وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    ارتفاع صادرات السعودية النفطية إلى 5.9 مليون في أكتوبر    «يوروستات»: التضخم يتباطأ في اليورو    الخريف: القطاع الصناعي يواصل نموه في 2025    مزارع سعودي يستخرج الأسمدة من الديدان    الأمير الوليد بن طلال يكرم الشقيري لجهوده المتميزة    شراكة رقمية مع أوزبكستان    د. هلا التويجري خلال الحوار السعودي- الأوروبي: المملكة عززت حقوق الإنسان تجسيداً لرؤيتها 2030    نقابة الفنانين السوريين تعيد المشطوبين    جنون.. 77 مليون جنيه إسترليني ثروة القطة أوليفيا !    عريان.. من تغطّى بإيران    «مباراة ودية» تنتهي بفكرة دورة الخليج بمباركة خالد الفيصل ومحمد آل خليفة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    مصادر «عكاظ»: الهلال يحسم تمديد عقد الدوسري يناير القادم    الاتحاد السعودي للهوكي يشارك في أول معسكر دولي للشباب للهوكي الخماسي بماليزيا    «الدفاع المدني» يحذر: أمطار رعدية على معظم المناطق حتى السبت    صيني يدعي ارتكابه جرائم لشعوره بالملل    حفل تكريم للزميل رابع سليمان    البلاد تودع الزميل عبدالله سلمان    إزالة 16 ألف تعدٍّ بالرياض    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    انطلاق ملتقى "صُنّاع التأثير ImpaQ" في الدرعية بمشاركة عالمية واسعة    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    «إسرائيل» تتوغل داخل ريف درعا.. ومجلس الأمن يدعو لعملية سياسية    الملك عبدالعزيز الموفق (3)    أمام وزير الخارجية.. القناصل المعيّنون حديثاً يؤدون القسم    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    عبدالله يضيء منزل سعيد القرني    التقرير الأول للمؤتمر الدولي لسوق العمل: المملكة تتفوق في معالجة تحديات سوق العمل    مناهل العالمية تدشن إنفينيتي QX80 الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية    في روشن الصدارة اتحادية.. نخبة آسيا الصدارة هلالية.. ومقترح تحكيمي    رغم التحديات إدارة الشعلة الجديدة مستمرة للعودة    وزارة الثقافة تُدشّن مهرجان «بين ثقافتين» بأمسية فنية    لكم وليس لي    بين صناع التأثير وصناع التهريج !    المملكة رائدة في خدمة اللغة العربية    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    ريال مدريد يتوّج بكأس القارات للأندية عبر بوابة باتشوكا المكسيكي    بغض النظر عن تنظيم كأس العالم!    روسيا تكثف هجماتها في كورسك وزيلينسكي يطالب بدعم عاجل    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    الدفعة الثانية من ضيوف برنامج خادم الحرمين تصل للمدينة المنورة    غزة تواجه أوامر الإخلاء وسط دعم إسرائيلي للاستيطان    «التضليل الإعلامي» في ورشة بمعرض كتاب جدة    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    ارفى تختتم برنامج "مراس" ودعم لثلاثة مشاريع فائزة من البرنامج    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    الدفاع المدني : أمطار رعدية على معظم مناطق السعودية حتى السبت المقبل    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    «العليمي»: السعودية حريصة على تخفيف معاناة الشعب اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العولمة استعمار وتهميش للثقافة أم انفتاح واستفادة من التقنيات
عدد من الباحثين يناقشون طرح الجزيرة 1
نشر في الجزيرة يوم 28 - 11 - 2000

فرضت الحياة المعاصرة قضايا باتت جوهرية لمستقبلها بدعم من التقنية المعلوماتية وهيمنة محدثيها كما ساهم ذوبان وفشل الأنظمة المنافسة لها في الاعتقاد شبه الاجماعي بالقدرية المطلقة والتسيد المبرر.
