مع كل عام جديد يطلع علينا ما يستحق أن نفخر به ونتباهى به، ونعلن اعتزازنا وفخرنا بما كان سبباً في كل هذا الفرح الكبير الذي غمر جميع المواطنين والمواطنات. ولا شيء أسعد لدينا من أن نرى مساحة الفرح هذه تعم كل مواطن ومواطنة وكل شبر من أرض الوطن العزيز الغالي، وأنها بمثابة علامات تتجمل بها وجوه كل المواطنين والمواطنات. مع إعلان أكبر ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعودية من المهم البدء بالتفكير جدياً في إنشاء هيئة مستقلة تدير فوائض واحتياطيات المملكة كذراع استثماري يموّل أي نقص أو عجز مستقبلي متوقع، وفق استراتيجية راسخة بعيدة المدى لا تقل عن خمسين عاماً على الأقل. قد صدرت الميزانية العامة للدولة. قد يكون من المفيد أن نتذكر أن الأرقام ليست كل شيء فما زلنا بحاجة للشفافية والمصداقية والجدية والمحاسبة لتحسين أداء الخدمات في بعض الأجهزة الحكومية المقصرة بالتراخي والتسيب وعدم الكفاءة وغياب الرقابة المالية. وما زلنا بحاجة لرفع مستوى الحوافز للمتفوقين وتطبيق العقوبات على المقصرين والمتساهلين. أخص بالذكر خدمة (عدم) حماية المستهلك والمشتريات والمناقصات الحكومية وخدمات المياه والكهرباء والهاتف وخدمات الصيانة في وزارة البلديات وبالتأكيد معظم المستشفيات الحكومية نحن نعلم أن هناك الكثير من الأموال المرصودة لمشروعات العام 2011م وهي لم يتم البدء بها حتى الآن، وإذا ما أضيف لها مشروعات 2012م فالوضع سيصبح أكثر تعقيداً. وعلى أصحاب المعالي وزراء الدولة وجميع المسؤولين وبالأخص الجهات الرقابية والتنفيذية وهيئة مكافحة الفساد تقع مسؤولية الرقابة وحسن التنفيذ والعبء الأكبر في إدارة هذه المخصصات المالية، وإنجاز المشروعات الملحة التي يمكن أن تساعد كثيراً في استكمال البنية التحتية في مدة زمنية قصيرة. واستثمار الثروة البشرية لأنها الثروة الاقتصادية الحقيقية الباقية للوطن بعد الله عز وجل، وتفعيل البحوث العلمية واستثمارها في شتى المجالات المختلفة. ميزانية التنمية المتوازنة الدائمة الشاملة هي الأعلى في تاريخ المملكة العربية السعودية 690 مليار ريال تقابلها مصروفات بإذن الله لمواجهة متطلبات التنمية الدائمة المتوازنة الشاملة ومصروفات القطاعات الحكومية. نحن نتحدث عن مبالغ مالية ضخمة يمكن لها أن تساعد في تحسين أداء الاقتصاد الوطني، وتنمية قطاعات الإنتاج، وضمان استمرار الانتعاش. والاستثمار في التقنيات والتكنولوجيا في التعليم ونشرها وتوزيعها على جميع مناطق المملكة لتتناغم مع ما تشهده المملكة من انتشار للمدن الاقتصادية ومراكز المعرفة وهو ما جسد المرحلة الإيجابية والجيدة للحالة الاقتصادية الجيدة التي تعيشها المملكة العربية السعودية بحمد الله في ظل رعاية وتوجيه خادم الحرمين الشريفين ونائبه أيدهم الله. وما من أحد فينا إلا وقد استقبل هذه الأرقام الكبيرة للميزانية الجديدة بفرح وسرور، وأن الجميع قد أسعدهم توزيعه وفقاً لما تتطلبه حاجات المواطنين في مناطقهم ومدنهم وقراهم وهجرهم. وبنظرة تأملية سريعة لحجم الميزانية ومقارنتها بسابقاتها من حيث النمو والاستثمار الأفضل لكل