نظمت اللجنة الثقافية بالكلية التقنية في الاحساء أمسية قصصية بمناسبة اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية لعام 2000م، شارك فيها كل من الاستاذ خالد بن أحمد اليوسف سكرتير نادي القصة، الدكتور سلطان بن سعد القحطاني أستاذ الأدب المساعد بجامعة الملك سعود، الاستاذ ناصر بن سالم الجاسم عضو نادي القصة بالمنطقة الشرقية، الاستاذ أحمد بن ابراهيم القاضي عضو نادي جازان الأدبي، وقد أدار الأمسية الاستاذ محمد بن عبدالله بودي رئيس اللجنة الثقافية والمحاضر بالكلية التقنية بالاحساء، حيث بدأ الحفل بتلاوة من القرآن الكريم بعد ذلك قدم الاستاذ محمد بن عبدالله بودي ضيوف الأمسية حيث قال: أيها الحفل الكريم أهلاً بكم في هذه الأمسية القصصية التي تنظمها اللجنة الثقافية بالكلية التقنية في الاحساء برعاية شركة ألبان ندى,,, ثم قال واللجنة الثقافية بكلية التقنية بالاحساء وبرعاية كريمة من شركة ألبان ندى ارتأت دعوة ثلاثة من قصاص المملكة العربية السعودية المتميزين بنتمون لاجيال ابداعية ثلاث، القاص الأول خالد بن أحمد اليوسف يمثل جيل الثمانينات الميلادية، والقاص الثاني الاستاذ ناصر بن سالم الجاسم يمثل جيل التسعينات الميلادية، والقاص الثالث هو الاستاذ أحمد بن ابراهيم القاضي ليعلن ظهوره بقوة في بداية العقد الأول من الألفية الثانية الجديدة، وقد راعينا التنوع البيئي للأدباء، فينافس الليلة فئات ثلاث ، بيئة نجد، بيئة الاحساء، بيئة جازان بعد ذلك استهل القاص خالد اليوسف بقراءة قصة بعنوان: البريق من مجموعته الأخيرة امرأة لاتنام حيث لوحظ انه لم يقرأ القصة كاملة، بعد ذلك قرأ الأستاذ ناصر الجاسم نصين، الأول بعنوان: بكاء الأجساد والآخر الجسر بعد ذلك قرأ القاص أحمد القاضي قصة بعنوان درب لاينتهي بعد ذلك تحدث الدكتور سلطان القحطاني حيث قال لقد استمعت أيها الاخوة إلى مجموعة من المبدعين ويأتي دور النقد، وما النقد الا شجرة ضعيفة متسلقة على الإبداع، ثم قال: إن الاستاذ خالد قدم لنا انطباعاً جيداً وقدم لنا ترابطاً اجتماعياً بين الشخصية وحوارها، وكنا نتمنى لو سمعنا شيئا من ابداعاته، أما معالجاته النفسية فكانت جيدة والحوار والتراجيديا جيدة، غير أن لديه نوعا من التغميض, أما الأستاذ ناصر الجاسم قدم نصين وكانت الدلالة اللغوية جيدة في نصه ولكن ليست هذه ابداعات الجاسم، والنصوص التي قدمها مضى عليها ست سنوات وقد انتج أشياءً جميلة وأحسن مما قرأ، وعن القاص أحمد القاضي قال يبدو لي أنه كتب نصوصا لتكون صالحة لكل زمان ومكان، والنص عائم ولا ندري في أي مكان ولا في أي زمن كتب، وعندما اطلعت على هذا النص فكرت وقلت والله لو كنت قرأت هذا النص في أمريكا اللاتينية ما استغربوه لأنه غير محدد لا المكان ولا الزمان، والكاتب واعد وله مستقبل, وهذه الملاحظات التي القيتها على عجالة على هذه النصوص لا يقلل من قيمتها وهم مبدعون وأيضاً من الشباب الذين يعول على إنتاجهم وهو نتاج جيد بشهادة الآخرين قبل شهادتي. بعد ذلك قال سأنتقل بكم على مدى 70 سنة للخلف عند بداية القصة في المملكة العربية السعودية، الفن القصصي بدأ في المملكة العربية السعودية كما بدأ في