* مدخل: شعرنا الذي نكتبه بلهجتنا المحكية ليس بعامي,. ولا نبطي,, ولا حلمنتيشي,, ولا يدوي. كما يطلق عليه بعض من يجهلونه ,, وبما انه يكتب باللهجة الشعبية السعودية التي يتكلم بها الشعب كله فهو الشعر الشعبي . * بداية: في بداية التسعينيات الميلادية انطلقت وعبر جريدة والجزيرة شرارة حوار طال أمده بين بعض المدافعين عن الفصحى,, وبعض الشعراء والادباء ممن لايرون في الشعر الشعبي خطراً على لغة القرآن الكريم التي حفظها الله بحفظ كتابه العزيز. تزعم المحاربين للشعر الشعبي الفريق وعضو المجمع اللغوي يحيى بن عبدالله المعلمي غفر الله له وأسكنه فسيح جناته. ودخل الى جانبه عدد كبير لا تحضرني أسماؤهم الآن كما تزعم فريق المدافعين عن الشعر الشعبي المبرئين له من تهمة الخطر على اللغة الفصحى شيخنا وأستاذنا الجليل عبدالله بن خميس، ومعه عدد كبير من الشعراء والادباء. وانتهى الحوار دون الاتفاق على حل جذري لذلك الخلاف,, وظل الأمر معلقاً فلا الشعر الشعبي انتهى,, ولا إبداع شعراء الفصحى أشبع نهم القارئ وصرفه عن متابعة ما تكتبه أقلام الشعراء الشعبيين. في تلك الحقبة كنت في بداياتي الصحفية وكان عملي في القسم الشعبي بجريدة الجزيرة سابقاً لذلك باسابيع قليلة وكان الاستاذ عبدالله الثميري يرحمه الله وهو من أبرز شعراء الوطن الشعبيين وممن شاركوا بذلك الحوار شعراً ونثراً. هو رئيس القسم الشعبي بالجزيرة منذ إنشائه. وقد كان لي بعض المناوشات مع عدد ممن يحاربون هذا الشعر ومما قلته آنذاك: يجب أن يسأل الشاعر الفصيح لماذا لم يكتب ما يغنينا عن الشعر الشعبي,, فمعظم من تنشر الصحافة نتاجهم الى اليوم همنظام يستعينون بالمعاجم اللغوية على صناعة القصيدة. أما الشعر الشعبي فهو يكتب بتلقائية لان أدواته متوفرة فالمفردة هي الفاظ الناس المتداولة اما المعنى والاسلوب فتطوعهما الموهبة الشعرية وتحليهما الثقافة المكتسبة لاثقافة المراجع التي ساهمت بطغيان الشعر الشعبي على حساب الفصيح عندما اهتم الشاعر الشعبي بهموم مجتمعه وخاطبهم بلغة سلسة لا يستعصي فهمها على العامة ولا يمجها المثقف الواعي ولو أن جميع شعراء الفصحى تخلوا عن النظم والصناعة وكتبوا باسلوب عصري بعيد عن التكلف لكنت أنا أول من يكتفي بقراءة ما يكتبه مبدعو الفصحى. لكن إذا استثنينا الدكتور غازي القصيبي والدكتور عبدالرحمن العشماوي ومن جاء بعدهما وهم قلة نادرة فمن يملأ الذهن ويجبرك على متابعته وانتظار جديده؟! وأنا أتكلم عن عصرنا هذا فكلامي لا يشمل شعراء الرعيل الأول أو جيل الرواد في بلادنا الغالية . * كل ما سلف تداعيات ارتسمت في مخيلتي وأنا أقرأ موضوع الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد الذي تهلل فرحاً لأن كوكبة من رواد الشعر الشعبي كتبوا قصائد فصيحة,, وحق له ذلك ونحن معه ولن أناقش تحامل الدكتور على هذا الشعر حتى لا نعيدها جذعة كما يقول المثل,. كما أنني لن أتحدث عن رد شاعرنا الكبير وأميرنا المحبوب خالد الفيصل على شعبية القصيبي بفصيحه,, ولا لماذا كتب الامير بدر بن عبدالمحسن ذلك النص الفصيح فهو يبدع في مجال الشعر الشعبي ولو اتجه الى الشعر الفصيح فلن يكون الا مبدعاً. لن أتحدث عن قصيدة الشاعر طلال الرشيد التي هي أساس موضوع الدكتور. بل ساقتصر حديثي عما عناني من تلك الكلمة القيمة فاقول : اشكر الدكتور على ثنائه على كتاباتي النثرية المتواضعة وكوني اكتب نثراً فصيحاً سليماً من الاخطاء فلا يعني ذلك أنني ساكتب شعراً فصيحاً بمستوى ما أكتبه من الشعر العامي,, ولو وجدت في بداياتي من يوجهني لربما تغير الأمر. وبالمناسبة فهناك مواهب شابة تأتي إلي في الجريدة تريد الكتابة بالشعر الشعبي مع أن لها محاولات فصيحة لم تجد من ينقدها ويبين مواطن الضعف والقوة فيها رغم كثرة الاندية الأدبية,, وشكوى أهل الفصحى من تفشي الشعر الشعبي وطغيانه,. فالأولى أن يهتم هؤلاء بالمواهب الشابة ويفسحون لها المجال لتقدم مالديها ب لغة الضاد حتى لا يضطروا الى اللجوء للبديل وهو الشعر الشعبي فمن كان يرى أن وجود الشعر الشعبي مشكلة فلا أعتقد أن حلها في محاربته فقط. وعلى المحبة نلتقي