ريال فيها، سوف نكتشف كم أخذ خادم الحرمين الشريفين وفقه الله ونائبه والحكومة من الوقت والجهد والعناء لتحقيق هذا الإنجاز الكبير. هذه الوفرة المالية الضخمة التي أنعم الله بها على هذه البلاد الطيبة الطاهرة ستقود بإذن الله إلى معالجة الكثير من مشاكل البنية التحتية التي ما زالت تحتاج إلى الجهد البشري والإنجاز أكثر من حاجتها إلى الأموال. كما أنها ستقود بإذن الله إلى تنفيذ الخطط المالية الملحة، والمشروعات التنموية، وستدعم دون أدنى شك احتياطات الدولة واستثماراتها التي يُعول عليها كثيراً في تنمية الموارد المالية والبشرية المستقبلية. وتوجيه الموارد المالية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة هي أهم ما يميز ميزانية الخير والبركة للعام 2012م. الاستثمار الأمثل لاحتياطات الدولة التي خصص لها مبالغ مالية ضخمة من فوائض ميزانية العام 2011م يمكن أن تحقق عوائد مالية مجزية أن تضاف إلى رصيد الاحتياطات العامة. وكذلك دعم القضاء والتعليم وتطويرهما بمبالغ طائلة. والاستمرار في دعم برامج معالجة الفقر في ميزانية العام 2012م يؤكد حرص القيادة الرشيدة على المضي في معالجة هذه المشكلة الاجتماعية الملحة. كل ما أتمناه أن يتم التعامل مع مخصصات برامج معالجة الفقر وفق الحلول العالمية الحديثة، وأن تكون هناك قياسات دورية لأداء القائمين على هذه البرامج فالنتيجة النهائية مرتبطة بالقضاء على المشكلة لا في تخصيص الأموال الطائلة لها. الدولة وفقها الله تنفق على مشاريعها بسخاء كبير، لكن المشكلة ليست في الاعتمادات بل بإدارة هذه الأموال حين تكون الكفاءة الإدارية ومجال التنفيذ لا يصل إلى اتجاه الدولة إذا ما استثمرنا قدراتنا في العمل، والعمل الدائم الدؤوب.. الدولة ضخت 690 مليار ريال للإنفاق العام للعام المالي 2012 لتفعيل العديد من المشروعات التي تستهدف تطوير بناء الإنسان السعودي، بضخ مزيد من الأموال لبرامج التعليم العام والجامعي وبرامج التدريب، وتطوير الخدمات الصحية والعلاجية، معالجة الأزمة السكانية بالتوسع في بناء المساكن وتقديم المساعدات للمواطنين للحصول على مساكن وقروض لإنشاء منازل لهم ولأسرهم وإنشاء صندوق لدعم المشروعات الصغيرة ربما كان أحد الخيارات الممكن تنفيذها لمعالجة مشكلة البطالة للقضاء على الفقر. أن نذكّر كل مواطن ومواطنة بمسؤوليتهم في صون وحماية هذا الوطن العزيز الغالي ومكتسباته ومنجزاته من العابثين، ومسؤوليتهم أيضاً في تحمل ما هو مطلوب منهم جميعاً بإخلاص وأمانة وجدية في العمل، وفي مقابل ذلك، كما قال خادم الحرمين الشريفين أيده الله، فعلى المسؤولين عن تنفيذ هذه الميزانية أن يخلصوا ويجدوا ويضاعفوا الجهد في العمل لمصلحة المواطنين. تتطلع القيادة والمواطن أن يواكب ذلك تطوراً وتفوقاً يلمسه على أرض الواقع، لا أن تُرصد الأموال ويبقى الوضع على حاله. من الطبيعي أن يشعر المواطن بأن ميزانيته من اهتمامه لأنه يلمسها ويستفيد من بنودها والمشاريع الكبيرة التي تصب في المصلحة العامة لجميع المواطنين سائلاً الله أن يوفق الجميع للإخلاص في القول والعمل وأن يسدد الخطى وإنا لمنتظرون.