سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة.. المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. اطلعت على ما كتبه الدكتور جاسر الحربش يوم الاثنين 8-2-1432ه عن مشكلة البطالة، وقوله إن العاطل يرى الملايين من غير أبناء بلده يحتلون أماكن الرزق، ويتحكمون بالدكاكين والورش ومراكز الخدمات، ويلبسون أحسن مما يلبس، ويأكلون أفضل مما يأكل؛ فيتصاعد شعوره بفقدان الكرامة أضعافاً مضاعفة. وقوله: يوجد (حاجة غلط) حول توزيع فرص العمل والكسب الشريف. وأقول: إن التستر الحاصل هو الذي أفضى إلى السلبيات، التي أهمها وعلى رأسها البطالة، التي تفشت وتزداد معدلاتها عاماً بعد عام، حتى أن بعض البيوت لديها اثنان أو ثلاثة أفراد من دون عمل، وكلما فكروا في مشروع إذا بالأجنبي قد امتطى صهوته، ويحوِّل المليارات نتيجة للتجارة غير النظامية، وهي تذهب بلا رجعة، ولو لم تخرج لما وجد الفقر والجوع، وبقي (سمننا في دقيقنا). ومن نتائجه هجرة المزارعين مزارعهم والرعاة مواشيهم؛ لأنها أصبحت لا تجدي بسبب مزاحمة المزارع الأجنبي ومربِّي الأغنام الأجانب حتى أنهم سيطروا على مهن الصغار كتربية الحمام والبط والدجاج، ونتج من ذلك أيضاً التفكك الأسري والهجرات السلبية إلى أطراف المدن للتسول بعد أن كانت تلك الأسر منتجة وعاملة بسبب سيطرة الأجانب على حرفها الشعبية ومكتسبات قوتها، وانحرف السلوك نتيجة الفراغ وقلة ذات اليد؛ فالباحثون عن العمل يرون المتاجر والبيع والشراء والخيرات في بلادهم إلا أن التستر قد حرمهم منها، وأصبحوا كما قيل: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول إن انتشار السرقات والتمادي فيها لدرجة تصل إلى الاعتداء لطلب المال من نتائج التستر وقلة ذات اليد، وكذلك قد حجب هذا التستر الفرص، وأغلق الأفق أمام المواطن الذي يبحث عن الرزق في بلده؛ لأن بعض المنتفعين منه لديه العشرات بل المئات من المحال التجارية، وهو شخص واحد. كذلك المستثمر الأجنبي كان الهدف منه تشغيل الشباب السعودي فأصبح يستقدم بني جلدته؛ ما زاد البطالة في المملكة. وأرى أنه من الحلول المقترحة لمعالجة المشكلة أن يتم حصر المهن والأعمال التجارية وإحلالها المواطن فيها مع إقفال الثغرات القابلة للاحتيال؛ فلا يستطيع العامل مثلاً أن يكون جزاراً وهو ممنوع؛ لأن المواطن سيساعد على تفعيل وتطبيق النظام، والتدرج تباعاً بتوطين المهن والأعمال التجارية التي تصلح للمواطن وحمايتها من مزاحمة العامل الأجنبي تحت أي اسم وأي حجة كالجزارة وبيع أدوات السباكة والكهرباء والبقالات ومكاتب السفريات التجارية وبيع الأغنام.. فهذه الأسواق سوف تمتص البطالة المتفشية، ويتم إغلاق باب حجة الاستعانة بالعامل؛ لأنها هي الثغرة التي احتج بها المنتفعون، وتفشت بسببها ظاهرة التستر؛ فمن لم يستطع العمل أو التجارة إلا بعامل يترك المجال لمن يستطيع المتاجرة وحده. ولقد كانت المحال التجارية بأنواعها كافة تعج بالسعوديين، وأثبتت نجاحها، وذلك قبل وجود العمال (التجار) الذين تستروا خلف بعض المواطنين، ورضي المواطن بما يوضع في يده. وكذلك إيقاف تعديل المهن؛ لأن العامل استُقدم عاملاً لا ليكون تاجراً، وإيقاف التعديل سيقطع الطرق على الاحتيال؛ فالعامل يطلب التعديل لمصلحته لا لمصلحة الوطن والمواطن، والاستفادة من سعودة أسواق الخضار والفواكه وجعلها أنموذجاً لسعودة باقي الأسواق والحرف، وعلينا ألا نسمع الكلام الذي يطلقه (التجار الأجانب) والمتسترون المنتفعون بمقولة إن الشباب ليسوا بأصحاب أعمال ولا يرغبون العمل بالبيع والشراء، يريدون بهذا أن يثبطوا همم المسؤولين، ويبقوا هم من يقطف ثمار هذا الاقتصاد الزاهر والقوة الشرائية، ويبقى الشباب ضحية هذه المقولة. كذلك تحديد وقت لإغلاق المحال فالمواطن صاحب عائلة، ولديه ارتباطات أسرية، بعكس الأجنبي الذي يستطيع فتح محله باكراً وإغلاقه متأخراً، بل إنه يأكل أحياناً في متجره وينام فيه أيضاً؛ فهذا وذاك يزيد من دخله ومدخراته؛ وبالتالي فهو يستطيع دفع أجور أكثر لصاحب العقار، والمواطن لا يستطيع المنافسة؛ فالأجنبي مسيطر لا محالة؛ فلا بد من الحماية من خلال تحديد وقت الإغلاق؛ ليكون رافداً يصب في مصلحة توطين المتاجر والحرف. أخيراً أقول: متى ما شُخِّص الداء تشخيصاً دقيقاً أصبح بالإمكان معالجة البطالة ووضع الأصبع على مكان الألم والهم المؤرق لإخواننا الباحثين عن العمل ولأسرهم. وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. راشد سليمان راشد الوايلي