إحدى تلك القضايا التي أصبحت تهيمن على مجريات الأحداث الايدلوجية هي العولمة التي تغلغلت في الواقع الحياتي وباتت تفرض بفلسفية متشعبة في شتى المجالات والمفاهيم وبأدوات متعددة ومختلفة.
وبغض النظر عن عجز بعض المفاهيم العلمية المتخصصة عن تحديد ما هو المقصود بها فإن ظهور آثار بعض جوانبها الجانب الاقتصادي بشكل فاعل شكل عاملا جاذبا لجوانبها الأخرى وضاغطا لكثير من الانماط الثقافية والقانونية والاجتماعية المختلفة في دول العالم التي تسعى بشكل أو بآخر للحفاظ على هويتها الخاصة مما أحدث محاولات فهم المزيد من العولمة ومفرزاتها، وبين مؤيد ومعارض وايجاب وسلب يبقى اختلاف الموازين والقوى المؤثرة والنفوذ والآلية الدفاعية أبرز الأدوات التي ترسم خريطة النظم المستقبلية.
الجزيرة حاورت مجموعة من الأساتذة الأكاديميين للوقوف على مظاهر العولمة وأبعادها وحتى آثار نتائجها المستقبلية المفترضة في محاولة لاحتواء الخطوط المتشعبة وكذلك لفهم سياسات الدول الوطنية تجاهها والمنظومات الدولية الداعمة والمعايير الاجتماعية الرافضة والمؤيدة للخروج برؤية ذات أبعاد فكرية دلالية.
العولمة أو العولمية حقيقة أم خيال
الأستاذ الدكتور عيد الراضي إبراهيم من جامعة الإمام قال: من الموضوعات والقضايا التي باتت تُلحّ على الحياة المعاصرة موضوع العولمة أو إن شئت الدقة (العولمية) فلا تكاد صحيفة أو ندوة أو تلفزة أو إذاعة تخلو من الحديث عن العولمية بشكل أو بآخر سواء أكان ذلك في العالم الثالث أم الثاني أم الأول إن جاز هذا التقسيم وما يقوم عليه من مبررات ومعطيات!!.
والمتابعون لظهور مصطلح العولمية أوالعولمة يتذكرون ما سبقه من مصطلحات مهدت له، لعل من أبرزها مفهوم مصطلح النظام العالمي الجديد ومفهوم مصطلح الحداثة وما بعد الحداثة والمعلوماتية، وصدمة المستقبل والموجة الثالثة,, الخ.
وظن كثيرون من الناس انها تعبير عما يمكن اعتباره فتحاً جديداً ينبثق عن حاضر الثقافة الغربية أوروبية وأمريكية شمالية، وسيشكل مستقبلها ويجعل لها السيادة والتميز على غيرها من ثقافات العالم التي يتعين عليها الأخذ بأحد خيارين أيسرهما ان تتكيف تكيف إذعان مع الثقافة الغربية حتى يتسنى لها البقاء أو أن تقاوم تلك العولمية وذلك بحشد واستدعاء رصيدها الثقافي وإحيائه ليكون لها خصوصيتها في مواجهة تلك العولمية.
إذن العولمية هي هيمنة ثقافة قطب واحد يملك من عوامل القوة والتقنية والمعرفة ما يحقق له أهدافه التي عجزت عنها أساليب الغرب التقليدية، فهي تستخدم التلفزة المباشرة الفضائيات وسلسلة الشركات المتعددة الجنسيات,, وأساليب أخرى كثيرة نلحظها في حياتنا اليومية.
مدخل إلى العولمة
وكمدخل لفهم العولمة تحدث الدكتور زيد بن محمد الرماني عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود قائلاً:
يمكن القول إن رد الفعل الإنساني لظاهرة العولمة قديم قدم الحضارة الإنسانية، صحيح ان درجة وعي الإنسان لظاهرة العولمة قد اختلف قوة وضعفاً بين عهد وآخر، وكذلك درجة استجابته لها ومدى قوة الدافع الذي وجده الإنسان في نفسه للإسراع بالظاهرة أو الحد من سرعتها، ولكن وجود هذا الوعي بظاهرة العولمة في حد ذاته أثار مشاعر متضاربة من الحماسة الشديدة لدى بعض الناس ومن الخوف والقلق لدى البعض الآخر.
