وصفت الخارجية الأميركية التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية بأنها «غير عقلانية»؛ رد الفعل الأميركي كان أكثر عقلانية من الجعجة الإيرانية التي يبدو أنها رسمت خارطة طريق النهاية لملالي إيران. إيران لم تعد تميز بين إغلاق أزقة دولة خليجية كالبحرين، و التهديد بإغلاق مضيق دولي يمر من خلاله خُمس صادرات النفط العالمية. المتحدث باسم البنتاجون الكابتن «جون كيربي» أشار إلى أن محاولات تصعيد التوتر في هذا الجزء من العالم تأتي بنتائج عكسية؛ وقال: « من جانبنا نشعر بالارتياح لأن لدينا بالمنطقة الإمكانات الكافية لتنفيذ التزاماتنا تجاه أصدقائنا وشركائنا بالإضافة إلى المجتمع الدولي». ردود الأفعال الأميركية الأولية ربما ابتعدت عن الحدة اللفظية، إلا أنها ركزت كثيرا على الالتزام التام بأمن المضيق والمنطقة؛ بعض التصريحات العسكرية لم تخلو من الحزم؛ فوزارة الدفاع الأميركية صرحت بأن إغلاق المضيق هو بمثابة «إعلان حرب»؛ وأي تعطيل لحركة المرور في المضيق «لن يُسمح به أبدا». من الناحية العملية، أجزم بأن إيران لا تمتلك القدرة على إغلاق المضيق الذي يبلغ اتساعه، عند أضيق نقطة، ما يقرب من 34 كيلومتر، ولعلها تكون أكثر قدرة على زرع الألغام، ومناوشة ناقلات النفط كما فعلت من قبل في حرب الخليج، أو ما عرف في حينه ب «حرب الناقلات»؛ أما الإغلاق الدائم فهو أمر يفوق قُدرة إيران، وأمنياتها!. إيران استبقت عقوبات دولية متوقع تطبيقها على صادراتها النفطية، وهددت بإغلاق المضيق، وهو تحوط إيراني غير محسوب ربما جاء بنتائج عكسية؛ الاتحاد الأوربي يدرس جديا إمكانية فرض حظر على صادرات إيران النفطية، في الوقت الذي يُتوقع فيه قيام الرئيس الأميركي «باراك أوباما» بفرض قيودا إضافية؛ أكثر تشددا؛ على البنك المركزي الإيراني. العقوبات الاقتصادية، والمالية، والنفطية شلت حركت إيران، وألحقت بها أضرارا فادحة من المتوقع أن تتصاعد نتائجها القاسية خلال النصف الثاني من العام 2012 ما قد يؤثر سلبا في الاستقرار الداخلي، وقدرة ملالي إيران على الاستمرار في الحكم. الربيع العربي الذي صفقت له السلطات الصفوية يوشك أن يمتد إلى العمق الإيراني لأسباب اقتصادية صرفة. تحول الخيار الأميركي من الضربة العسكرية إلى الضربة «الاقتصادية» ربما كان أكثر ملاءمة لظروف المنطقة، وأمن الخليج. استشعار إيران للخطر الاقتصادي المُدمر دفعها لإطلاق رسائل التهديد في كل الاتجاهات. وزير النفط الإيراني «رستم قاسمي» حذر من أن سعر برميل النفط سيتجاوز مائتي دولار إذا طبقت عقوبات غربية على صادرات إيران النفطية؛ وأضاف «ستدفع الأسواق الدولية ثمنا غاليا». دول الخليج تعهدت بتعويض النقص الطارئ في أسواق النفط العالمية، وهي قادرة دون شك على فعل ذلك، خاصة السعودية والإمارات اللتين تمتلكان طاقة إنتاجية فائضة تُمكنهما من سد النقص الطارئ في الأسواق. إيران هي من ستدفع الثمن الغالي ولا شك!؛ إيران قد تخدم دول الخليج من حيث أرادت الإضرار بهم، فالتهديدات الحالية تزيد من أسعار النفط في الأسواق ما يعني مزيدا من الدخل، إضافة إلى ذلك فدول الخليج باتت المرشحة لتعويض أي نقص في الإمدادات النفطية وهذا سيساعدها في ضخ مزيدا من النفط إلى الأسواق العالمية؛ زيادة حجم الإنتاج يعني مزيدا من الإيرادات النفطية لدول الخليج. إيران، كسبت عداء المجتمع الدولي المتضرر الأول من تهديداتها الأخيرة بإغلاق المضيق، فأصبحت في مواجهة مباشرة مع الغرب، ومعرضة لإجراءات عسكرية خطيرة. غرور إيران، وصلفها سيقودانها إلى حافة الهاوية، وسيتسببان في التعجيل برحيل الملالي الذين هددوا أمن منطقة الخليج، وتسببوا في تشتت الدول العربية، وزرعوا الفتنة الطائفية بين شعوبها، وأضروا بمصالح الشعب الإيراني، وشعوب العالم. إيران قد تمارس عبثها في المنطقة، إلا أنها تعلم حجم إمكانياتها العسكرية في مقابل آلة الحرب الغربية، ولعلها تعي قوة الأسطول الأميركي الخامس الضاربة، وحاملة الطائرات، والغواصات النووية القادرة على إصطياد أهدافها داخل إيران وخارجها بدقة وسهولة؛ لذا فمن المستبعد أن تنفذ إيران تهديداتها الأخيرة، عوضا عن أن تهدد أمن السفن الغربية في الخليج؛ وبدلا من ذلك، ربما استهدفت إيران أمن دول الخليج، للإضرار بها، و لإحداث التأثير الأكبر في صادرات النفط العالمية، من خلال خلاياها النائمة في المنطقة، فالأضرار الاقتصادية والمالية والأمنية المتوقع حدوثها في إيران، كنتيجة مباشرة للعقوبات الدولية المفروضة عليها قد تفقدها ما تبقى لها من عقل وتدفعها نحو تنفيذ خططها التخريبية في دول المنطقة، وهو ما يستدعي أخذ الحيطة والحذر، من قبل دول الخليج والعمل يدا واحدة لمواجهة الخطر الإيراني والأخطار الأخرى التي تسعى الدول الغربية إلى خلقها من خلال ضرب إيران واستعدائها على دول المنطقة.