السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أرجو من سعادتكم التكرم بنشر مقالي هذا وتقبلوا خالص تحياتي.. إن الإيجاز المتمم للمعنى هو لغة العارفين.. وديدن الفاهمين.. إن تحدث قلّل، فدلّل، وإن رمز فهم وعلّل، وإن أخطأ طلب العفو وبدّل. هكذا يكون منطقهم.. فالعيب نادر، والصواب وافر.. لقد أخذ الإيجاز من هؤلاء مأخذه، فاحتل منهم المنطق. إنهم يوجزون في المنطوق دون المسموع، دون المقروء، دون الشخصية؟! نعم لم يصبهم الإيجاز في شخصياتهم، فأرى جمل الوقار تتكرر، وعبارات الالتزام تتعدد، وكلمات المظهر تتردد، ومعاني الصدق تتنوع، وأفكار الطاعة تترادف، هذه فئة!! أما الأخرى.. فقد أصابتها طلقات بندق الإيجاز في الشخصية، وأخطأت طلقاته في إصابة المنطق.. فأرى الفم كآلة الخدمة الذاتية التي شعارها.. دائما مفتوح، وأرى اللسان كالراية يلوح.. وليت الهواء النقي هو الذي يلوحه؟!.. بل إن العواصف المغبرة أجبرت اللسان على التحرك. يكب الفتى في النار حصد لسانه فحافظ على ضبط اللسان وقيّد إن هذه الفئة قد شخصت نفسها بشخصية الالتزام، ولكنها لم تودعها حقها من المكنونات، وليتها وقفت عند الإشارة الحمراء!! بل تجاوزته متجهة نحو تقاطع الغير.. لتضع فيه شيئا مما فيها.. فوصفته بالمظلم وقد ارتدت نظارة سوداء. ورمته بالمنتن الرائحة وهي لا تشم.. ووصمته بالقبيح وهي عمياء!! قمة الإيجاز في الشخصية .. اختصار وأيما اختصار. المظاهر لا تعكس المخابر.. قد أرى صاحب أردية براقة، ولكن أجزاءه الحقيقية باهتة، وأرى آخر «بثوب لا يخرق، ونعل لا تسرق» أراه وقد طمع الناس في منطقه وعقله. فالمظاهر لا تعكس المخابر. أخي الفاضل: بكل أدب أقول لك: فتش في نفسك ولا توافق رأيك فيها.. فرأي الفتى في نفسه رأي أعمى.. أيدل الأعمى الرجل الصحيح؟!.. أيداوي العليل الأصحاء؟! إنها عدة أوبئة تراكمت على سطح مجتمعنا فتكاد أن تشتته، بعد أن زرعت شيئا من الفرقة فيه. فلنمتنع عن كل قبيح ونتقيد بكل صحيح، ولنعمل لنكون اخوة أشقاء، نحزن جميعاً عند فقد والدنا، ونفرح سوياً عندما يولد لنا شقيق آخر. هكذا يجب أن نكون. «إن أريد إلا الإصلاح مااستطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب». عبدالعزيز بن عبدالله الخضر - بريدة