ومن أهم بواعث هذه المشاعر سواء تلك المتصلة بالقبول أو الرفض ما تحدثه ظاهرة العولمة من آثار في مستوى المعيشة من ناحية وفي التطور الثقافي الحضاري من ناحية أ رى.
* فالمعارضون للعولمة وللانفتاح الشديد على العالم يخشون ما ينطوي عليه هذا الانفتاح من تهديد لثقافتهم وهويتهم الخاصة من ناحية ومن تهميش لنسبة لا يستهان بها من أمتهم وتخفيض مستوى معيشتهم.
ومن جانب آخر، نرى المؤيدين للعولمة والمتحمسين لها يبدون انبهاراً شديداً بمدى كفاءة التقنية الحديثة وقوتها، وثقة تامة بقدرة هذه التقنية على تحقيق الارتفاع بمستوى المعيشة للجميع، ويميلون إلى الاستهانة بالآثار السلبية للعولمة في الاستقلال الثقافي الحضاري بل وقد يبدون تفاؤلاً بقدرة هذه التقنية نفسها على تقوية الثقافات الوطنية.
وقد كان الوطن العربي تركز للإشعاع الحضاري ولكن منذ بزوغ الحضارة الحديثة تحول الوطن العربي إلى متلقٍ سلبي لآثار العولمة.
مرئيات حول حقيقة العولمة
في الآونة الأخيرة أصبح المجتمع ينطق بالعولمة دون معرفة حقيقتها، وفي هذا المجال تحدث الدكتور عبدالله بن سعود المعيقل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود،قال: الحقيقة انه ليس هناك مفهوم واضح محدد للعولمة، فمن يتناولون هذه الظاهرة بالكتابة والتحليل أو حتى بالتنظير لها ووضع أسسها يعجزون في كثير من الأحيان عن تعريفها بدقة فهي من الظواهر التي بها نوع من الإيهام والغموض, ولكن يمكن القول بأن هناك العديد من الرؤى حولها يمكن تلخيصها فيما يلي؟
إن العلومة تعني النشر والتعميم أي محاولة تعميم ونشر أفكار أو مبادئ أو لوائح أو أنظمة أو طرق للعيش والتفكير وغيرها من العناصر.
ان للعولمة جوانب وأشكالا وأدوات متعددة ومختلفة,, فهي ليست متخصصة في مجال دون آخر وإن كانت في بعض المجالات أوضح من غيرها,.
ان هذه الفكرة قديمة وليست جديدة فالكثير من مظاهرها ولد مع وجود المجتمعات البشرية ومحاولتها الاتصال ببعضها والاستفادة مما لدى الآخرين.
أما الدكتور عبدالله بن ناصر الحمود عضو هيئة التدريس ووكيل عمادة الدراسات العليا بجامعة الإمام قال:
بصرف النظر عن المفاهيم العلمية المتخصصة التي تنظر من خلال الفلسفة لتحديد المقصود من العولمة وتوضيح حقيقتها، أقول ان العولمة تعني في حقيقتها سيادة فكرة ما أو نمط حياة معينة وشيوعه, حتى يصبح مستساغاً ومستهلكاً على مستوى عالمي.
أما الدكتور رشدي البدري استاذ مساعد بقسم الإعلام في جامعة الإمام قال: في رأي ان العولمة مصطلح جديد مغلف بورق لامع وحقيقته هو (الهيمنة) أي هيمنة من يملك ويتحكم في جميع الأسواق العالمية، يستوي في هذا أسواق المال والسلع والخدمات والمعلومات,,الخ.
