الأحداث التي مرت بنا عام (2011م) تتجاوز حدود المعقول.. إنها ضرب من ضروب الخيال.. فما الجديد الذي دفع الأحداث إلى هذه الوجهة.. وما الذي تغير في قواعد اللعبة؟.. أعتقد أننا سوف نتفق على ثلاث قواعد تغيرت فتغيرت معها اللعبة واللاعبون: 1- انفتاح الفضاء نتيجة لثورة الاتصالات وأصبح التحكم فيه مستحيلاً.. فهدم هذا الانفتاح عموداً مهماً في سيطرة الحكومات على الشعوب.. وحَدَّ من قدرتها على تشكيل ثقافتها.. فلئن كان «غوبلز» قد استطاع إبان الحرب العالمية الثانية أن يسلب عقول الألمان بصرخته الشهيرة في خطبه الحماسية: لا يهم كم من الألمان يموتون في سبيل الرايخ الثالث المهم أن ينتصر الرايخ.. فتهب الجموع هبة رجل واحد بصوت واحد وانفعال متأجج مؤكدة رغبتها في افتداء الرايخ الثالث!.. فإننا نجد أن انفتاح الفضاء ضيق الفرصة أمام كل زعيم مُفَوَّه أن يؤثر في الجموع. أتاح انفتاح الفضاء للعقول أن تسمع وجهات نظر مختلفة وقناعات أخرى ومنطقاً وتحليلاً ومعلومة جديدة.. فاخترق بذلك أحد الأسوار الحصينة التي كانت تمثل أهم عناصر السيادة والتحكم والتوجيه.. وزاد هذا الانفتاح من حصة وسائل الاتصال في تشكيل المنظومة الثقافية وما يترتب على ذلك من مواقف وميول واتجاهات وبالتالي من سلوكيات. 2- منظمة التجارة العالمية التي أصبحت حقيقة وخلقت قواعد جديدة للعبة.. سوف تنحسر بسببها سيطرة الحكومات على اقتصاديات الشعوب.. وترخي من قبضة الحكم الشمولي بإدخال الشعوب كلها ضمن منظومة عالمية.. ورغم أنه يجري حالياً تشويهها من قبل الخائفين منها.. فالعولمة تواجه حرباً.. تماماً كما واجه الدعاة والمصلحون الحرب في كافة المجتمعات الإنسانية التي نشطوا فيها في بدايات دعواتهم.. إلا أنها سوف تنتصر في النهاية.. وهذا بحد ذاته سوف يغير معظم قواعد اللعبة إن لم يكن كلها. 3- الديمقراطية وما تعنيه من مشاركة سياسية.. فالفرد في العالم كله صار يدرك ويفهم حقوقه وواجباته أكثر بكثير عن ذي قبل.. إضافة إلى أن المشاركة الشعبية في صنع القرار صارت القاعدة الأولى والهامة من القواعد الجديدة للعبة. السؤال الآن: كيف ستفهم الشعوب والحكومات قواعد اللعبة الجديدة؟.. ومن الذي سوف يستجيب لها طواعية ومن الذي سوف يعترضها؟.. مجرد سؤال.