كتبت الاسبوع الماضي أن « إيران قد تخدم دول الخليج من حيث أرادت الإضرار بهم، فالتهديدات الحالية تزيد من أسعار النفط في الأسواق ما يعني مزيدا من الدخل، إضافة إلى ذلك فدول الخليج باتت المرشحة لتعويض أي نقص في الأمدادات النفطية وهذا سيساعدها في ضخ مزيدا من النفط إلى الأسواق العالمية»؛ وزير النفط السعودي، المهندس علي النعيمي؛ صرح بأن التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ساهمت في رفع اسعار النفط في السوق العالمية بمقدار 4 دولارات للبرميل؛ وأضاف؛ « أن المملكة لديها قدرة إنتاجية نفطية عالية تصل إلى 12.5 مليون برميل في اليوم»؛ وكالة «رويترز» نقلت عن مصدر سعودي لم تسمه، قوله؛ « أن المملكة مستعدة لسد أي فجوة في الامدادات بسوق النفط إذا استدعى الأمر» وهذا ما توقعناه سابقا. التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز لم تثني دول الإتحاد الأوربي من إمضاء إتفاقها المبدئي لحظر استيراد النفط الإيراني، والمتوقع التوقيع عليه رسميا نهاية الشهر الحالي؛ ولم تمنع الرئيس باراك أوباما من تشديد العقوبات على البنك المركزي الإيراني. الولاياتالمتحدة الأميركية، ومن خلال عقوباتها الأخيرة على البنك المركزي الإيراني، حدت من قدرة إيران على بيع النفط في الأسواق العالمية وتحصيل ثمنه بالعملات الصعبة؛ تسعى واشنطن إلى حرمان إيران من عائدات النفط التي يتم تحصيلها عن طريق البنك المركزي، وتسعى أيضا، من خلال عقوباتها الإقتصادية الصارمة، إلى ممارسة الضغط على الشركات الأجنبية لمنعها من التعامل التجاري مع إيران. عدم قدرة البنك المركزي على تحصيل العملات الصعبة يزيد من أوجاع الإقتصاد الإيراني، ويشل حركته، ويؤدي إلى ضعف العملة المحلية. المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية «رامين مهمان باراست» أشار في مؤتمر صحفي إلى أن «العقوبات الأميركية الجديدة لم تطبق بعد» محاولة منه للفصل بين تدهور العملة الإيرانية والعقوبات الإقتصادية!؛ محافظ البنك المركزي الإيراني «محمود بهمني» قال إن « التقلبات في سوق الصرف الأجنبي هي حرب نفسية يشنها أعداء إيران»؛ وأضاف «يحاول البنك المركزي استخدام أدوات مالية ونقدية جذابة لتشجيع الناس على ادخار أموالهم في البنوك»؛ لن ينجح البنك المركزي في حمل الناس على إيداع أموالهم في البنوك مع تهاوي سعر العملة المحلية، فشراء الحاجات الضرورية بات مقدما عل الإدخار، خاصة مع ارتفاع أسعار السلع بما يقرب من 40 في المائة في فترة زمنية محدودة. إيران تواجه شللا إقتصاديا يوشك أن يُفجرها من الداخل؛ فانهيار العملة المحلية يعني بداية الثورة الشعبية؛ الشعارات السياسية والتهديدات الجوفاء، لن توفر المأكل والمشرب والملبس للشعب الإيراني الذي بدأ في التململ لأسباب اقتصادية صرفة. إنهيار العملة الإيرانية لم يصل القاع بعد، على أساس إمتلاك السلطات الإيرانية لمخزون نقدي قد يساعدها في تسيير أمورها لثلاثة اشهر قادمة، إلا أن توفير إحتياجات دولة كإيران يستدعي تدفقا أكبر للعملات الصعبة، وهو أمر يصعب تحقيقه مع وجود العقوبات الصارمة على البنك المركزي الإيراني. ما تواجهه إيران في الداخل سينعكس قطعا على نشاطها الخارجي وعلاقتها بالجماعات الإرهابية في الخليج. لم يعد لإيران خيارات مالية تعينها على الإستمرار في نهجها الحالي بدعم وتمويل جماعات التخريب؛ ما يعني إمكانية تعرض الجماعات الموالية لها من شح التمويل، وضعف التوجيه؛ إلا أن تقوم بعض الجماعات الخليجية (الموالية) ذات الملاءة العالية بتعويض نقص الإمدادات المالية محليا!. مع بداية الثورة السورية، وشح السيولة وإنخفاض الليرة السورية، قام مجموعة من تجار دولة خليجية؛ ممن بزغ نجمهم فجأة في عالم المال والأعمال؛ بزيارة سوريا وتقديم أموال ضخمة لمساعدتها على قمع الثورة؛ الأكيد أن هؤلاء غير قادرين على توفير المال الكافي لتعويض نقص العملات الصعبة في إيران؛ إلا أنهم قد يعوضون نقص التمويل الإيراني لجماعات التخريب في الخليج، ومن هنا فمن الواجب التركيز على التناقلات المالية في المنطقة، وتشديد الرقابة الداخلية في جميع الدول الخليجية، على اساس أن السلاح الأكثر طلبا لجماعات التخريب، هو المال، ولا شيء غير ذلك. إيران تواجه إعصارا إقتصاديا قد يفجرها من الداخل؛ والأكيد أن شظيا الإنفجار لن تبقى في محيطها الجغرافي وهو ما يفرض على دول الخليج وضع خطط التحوط والمواجهة لإنعكاسات الزلزال الإيراني المتوقع حدوثه قريبا.