أما الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام قسم السياسة قال:
ظهر مفهوم العولمة مع انيهار الاتحاد السوفيتي وفشل الايدلوجية الاشتراكية مما أظهر ان الايدلوجية الرأسمالية الليبرالية هي الأقدر, وترافق انهيار الاتحاد السوفيتي مع نجاح جولة مفاوضات الجات مهد لقيام منظمة التجارة العالمية, ثم مالبث ان ظهرت فكرة ربط شبكات الكمبيوتر مع بعضها البعض وتزايد استخدام الأقمار الصناعية للاتصالات والبث التلفزيوني هذه التحولات المهمة على المستويات السياسية : إنهيار الاتحاد السوفيتي وانفراد الغرب بزعامة الولايات المتحدة بقيادة العالم، وعلى المستويات الأيدلوجية فشل سياسات التخطيط المركزي ونجاح السياسات الليبرالية والخصخصة, وعلى المستوى الاقتصادي الاتجاه نحو الانفتاح وتشجيع التجارة الحرة وخفض الحواجز الجمركية، وعلى المستوى الثقافي البث الفضائي وشبكة الإنترنت, كل هذه كانت مظاهر علم جديد مختلف عن السابق.
فالعولمة هي اتجاه لجعل العالم واحداً موحداً من الناحية الفكرية والاقتصادية والسياسية.
أما الدكتور خليل بن عبدالله الخليل أستاذ جامعي وكاتب معروف قال:
العولمة ترجمة لكلمة (Globalization) وهي ليست نظرية اقتصادية ولا عقيدة أيدلوجية وإنما هي مرحلة من مراحل التطور البشري الذي فرض نفسه على الواقع نتيجة اكتشافات واختراعات علمية وتقنية.
فالعولمة إنتاج علمي تراكمي لما توصلت إليه البشرية وصنعته منذ آلاف السنين، ويخبئه القدر من اكتشافات علمية أكبر بكثير مما تم اكتشافه.
أما الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ عضو هيئة التدريس قال:
العولمة كما نسمعها ويدعو لها مبشروها على وجه العموم تعرف بأنها التقارب والتوحد والتكامل في الأنظمة والثقافات والأنماط والقيم الاجتماعية وأسواق السلع والخدمات ورؤوس الأموال.
أما العولمة الاقتصادية على وجه الخصوص فهي تحول العالم إلى تكوين سوق عالمية واحدة للسلع والخدمات ورؤوس الأموال وذلك بإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي تمنع أو تحد من انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال عبر دول العالم وتكون المنظمات الاقتصادية الدولية (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية) التي تحكم التعامل الاقتصادي في العالم وتطوير قدرتها وسيطرتها على تعاملات الدول الاقتصادي وعلى السياسات الوطنية للدول التي يكون لها دين خارجي أو لا تتفق مع أيدلوجية النظام العالمي الاقتصادي السائد.
أشكال العولمة
الدكتور الحمود قال:
تتعدد أشكال العولمة وتختلف من بنية اجتماعية إلى بنية اخرى حيث من الممكن ان تكون العولمة ظاهرة في مجالات السياسة والاقتصاد والعادات والقيم والمعايير الاجتماعية وحتى الأهواء والأذواق الذاتية للأفراد، غير أن الذي يحكم شيوع هذه الأشياء في مجتمع ما وذبولها في مجتمع آخر هو مجموعة مركبة من العوامل تتقدمها طبيعة العلاقة بين أفراد المجتمع وأفراد مجتمع آخر شريطة ان يكون لأحدهما سيادة على المستوى العالمي في واحد من المجالات المذكورة, غير أن من المهم هنا الإشارة إلى ان العولمة التي يتحدث عنها الناس حالياً سواء منهم المتخصصون وغير المتخصصين تأخذ بعدين مهمين: البعد الأول اقتصادي، والبعد الثاني ثقافي اجتماعي.
