قال: زانت (لبو وجهين) في ذا الزماني وأشوفها راحت على كل مأمون وقال الشاعر محمد العبدالله القاضي المتوفى سنة 1284ه: من شاف عيب الناس بالعين معلوم مغرا وعن عيبه عما العين عامي هيهات من يسلم من الشوم واللوم رضا الناس فيها غايةٍ ما ترامي (ما ذكر مخلوقٍ عن العيب معصوم إلاّ الذي ظلل عليه الغمامي) ومنها قوله: إياك وعرض الغافل الغر مذموم احلم على الجاهل ورد السلامي (والبحث يظهر مضمرٍ فيك مكتوم وعند الجدال يبين خافي العلامي) وقال الأمير الشاعر خالد الفيصل موثقاً بالشعر موقفاً مشرفاً للأمير سعد بن خالد بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله: بيّض الله وجه ابن عمي سعد ما قبل من ساقط المذهب كلام ما رضَى بي وانبرى ساعة قعد وانتفض عرق السعودي به وشام ما حسب للّي مضى واللي بعد من حرارٍ ما تروم إلاّ السّنام ماهبا والاّ سكت وإلاّ ابتعد كل رجلٍ بالمواقف له مقام وقال الشاعر بدر الحويفي: يا رجل ياللي في غيابي تكلمّت علمك على بالي ورمزك فهمته ياللي بحجه مستحيله توهمت حولت حظك وسط بير وهدمته سيلك تدفّق من شفاك وتخرّمت ليتك عن اللي ما استحقه ردمته ومنها قوله: وإن ضعت مع طيش الطواري وهايمت بركت للحق المصيب وغرمته غادي وخيّل لك خيالك ورهّمت وسم الحنش لو تلحسه ما جغمته غروك ناسٍ من نسمهم تسمّمت واللي عطى الله لو تبي ما حرمته ويقول الشاعر فهد المساعد: يا صاحبي لا تجي وتقول لي قالوا لو قلت.. ما قلت غير الله يجازيهم لا شفت بعض الأوادم للردى مالوا نفضتهم من عيوني قبل أخلّيهم يكفيني القدر نلته يوم ما نالوا الا.. أو أقول.. ما ابغى أجيب طاريهم ما أقول غير انت لامن حطّوا وشالوا تعوّذ برحمة الله من أساميهم وذكّرهم أن العمار إن طالت وطالوا الخالد الذكر.. والا الموت قافيهم ويقول الشاعر سعد بن جدلان الأكلبي: يالله يا حامل مفاتيح الأرزاق المعتني في رزق نفسٍ خلقّها إلى أن قال: واغسل قلوب أهل التباغض والأشقاق وهوّن مكاربها وريّح شفقها سبّة أمروجة النمايم بالأسواق اللي ما يملا الناس غيضٍ شلقها خذ النزاهه من وراء الغايب أسباق وأن قابله وهو علاها صفقها وقام يتمذلق قدم وجهك تمذلاق وألا نشد في جنب غيره لصقها مطيّته مطواع تحدا وتنساق وتركب عرو وأن شد حمله وسقها ومعمرٍ روضة تسالي له أرفاق ترفع كباريها وتحفر نفقها سبّاية الغرّات قطّاعة الساق أعراض خلق الله لا غابت هَتَقها وعشّيق للروضه ومغرم ومشتاق بئس العشيق وبئس باللي عشقها ما يفتهم لا التفت الساق بالساق وتقسّمت الأرزاق والله فرقها أحدٍ يقدم له حميماً وغسّاق واحدٍ بروضة سلسبيل وغدقها ما قالها قايل للأبواب طقّاق لا صكّت أبواب العرب ما طرقها من قاد للعالم مقانيص وسباق ثارت شوازنها وهدّت سلقها