عن النادي الأدبي الثقافي بالطائف صدر كتاب «في آفاق النص التاريخي» قراءات في الدرس التاريخي الحديث والمعاصر للدكتور يوسف بن حسن العارف اشتمل على أبواب عديدة منها: نظرية تفتيق النص التاريخي وتطبيقاتها.. نظرية التدافع والتداول الحضاري وتطبيقاتها.. ومداخلات ودراسات تاريخية.. والأمانة العلمية في منهج البحث التاريخي.. ويقول المؤلف: لأننا عرب ومسلمون فقد وجب علينا بجانب الأخذ والمثاقفة مع الآخر أن نلم بأطراف ثقافتنا ونفيد منها في استخراج مصطلحات نقدية عربية اليد واللسان - كما يقال - بنت ثقافتنا وقيمنا نساير بها ثقافة الآخر ونضيف إليها. ففي تراثنا مسائل لم يكشف الحجاب عنها بعد. ومن هذه المصطلحات الإسلامية العربية منشأ وولادة نجد مصطلح «التفتيقية». لقد دأب علماء الأصول في استنبات آليات دقيقة لفهم النص وتحليله فوضعوا من المناهج والآليات والتقنيات ما يفيد في سبر أغوار النص وفهمه ومن هؤلاء الإمام الشافعي رحمه الله. وقد أثر عن الشافعي أنه كان مشهوراً بما أسماه العرب «علم التفتيق» ويقال: إن ابن قيم الجوزية أبرز خلف لسلفه الإمام الشافعي قد عمد إلى بيت شعر ساذج وبدائي لزين الدين المقري وهو (لقلبي جيب مليح ظريف بديع جميل رشيق لطيف) وقلبه، وفككه، واستنبط منه تركيب أربعين ألفاً وثلاثمائة وعشرين بيتاً من الشعر.. من هذا السياق نستنتج أن مصطلح «التفتيقية» يعني: تقليب النص على احتمالاته المتعددة وتفكيكه وتشريحه واستنباط مافيه وإعادة بنائه. ويقول المؤلف عن نظرية التدافع والتداول: التدافع هو صدام الحضارات المتماثلة أو المتعارضة وصراعها حتى تدول الدول وتتغير، وهذا هو النوع الأول من التدافع.. والتدافع السلمي (ادفع بالتي هي أحسن) أي المدافعة بالكلمة الطيبة. أما التداول فهو مصطلح قرآني أيضاً ورد في قوله تعالى (وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين). وفكرة المداولة هنا تعني التغيير والتبدل في الأحوال والنظم والسياسات أي فعل دينامي يستهدف تمحيص الجماعات البشرية وإثارة الصراع بينها. وتحت عنوان سرقة في وضح النهار قال المؤلف: اليوم أجد نفسي متألماً ومتحسراً للعودة إلى موضوع يزعج كل مثقف ومتعلم لأن باب السرقات العلمية لا يفتأ على مصاريع كثيرة وكنت ظننت أنه سيوصد إلى الأبد!! اليوم نحن مع أستاذ جامعي يعلم الناس وطلاب العلم من خلال كتاب له كيف تكون المنهجية العلمية في الأبحاث التاريخية وكيف تكون الأمانة العلمية وما أن تبدأ في ممارسة النقد الموضوعي حتى تكتشف أنك أمام سارق وغير أمين؟! بل تكتشف أنك أمام مصيبة عظمى أستاذ جامعي يسطو على جهد أستاذ آخر كتاب كامل وينقله حرفياً!!