أما الدكتور المعيقل قال:
يمكن رصد أشكال العولمة من عدة نواح فمن ناحية يمكن القول بان هناك عولمة اقتصادية وعولمة سياسية وعولمة ثقافية,, وغيرها, لكن العولمة الاقتصادية في رأي هي أهم وأبرز تلك الجوانب وتتمثل في سعي العديد من الدول في الوصول إلى اتفاقيات وأنظمة تضمن فتح الأبواب في كافة الدول لتبادل السلع والخدمات, وظهرت العولمة الاقتصادية في الكثير من جهود منظمة التجارة الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي واتفاقية الجات (GATT) وغيرها, وهناك عولمة سياسية تستهدف نشر وتعميم لوائح وأنظمة وقوانين ومبادئ سياسية تصبح معياراً ومرجعاً للتحكم والمقارنة,, فالكثير مما يثار حول حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية وهيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان والمواثيق والمعاهدات الدولية كلها مظاهر للعولمة السياسية, وهناك عولمة ثقافية وفكرية ويعني بنشر الأفكار والمعلومات والاتجاهات والمبادئ وأنماط العيش والسلوك وحتى أنماط المآكل والملابس وجعل هذه الأمور مفتوحة للمشاهدة والقراءة والاطلاع وحتى الإتباع,, ومن أهم المظاهر هنا ما يحدث من تطورات في مجال الاتصالات كالإنترنت وفضائيات البث التلفزيوني والتبادل الثقافي بين الدول ونحوها,ومن ناحية أخرى يمكن القول بان هناك عولمة رسمية وأخرى غير رسمية ، فما يأخذ منها شكل الأنظمة واللوائح والقوانين والمعاهدات يمكن تصنيفه بأنه رسمي وهذا غالباً يكون في المجالين الاقتصادي والسياسي.
أما الشكل غير الرسمي فهو ذلك التبادل الحر الذي يترك المجال للشعوب والأفراد بالانخراط فيه من عدمه كالإنترنت والفضائيات وغيرها من الأشكال الثقافية في العولمة.
أبعاد العولمة
الدكتور الحمود قال: للعولمة أبعاد يمكن ان نحددها في النقاط التالية:
* البعد الاقتصادي:
المجتمعات الإنسانية في عصر العولمة تعيش وسوف تعيش تقدماً وازدهاراً عظيمين من حيث النوعية والكفاءة لا سيما في البعد الاقتصادي حيث لا مكان في زمن العولمة الاقتصادية للشركات المحتالة والضعيفة التي تسخر إمكاناتها للغش والتلاعب بمدخرات المستهلكين من البسطاء وعامة الناس فالمنافسة ستكون قوية ولن يكون هناك مكان للصغار, فزمن العولمة هو زمن الكبار من الشركات والمصانع والمؤسسات لكن ذلك سينعكس سلبياً على جانبين الاول خروج الشركات والمؤسسات الصغيرة من السوق واضطرارها للتصفية لعدم قدرتها على مواكبة متطلبات نوعية الخدمة في زمن العولمة, الثاني ارتفاع التكلفة النهائية للمستفيد أو للمستهلك كنتيجة طبيعية لتقدم مستوى الخدمة.
ويضيف الدكتور عبدالله الزايدي رئيس قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الإمام قائلاً: أيضا هذا البعد يتمثل في تحرير الأسواق وخصخصة الشركات والمؤسسات العامة وانسحاب الدولة من بعض وظائفها الاقتصادية.
* البعد الثقافي الاجتماعي:
فهذا البعد يرتبط ارتباطا أساسا بالاتصال الإنساني سواء منه الاتصال عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية أو من خلال الاتصال المباشر من خلال السفر للترحال واللقاءات الثنائية بين الأفراد والمؤسسات، وتتدخل هنا التكنولوجيا الاتصالية لتمثل الدعامة العظمى لوصول المجتمعات الإنسانية إلى عصر العولمة الثقافية والاجتماعية.
