فمن الناس من جعلها الشمَّاعة التي يُعلِّق عليها مظاهر فشله، ومنهم من جعلها اكليلا من الورود الجميلة المتفتِّحة,. الناس يختلفون في أهوائهم وافكارهم، وكما قيل فالنّاس اجناس والفرد منا يجمع ما بين النقيضين احيانا. ففي فترة ذروة الفرح والانس والنجاح اللهم اجعل ايامنا افراحا ونجاحات تجد الواحد منا يقول: الله يا زين الدنيا وما اجملها ويرى الكون كلَّه جميلا وتجده متفائلا طيلة يومه ذلك وتجد نفس الشخص في اليوم الثاني اعني في موقف آخر وممكن قد يكون في نفس يوم الفرح السابق الذكر بل قد يكون في نفس الساعة تجده حزينا جدا ومكتئبا وكأن الدنيا جميعها بطول الارض وعرضها قد ضاقت عليه بما رحُبت. فسبحان الله,, هذه هي الدنيا,. اجتمعت يوما مع استاذي ووالدي في العلم د, محمد رائد النجار استاذ علم النباتات رحمة الله عليه ونحن في قاعة احد المختبرات العملية وامامنا مجموعة من النباتات النادرة والجميلة بأزهارها فقلت له : جميلة هذه الورود يا استاذ محمد. فقال: هي جميلة لانك انت الذي رأيتها جميلة!!! ولو اردت ان تراها قبيحة ,, ستراها كذلك غير جميلة!!! فتعجّبت منه ومن حديثه كثيرا وكذلك تعجّب كل زملائي واحبائي الطلاب. فقلنا جميعا وبصوت جماعي شبه مُنظّم وبدون سابق تنظيم : ولكنها جميلة يا استاذ قبل ان نراها . فقال: ما كنتم تعلمون انها جميلة فعلا إلا بعد ان رأيتموها. واحمدوا الله ان رزقكم اعينا لتروا بها وإلا ما رأيتم جمالها. والبعض من البشر الله وهبه العينين ولكنه لا يرى شيئا جميلا. أمَّا ,, لماذا؟ فهذا يعود الى تركيبته النفسية. او الى ظروفه الاجتماعية او الاقتصادية او خلاف ذلك. فالمهم هو صفاء النفس ومدى تقبُّلها بما يحيط بها من عناصر ومكونات بيئية واجتماعية. فلو كنت غاضبا مثلا او كان بالك مشغولا بشيء آخر لما رأيت بأنّ هذه الورود جميلة. لكانت سواء بسواء مع اي كرسي هنا او طاولة او دورق او غير ذلك. ولكنّك بعينيك وعقليتك كنت مهتما بجمالها,, لهذا رأيتها جميلة وهكذا هي الدنيا بعمومها. بأبيضها وأسودها. بجميلها وبقبيحها. بطولها وبعرضها,. بحياتها وبموتها,. ولذا فقد قال صلى الله عليه وسلم : إنَّ الله جميل يحب الجمال . جمال الروح,. جمال الدين,. جمال الخُلق,. جمال التعامل,. جمال الهيئة,. جمال الملبس,. جمال الهندام,. جمال الأناقة,. والجمال هنا يكون الجمال الطبيعي البسيط الذي لا تكلّف فيه والمحظوظ من يحاول ان يجمع ما بين النوعين جمال الروح وجمال الاناقة انتهى كلام استاذي رحمة الله عليه وعلى جميع اموات المسلمين. الدنيا ان تعاملنا معها بجماليها الروحاني والمظهري بشكل متوازن ومرتبط فانها ستكون جميلة باذن الله جمالا منقطع النظير!!! مهما كانت الظروف بقساوتها وشدّتها ومرارتها. من حالات وفاة مثلا او خسارة في تجارة او فشل في عمل بصرف النظر عن الاسباب او في زواج او تشتُّت ومعاناة من بعض الاهل والاقارب والاخوة والمعارف,, او عقوق من الابناء او نقص في الأموال والانفس,, او غير ذلك بالرغم من كل ما سبق أبعدنا الله واياكم عنها ستكون الدنيا جميلة ولكن كيف؟ ومتى؟ يكون ذلك اذا امتزج الجانبان الروحي والمادي واصبحا يسيران من نبع واحد ألا وهو النبع الالهي : قل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا وفق سنة محمد صلى الله عليه وسلم: عجب لأمر المسلم كله خير ان اصابته سرَّاء شكر وان اصابته ضرَّاء صبر او كما قال:اذا الدنيا جميلة جدا فقط للمسلم المؤمن. صدقوني انها رائعة مع علاتها,. فالحمد لله الذي جعلني واياكم من امة محمد صلى الله عليه وسلم,. وتقبلوا تحياتي,. حسين الراشد العبداللطيف