أي بلد آخر بشق الأنفس وبدا يحارب من عدة أمور لأنه فن جديد أو يحارب بشأن ديوان العرب وهو الشعر، لذلك اجتهدنا في هذه الوريقات على عجل حول النقد لأن النقد للأسف يعاني في العالم العربي من تخلف كبير جداً وينظر إليه من جانب واحد وهو الجانب السلبي وليس الايجابي والسبب في ذلك عندما نعود للمعاجم القديمة نجد نقده أي (ذمه) وعلى المستوى الشعبي الاجتماعي كذلك، وكان النقد يمثل كابوساً من بداية النهضة الأدبية في المملكة العربية السعودية، حيث كانت الكلمة في حد ذاتها تمثل الجانب السلبي في الموروث الأدبي العربي كما هو موجود في المعاجم العربية، وعندما ظهر الأدب الحديث (قصة ورواية ومسرحية) ظهر النقد لهذه الأعمال على الطريقة القديمة للنقد وصار الناقد يتعامل مع هذه النوعية الجديدة بالمنظور القديم على أسلوب رديء لعدم فهم الناقد لظروف النقد نفسه وتحول الأدب بعد ذلك إلى هجوم ودفاع ووجد الوسط الأدبي سلطة جعلت الكثير من المبدعين يتفرجون إلى الناقد على حساب الفن الأدبي, بعد ذلك تحدث الدكتور القحطاني عن مراحل ظهور القصة في المملكة العربية السعودية، حيث قال: كون عبدالقدوس الانصاري ناديا بالتعاون مع مجموعة من المربين منهم الاستاذ عبيد مدني وآخرون، وكتب عبدالقدوس قصته التوأمان وأنشأ مجلة المنهل لتكون منبراً للقصة ونقدها، وكان من أوائل المغامرين في هذا الصدد من الرعيل الأول من أدباء الحجاز نظراً لظهور التعليم في مكةوالمدينةوجدة، فالسيد زينل قام بانشاء مدارس الفلاح في كل من جدةومكة والبحرين ودبي، ولم ينافس تعليم الحجاز في ذلك الوقت سوى الاحساء فهذه في الشرق وتلك في الغرب فكانت بيوت العلم منتشرة بالشكل اللافت للنظر حيث يفد إليها طلاب العلم من كل مكان، وتقول بعض الوثائق القديمة ان ذلك يعني ما يسمى اليوم بالمنطقة الشرقية (الاحساء والقطيف). وقد تخرج كتاب القصة السعودية من تلك المدارس واشتغلوا بالتدريس والصحافة، ونجد أول من كتب القصة القصيرة من السعودية عبدالقدوس الأنصاري بقصة بعنوان: مرهم التناسي نشرها في صوت الحجاز 28/11/1933م، وعزيز ضياء كتب قصته الابن العاق نشرها في صوت الحجاز في 4/5/1933م، ثم ظهر كتاب محمد أمين يحيى الذي كتب القصة في وقت مبكر من حياته، وكانت أول قصة له الوفاء نشرها في صوت الحجاز في 2/5/1937م، ونشر قصته الثانية دموع العيد في جريدة المدينة في 2/12/1937م، وقصة ثالثة بعنوان السعادة نشرها في المنهل, ثم كتب محمد علي مغربي المترهبة نشرها في المنهل في عدد نوفمبر 1938م وقصة وفاء نشرها في صوت الحجاز في 22/1/1339م و اعتراف نشرت في المنهل في عدد يونيو 1939م، وبجانب هؤلاء برز اثنان من الوافدين وهما أحمد رضا حوحو والثاني محمد عالم الافغاني حيث قدم إلى المدينة لدراسة العلوم الشرعية ثم جاءت قصص ابراهيم الناصر وأمين سالم الرويحي رحمه الله معبرة عن القصة القصيرة في تلك الفترة، فكتب ابراهيم الناصر مجموعته أرض بلامطر سنة 1960م وهي من أروع ما كتب في العالم العربي ثم أمهاتنا والنضال وما تلاه من قصصه الأخيرة، وكتب أمين سالم الرويحي رحمه الله مجموعته الحنينة سنة 1950م، الأذن تعشق من أجمل ما كتب، ومن هنا نستطيع