ويرى الدكتور الزايدي أن البعد الاجتماعي للعولمة هو إزالة الخصوصية الاجتماعية للشعوب وتوحيد الرؤية الاجتماعية في علاقة الرجل والمرأة والأسرة والعلاقات الجنسية وفق التطور الغربي على وجه الخصوص واتخاذ الوسائل الممكنة لتعميم هذه الرؤية عبر منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ومن ذلك مؤثرات المرأة وغيرها كالتحرر من القيم والأخلاق الفطرية الدينية وحتى في جانب الزي والهيئة وعادات الطعام التي بدأت تتوحد وفق الرؤية الغربية في كثير من أنحاء العالم.
أما البعد الثقافي فيقول الدكتور الزايدي إنه تهميش الثقافات المحلية والقوية لكل الشعوب لإحلال الثقافة وان ينشأ في المجتمعات الإنسانية كلها ثقافة عامة لا صلة لها بمواطنهم وإنما وفدت بمؤثرات وسائل الاتصال العالمية أو عبر المنظمات الدولية الأممية.
ويضيف الدكتور الحمود حديثه عن البعد الثقافي قائلاً:
عندما كان الناس يقرؤون كتابات مارشال ماكلوهان عن عملية الاتصال الجماهيري كانوا يتوقعون ان كل شيء قد حدث لكن اليوم أفرزت لها دراسات الاتصال ما تجاوز نظرة مارشال ماكلوهان بمراحل فالقرية المعلوماتية، أو الاتصالية لم تعد قرية بل أصبح منزلا واحداً والقطاعات العالمية أصبحت موضوع حديث الأسر في البيوت والشباب في المجتمعات, وتبقى السيادة فيها للثقافة الأكثر إقناعاً وهذا ملحظ خطير ومهم, فليس البقاء للأصلح ولكن للأكثر اقناعاً ومن هنا برزت مخاوف كثير من علماء الأمة الإسلامية ومفكريها على مستقبل الثقافة في العالم الإسلامي في زمن لا تملك فيه تلك الثقافة وسائل دفاع قوية وفي زمن يقل فيه عدد المؤهلين للاقناع، إقناع الآخرين من جانب وإقناع بني جلده من جانب آخر.
فالمجتمعات التي لا تمتلك وسائل اتصال فعالة وجيدة هي بمعزل عن تيار العولمة وهذه المجتمعات غير الوسائلية لا وجود للفكر العولمي فيها إذ تشير دراسة مهمة جداً نشرت في مجلة الثقافة العالمية إلى ان نسبة3% فقط من سكان العالم يشاهد قناة مهمة مثل قناة CNN مع أنها أول القنوات من حيث الانتشار وهذا يعني ان انتشار الثقافات الوسائلية لا يعني بالضرورة انتشار تلقيها في المجتمعات اللاوسائلية.
وهذا يلقي بدوره على ان نطاق العولمة محصور في المجتمعات الوسائلية مما يثير شكوكا حول المصطلح المستخدم ذي الدلالة العالمية.
آثار العولمة
الدكتور عبدالله المعيقل قال:
هناك من ينظر إلى العولمة بعين إيجابية بحتة ويرى بأنها فرصة لتبادل العناصر المختلفة من أفكار ومواد مختلفة وان ذلك سيساهم في تقدم الدول الفقيرة ويعمل على إيجاد تقارب بينها وبين الدول المتقدمة وسيساهم في تحسين مستوى المعيشة للأفراد في الكثير من دول العالم, , وهناك من ينظر إلى العولمة بنظرة سلبية بحتة ترى ان العولمة هي أداة استعمارية جديدة لاستنزاف طاقات وقدرات الدول الضعيفة وجعلها أسيرة للأنظمة وللمبادئ التي يراد تعميمها ونشرها,, بل ان البعض قد يطلق عليها مصطلحات أخرى بدلا من العولمة ويقصد بذلك جعل أنظمة العالم تابعة للدول الغربية ومطبقة لما فيها من أنظمة ومعايير في كافة الجوانب,, والحقيقة ان العولمة لها شقان إيجابي وسلبي,, الإيجابي فمن حيث تركها البابا مفتوحاً امام نشر الأفكار والمعلومات والقيم والمبادئ واعطاء الفرصة للأطراف المختلفة لإظهار ما لدينا وقد يكون ذلك مفيداً لنا نحن كمسلمين لإيصال ما نحمل من عقيدة ومبادئ إلى أطراف لم نستطع الوصول إليهم سابقاً كما يحدث الآن في وصول الإنترنت وصفحاتها الإسلامية إلى شتى بقاع العالم,.
