في مساء الإثنين الماضي تم عقد الجلسة الدورية لمنتدى عكاظ لشهر رمضان حيث بدأت الجلسة بنص للشاعر محمد بن سعد الحميدي الذي قدم نصا من الشعر الشعبي بمناسبة مرور عشرين عاما على تولي خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم. ثم تلا ذلك تقديم نصين لمبدعين من الطائف.. الأول بعنوان «في زمن ضياع الأحلام» لفائزة العتيبي وهي مشاركة لها لأول مرة في المنتدى.. وجاء نصها على شكل قصة سيطر على بنائها التداعي واللغة الخطابية أكثر من ظهور الحدث.. ولكن لغتها كانت جيدة ومتمكنة. أما النص الآخر فكان بعنوان «القط الأسود» للكاتبة «ونة» وهو نص فيه بناء القصة وفيه استلهام للهواجس الاجتماعية وللحكايات الغرائبية.. ومحاولة لتجسيد العلاقة بين عالم حاضر وعالم مخفي.. عبر حكاية القط.. ولكن بداية التجربة جعلت الكاتبة تغرق في تفاصيل سردية كأنه كاتب تقرير وقائع. ثم قدم عيضة السفياني نصين شعريين من الشعر الشعبي وتلا ذلك طلال الطويرقي بتقديم نص حمل تجربة جديدة في الاعتماد على توظيف العناوين الابداعية لانشاء نص ابداعي من خلال أدوات الربط بين تلك العناوين.. وقدمت في هذه الجلسة قصة للدكتور فراس عالم وهي قصة استلهمت موقع الانسان في ثقافة العصر ومطالبته للقفزات السريعة التي تجعله ينظر الى ذلك من خلال منظار اختاره القاص بعناية ليكون عنوان قصته هو «النافذة» في اشارة الى تقديم وظيفة النظر والتأمل على وظيفة التعامل والاستيعاب ثم تحولت الجلسة الى الاصغاء لتجربة الفنان مهدي الحريبي العائد مؤخرا من باريس، بعد ان قدم تجربته هناك.. تكللت التجربة التي شهدت هناك حواراً ثرياً ومداخلات نقدية من أبرز نجوم الفن التشكيلي والمهتمين به هناك. وقد قدم الأستاذ عيد الخميسي تجربة هذا الفنان حيث ذكر ان تجربة الجريبي تجمع بين ثلاثة محاور تصب في تقاطع واحد: العمل الفني مرآة للذاكرة، وهذه المحاور تتنوع على النحو التالي: في المحور الأول يلجأ الجريبي الى اعادة ذاكرة الآخر باعتماد الأثر الجاهز عملا فنيا كاملا وتكرب في عرضه. وفي المحور الثاني نلحظ آثار الآخرين، أي ذاكرتهم المكتوبة أو المرسومة في عمله التصويري لتقاسيم الماضي والحاضر. وفي المحور الثالث يحرر ذاكرته من خلال تصوير لرسم أقرب الى سباق للحاق بالذاكرة عندما يسجل حركة الذراع في تخطيطات تصويرية واضحة غامضة وكأنها ومضات للتذكر والنسيان. ثم ترك الحديث للفنان مهدي الجريبي لكي يتحدث عن تجربته فتحدث عن تجربته في «جدل» الذي أقيم بصالة اتيليه جدة والذي نقله بالتعاون مع مؤسسة المنصورية للثقافة والابداع في باريس.. حيث ذكر جهد المؤسسة وعنايتها بالابداع وحرصها على أن يكون لها موسم خاص في باريس.. حيث تفرغ لابداعه في ذلك المرسم. وقد تحدث عن فكرة استحضار الذاكرة الجماعية في عمله من خلال الطاولات المدرسية البالية.. ومن خلال الواح نسق عرضها.. وأخرجها في هاجسه الساعي الى ايقاظ كوامن الفعل الانساني وابراز شواهده. ثم تحرك المجال للمداخلات التي قادها أكاديميون وفنانون تشكيليون.. ولم تخل تلك المداخلات من احتجاج على فنية نقل أعمال الآخرين، وخلو هذه الأعمال التي يخرجها مهدي من أداة الفن وتقنياته.. وقد أجاب على تلك الملاحظات وكان اقتناعه بفكرته ممتداً الى جذور فلسفية، ووعي بقيمة استحضار الذاكرة الانسانية وايقاظها. ثم تلا ذلك نص للأستاذ خالد قماش بعنوان «ملعب ملالحي»: قال فيه: اتفقد أوراقي.. شهادة أخلاقي.. ختم وصور.. وكلام فرح وأمل.. وأحلام يا مسهل.. يامسهل هذي صورة من جروحي.. وهذي صورة من المؤهل.. مرمطة اذ كل الدوير.. مشورة والحزن فاير.. ثم قدم الشاعر محمد عيضة الزهراني نصا شعبياً. ثم قدم ماجد الثبيتي نصوصاً في نص أهازيج القراء.. منها نص استغاثة حنين الذي قال فيه: أيا زهرة المنتهى.. هل تذكرين؟؟ حين أودعت في صدرك.. منذ عناق.. ألف غيم وحنين؟؟ هل تذكرين؟؟ حين أسرجت بصدري أنا.. نحو غيمك صحراء تهيم؟؟... ثم جاء دور المداخلات والتعقيبات التي قام بها كل من د. شوقي أبوزهرة من كلية المعلمين بمكة المكرمة.. الذي تحدث عن بعض النصوص وركز حديثه على نص فراس عالم النافذة، ونص «القط الأسود» للشاعرة ونة. ثم قام الدكتور يوسف الظاهر من الكلية ذاتها ليقدم نصاً جميلاً حول ما قدم في تلك الأمسية مشيراً الى ابداع خالد قماش. أما الدكتور محمود عمار فتحدث عن تجربته التي قادته من محاضرة في مكان آخر حين تذكر موعد المنتدى الذي ذكر ان ابداعاته لا تسمح له بالتأخر عنه. ثم اختتمت الجلسة وسط شعور بحميمية التجمع حول الابداع ومسائله.