أن نؤرخ بأن القصة الفنية بدأت، أو هذان الاثنان وضعا لها البذرة, ثم ظهر كتاب مجددون في مرحلة الثمانينات مثل محمد علوان، خالد اليوسف، حسين علي حسين والجيل الصاعد من الشباب وأعمالهم تحتاج إلى دراسة جادة. بعد ذلك قدمت الدروع التذكارية والشهادات التقديرية للسادة الأدباء المشاركين في الأمسية سلمها لهم الدكتور عبدالله العتيبي وكيل الكلية والأستاذ محمد بودي، كما كرم مجموعة من الاعلاميين الذين قاموا بتغطية نشاطات اللجنة الثقافية وهم: 1 الأستاذ جعفر عمران (جريدة اليوم). 2 الأستاذ عبدالله قنبر (جريدة المدينة). 3 الأستاذ محمد النجادا (جريدة الرياض). 4 الأستاذ زهير الغزال (جريدة عكاظ). 5 الأستاذ علي زعلة (جريدة الوطن). بعد ذلك فتح باب الحوار وأسئلة الجمهور والمداخلات وكانت كالتالي: الدكتور محمد بن علي الهرفي (أستاذ الأدب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) حيث قال كنت أود أن تكون لغة القاصين أفضل مما هي عليه، ثم قال: إن الأدب في اعتقادي له دور في حياة الناس ولابد ان يكون دوره واضح المعالم، والأديب (كاتب شاعر قاص) عندما يريد أن يقدم نصا للجمهور لابد أن يسأل نفسه سؤالاً ما هو الهدف الذي أريد ان أوصل إليه؟ وعن الدكتور القحطاني تمنى أن يكون حديثه عن القصص التي قدمها الاخوة الضيوف، وعن ملاحظاته حول النصوص قال: من ناحية القاص ناصر الجاسم الانطباع العام حاول القاص ان يبرز تواصل الحواس وقد وفق كثيرا والمكان عنده يتكئ على ذكرياته في الهفوف، وعن خالد اليوسف قال: إنه لاحظ في قصته رومانسية حالمة منها ما كان مع النساء الجميلات أو مع المرأة العجوز أيضاً، لكن الشكل الواقعي كان كثيرا خاصة عندما تحدث مع المرأة العجوز واعتقد أن كثرة السرد قد يخل بجمال القصة لكنه مع هذا أبدع كثيرا في وصف الانفعالات. أما عن الأستاذ القاضي في كل من سار على الدرب وصل قال: إن القاص تحدث عن بيئة جازان فالاحراش والرياحين تجعلني ان أؤكد أنه يتحدث عن منطقته وهذا خلاف ما قاله الدكتور القحطاني حول عدم معرفته في أي مكان كتب النص. الأستاذ علي أحمد زعلة (محرر ثقافي بجريدة الوطن) قال: إن الأستاذ خالد اليوسف قد حشد تناقضات ذاتية واضطرابات نفسية تظهر من بعض انحائه لتدخله في حلم أو شبه حلم زجاجي، وفي أعماق التربية المحافظة يسكن تمرد من نوع ماكان يمارسه بطل القصة بائع الذهب وأضاف: ان خالد يعد تجربة مميزة في مسيرة الأجيال القصصية في المملكة، وعن الجاسم قال: ان لغته نسيج خاص ومميز فبدون قراءة الاسم على النص نعلم ان هذا النص الذي بين يدينا للكاتب الجاسم، ولعل مايميز تجربته تلك اللعبة الفريدة المميزة وهي استنطاق الجماد واشباه الجماد. وعن القاضي قال: قصته درب لا ينتهي صراع طويل وعريض بينما تريد الذات الانسانية برغباتها الطليقة وبين ما يفرض من أي عنصر خارجي، وغالباً ما يؤدي هذا الصراع لا أو قد ينتهي كل ذلك بلغة حديثة تقترب من الشعرية، ثم قال انه يتفق مع الدكتور حول خصوصية المكان. الدكتور منير فوزي (كلية التربية للبنات) قال: إن هنالك ظاهرة تجمع بين أبطال القصص الثلاث فخالد اليوسف في قصته البريق تنتمي إلى ما يسمى في لغة النقد