أيضا العولمة أدت في كثير من الأحيان إلى مراجعة النفس وتقييم الذات بصورة أكثر واقعية ومنطقية فطالما تغنى المسلمون بتاريخهم وإنجازاتهم ونسوا الكثير من سلبياتهم وضعف واقعهم وفي ظل المجال المفتوح في العولمة وما يحدث للأفراد والمجتمعات من اطلاع على ثقافات وحضارات أخرى فإن ذلك يؤدي إلى مقارنة ذلك بما لدينا ويتبين بذلك الموقع الحقيقي للمسلمين في عالم اليوم وبيان نقاط الضعف ومحاولة تلافيها.
ومن ناحية أخرى فإن لها شقاً سلبياً كبيراً يتمثل في محاولة الدول الكبرى فرض ما تراه مناسباً من إجراءات أو أفكار على الدول الأضعف,, والحقيقة ان سلبيات العولمة لنا كمسلمين في اعتقادي أكثر من إيجابياتها لعدة أسباب:
1, ان نشر الأفكار والآراء والقيم واللوائح وغيرها من العناصر لا يعتمد في الواقع على مدى صحة هذه الأفكار أو اللوائح أومراعاتها لمصلحة الجميع وإنما يعتمد دائما على قوة من يقف وراء تلك العناصر,, فالكثير من المبادئ التي نحملها أصح وأصلح للبشرية من غيرها لأنها جاءت من خالق البشر ولكن الواقع يقول بأن النشر والتعميم الآن يتم لمبادئ وأنظمة مخالفة لما نريده.
2, ان العولمة في مضمونها تحمل بذور الصراع,, فلكل مجتمع ودولة أنظمة وقوانين وعادات وأنماط ثقافية مختلفة وإذا كان هناك نشر وتعميم لعناصر معينة فإن ذلك يعني بالضرورة انحسارا وتقلصا في عناصر مقابلة لها وبالتالي نشاهد الكثير من دول العالم تسعى للحفاظ على خصوصيتها امام العولمة.
3, ان كثيراً مما يراد نشره وفتح المجال أمامه وخاصة في الجوانب الثقافية والفكرية انما هي عناصر ومواد تستهدف جذب وشد الأفراد والشعوب بغض النظر عن نتائجها السلبية أوالإيجابية فالمهم فيها الكسب المادي الذي يسعى إليه القائمون عليها كما هو الحال في المحطات الفضائية ونحوها,, وهذا رغم جاذبيته الكبيرة إلا ان أخطاره التربوية والفكرية والسلوكية خطيرة جداً,.
ويضيف الدكتور خليل الخليل قائلاً:
العولمة طوفان لا يمكن إيقافه وإنما يمكن التعامل معه بمعرفة السلبيات التي هي محل اهتمام المفكرين والكتاب على اختلاف مشاربهم من الشرق والغرب وهي كالآتي:
1, التقليل من قيمة الثقافات المختلفة وفرض هيمنة ثقافة واحدة ألا وهي ثقافة القوى المالكة لمراكز توجيه آليات العولمة وهي الثقافة الأمريكية في الوقت الحاضر.
2, تفتيت الوحدة العائلية التي هي أساس الوحدات البشرية.