القصصي بالاتجاه التقليدي ويعتمد هذا الاتجاه على سرد حدوثه أو قصص حكائي يتم من خلاله رصد عدة أحداث، والقصة تتناول قضية رغبة التواصل مع الآخرين والراوي يبحث عن تواصله مع الآخرين لكن هذا التواصل يظل منقطعاً لظروف تخرج عن إرادته ومن خلال شخصية العجوز تعيده إلى الزمن الأول زمن البراءة والطفولة ثم تأتي الخاتمة وقد طال الحنين، حنين قديم وحنين معاصر فيسعى إلى الآخر بعطش انساني فياض وتأتي الإجابة في آخر القصة، ولعل الوقت لم يسعف الدكتور في الاسترسال في مداخلته. وأخيرا مداخلة الأستاذ محمد الحرز (ناقد) حيث بدأ مداخلته بقوله ان القاص يدخل في تركينه مفهوم النقد، والنقطة الأخرى ان الجو الأكاديمي في نقد الرواية هو جانب أكل عليه الدهر وشرب واتفق في هذا مع الدكتور القحطاني ثم قال هنالك سؤال قد يكون مناسبا طرحه وهو هل قدمت هذه النصوص وجهة نظرها أم لا، وعن قصة الاستاذ اليوسف قال: ان هنالك ثمة علاقة مابين الواقع والمتخيل هذه العلاقة في نصوص خالد لم تتضح بالصورة المطلوبة حيث كان هنالك تغيبا للمتخيل ضد الواقع،وبالنسبة للاستاذ ناصر الجاسم لديه نصوص ارفع مستوى في هذا المجال من النصوص التي استمعنا إليها، وهنالك جدلية بين المتخيل والواقع لكنها جدلية لا تذهب إلى الأبعد ولاتذهب إلى الأعمق ولديه نصوص أخرى يتكئ فيها على الميثولوجيا، وهو نوع يأخذ إلى الأعمق, وعن أحمد القاضي قال لأول مرة يطلع على نصوصه ونجد في نصه تلمسات بسيطة قد تكون اللغة الشعرية التي تطغى على النص لكنها لا تعطي بصورة كبيرة وعي القصة بنفسها وهذه الحالات تفضي بنا ان الوعي القصصي مكبوت داخل النص وبمعنى آخر ان عناصر القص يطغى عليها القاص من الخارج وعيه بصورة مكبوته. وأخيراً علق الدكتور القحطاني على بعض المداخلات حيث شكر الجميع ورد على بعض التساؤلات. وفي لقاء للجزيرة تحدث الأستاذ جعفر الجشي (قاص) عن انطباعاته عن الأمسية فقال: تبدو هذه الأمسية بشكل عام جيدة حيث تنوع النصوص وتنوع المناطق الجغرافية وثراء التجارب الثلاث مع فارق في الأسبقية لصالح خالد اليوسف، وقد لاحظنا قصة تقليدية إلى أبعد الحدود سيما لدى خالد اليوسف الذي أوغل في السرد التقليدي، أما ناصر الجاسم والمعروف بلغته المتميزة ارتأى اختيار نص لا يمثل تجربته الحديثة ولعل تخوفه من عدم قبول المتلقي بجرأته المعهودة جلعه يحجم عن القاء نصوص أكثر قوة. وعن الدكتور سلطان القحطاني قال كان يعول عليه بقراءة نقدية للنصوص ولكنه اكتفى بادلاء رأي مجاني على النصوص وقرأ ورقة عن تاريخ القصة والتي تحتاج إلى افراد محاضرة خاصة عنها لأن هذه الورقة سحبت البساط عن النصوص التي القيت في الأمسية رغم أنها لم تضف إلا القليل جداً، ولا يشفع له حشد أسماء كثيرة في عالم القصة، وان كانت الورقة جيدة إلا أنها كما أسلفت مكانها محاضرة خاصة بها. وتحدث للجزيرة الأستاذ محمد الحرز (ناقد) حيث قال: أنا سعيد بوجودكم معنا . وهذه فرصة نادرة نجتمع بهذا الزخم الكبير من الحضور الذي أعطى حميمية أكثر، والأستاذ اليوسف يشرفنا لأول مرة في المنطقة والتقى به لأول مرة، كذلك الأستاذ أحمد القاضي، وهذا الحضور يعطي نوعاً من الحوار وبداية لحوار جيد.