3, إشاعة الذوق الغربي.
4, نشر الثقافة اللادينية وفرض الانسياب خلف الموضات الاجتماعية الفجّة.
5, حرمان الشعوب المتخلفة من اللحاق بركب التقدم نظرا لتفشي الأمية فيها والعولمة تقوم على تقنية عالية لا تملكها الكثير من الدول والمجتمعات في الدول النامية والمتخلفة.
أما إيجابيات العولمة فيختصرها الدكتور خليل في النقاط التالية:
1, العولمة تحمل في طياتها الكثير من الانجازات العلمية.
2, الاهتمام بالحفاظ على البيئة من التلوث.
3, تيسير الاتصالات بين الشعوب والدول وانتشار الثقافة التقنية.
4, اختصار المسافات ورفع الظلم عن كثير من المضطهدين في العالم وذلك لما للصورة المنقولة اثر على الحكومات والأحزاب.
كما يظن الدكتور الحمود بأن الأصل هو ان تكون العولمة بصيغتها المجردة من أي سلوك إنساني مطلبا حميدا وغاية نبيلة فمعرفة ما لدى الآخرين وتبادل الأفكار والمعارف وربما القيم والتقاليد الحميدة غاية نبيلة للمجتمعات المعاصرة وهي مطلب تهدف إليه الشريعة الإسلامية ومصداق ذلك قول الله تعالى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا , لكن العولمة التي يعيشها العالم اليوم ليست بالضرورة شاملة المبدأ الإنساني العظيم فهي في واقعها سيادة مجموعة دول وربما عدد محدود جداً من الدول بل هي في جوانب كثيرة منها وخاصة في بعدها الثقافي الاجتماعي تتمثل في سيادة دولة واحدة.
كما أشار الدكتور الحمود أيضا إلى ان الفكر الغربي والعادات والتقاليد والقيم الاجتماعية الغربية باتت تجد لها مواطن كثيرة حول العالم بل على المستوى الاقتصادي وان كان هذا الجانب ليس من نصيب دول الغرب وحدها, فإن المنتجات الغربية والمطاعم والشركات هي التي تسود اليوم البعد الاقتصادي العالمي غير أن هذا لا يعني الحكم على العولمة باعتبارها خيراً مطلقاً أو شراً مطلقاً.
أيضا يشير الدكتور عبدالله اللحيدان إلى الآثار السلبية والإيجابية من الناحية السياسية فقال: من الآثار الايجابية:
1, زيادة الوعي لدى الشعوب وزيادة قدرتها في التأثير في مجريات الأحداث.
2, سقوط كثير من الأنظمة الديكتاتورية واستقلال كثير من الشعوب التي كانت ترزخ تحت الحكم الشيوعي.
أخطار العولمة
وفي سؤال عن أي أنواع العولمة أخطر؟ سواء على مستوى الفرد أو المجتمع؟
أجاب الدكتور عبدالله اللحيدان قائلا:
أخطر أنواع العولمة هي العولمة الفكرية أي الاعتقاد بأن الأيدلوجية الرأسمالية الليبرالية هي الحل السحري لكل مشاكل البشرية والحقيقة ان ما يحتاجه البشرية لانقاذها من البؤس والشقاء هو إحياء الجانب الروحي والديني ومن بين كل الأديان يبرز الدين الإسلامي ليقدم الحقيقة لسعادة الإنسان روحياً ومادياً، دنيوياً وأخروياً ولعل التقدم في وسائل الإعلام والإنترنت أحد الجوانب الإيجابية التي من الممكن ان تطرح مثل هذا التحدي الفكري على بساط البحث.
كما أضاف الدكتور خليل الخليل مشيراً إلى ان مخاطر العولمة تكمن في أنها لا تنطلق من أسس حضارتنا ولا تملك الشفافية إزاء المفاهيم الدينية والاجتماعية التي لا تتفق مع الحضارة الغربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.