بعيداً عن الآراء الانطباعية التي نحترمها لوجهات نظر لاتستند إلى أدلّة موثّقة من نصوص الشعراء والشاعرات فإن الاتفاق مع من يُنظِّر في تقييمه غير الموضوعي ويرجِّح كفّة المرأة أو في المقابل الرجل في الوفاء قد يستند إلى ردّة فعله في موقف، وبالتالي يصنّف اجتهاده في إطار رؤى تشوبها شخصنة ليس لها صلة (بالمنظور النقدي) البتّة. وبعيداً عن لغة الإيماءات، والتضمينات، والتحيز الاعتباطي للشاعر أو الشاعرة وهي تهمة لا يستطيع أن ينفيها أصحاب مؤلفات وأقلام عديدة عن توجهاتهم وإن ادعوا خلاف ذلك فإننا - في مدارات هنا وبحيادية كما عودنا الجميع نلقي الضوء على نزف قلوب وبوح عاشقين ونجوى أكثر من شاعر وشاعرة من الأجيال السابقة وسنلحقها بدراسة أخرى لأجيال لاحقة لندلل على أن القضية ليست مرتبطة بفصيلة من يحملون أو يحملن موهبة الشعر أو (بزمانهم أو مكانهم) رغم يقيننا (بالتأثير المتبادل في كل ذلك) إلا أن القضية قضية أشخاص في الوفاء وهي ليست صفة يحوزها الشاعر دون الشاعرة والعكس صحيح. يقول الشاعر الشيخ محمد الصييفي شيخ قبيلة النبطة من سبيع متغزلاً في محبوبته التي أورد اسمها في الشطر الأول (لطيفة): قلبي اللي تلّته مني (لطيفة) تلّ هزل الجيش مع حيلٍ سماني تلّة اللي غازيٍ قيضه وصيفه مع عقيدٍ مثل (فراج العماني) (وفراج العماني) هو شيخ قبائل بني عامر من سبيع، وها هو أيضاً الشاعر والفارس الشيخ عقاب بن سعدون العواجي العنزي يشير لاسم محبوبته (نوت): (يانوت) عناّ ظعونكم ليه شالت ياحيف تم فراقنا ياحبيبي زملك مع الحزم المشرّف تكالت وقفت أراعيهن وقلبي غضيبي ونشير لموقف وفاء متناه يؤلم كل مرهف وهو موقف شيخ أهل البلقاء نمر بن عدوان وقصائده التي خلدت حبه (لوضحى) بدم قلبه حتى أنه تمنى الموت بعد أن بلغ مرحلة لا تطاق من الوجد مخاطباً ابنه وابن حبيبته وزوجته المتوفاة، وضحى - علماً بأنه متعلم ومؤمن ولايقنط من رحمة الله: باح العزا ياعقاب من مهجتي باح من لاهبٍ بالصدر حرّق جروحي يامسندي بلكي عسى البال يرتاح روحي توازٍ لروح خلّي تروحي ياما غدا قبلي مخاليق وارواح واليوم أنا من عرض من راح أروحي وفي المقابل يظهر جلياً وفاء الشاعرات بإشاراتهن لأسماء من خصّينهم بالوفاء والمحبة كما تدل على هذا قصائدهن، تقول الشاعر (وضحا) العبدالله من بادية (السّر) في وسط نجد، تتغزل في معشوقها (ابن دويرج) الذي كان ينزل بدار قريبة من دارها: البارحة عدّيت بالمستقلّه في رأس مزمومٍ طويل البياحي يايوه عزّيني بدا في خلّه سدّي على بعض المخاليق باحي من يوم قصر (دويرجٍ) مدهلٍ له غليّمٍ ينقل جديد السلاحي وهذه الشاعرة (عشيبة بنت دغيِّم السليطي) من شمّر تتغزل برجل يدعى (عيد بن حسيكا) وتقول: واخانة القلب ياعمّي عن لذّة النوم قزّاني ياعيد لو نقّعوا دمّي ما انساك كود انت تنساني والشاعرة - عجائب الصخرية - تقدم لخطبتها كثير من شيوخ القبائل لجمالها الفتان، غير أنها رفضت الزواج منهم جميعاً، وأشارت في قصيدتها لاسم ابن عمها الذي تحبه دون غيره: قالت عجايب بنت مروي شبا الزان حيث إن إبويه ناشدٍ عن خوالي أبوي فكّاك الضعن يوم الأكوان وأخوي حمّاي البكار المتالي إلى أن قالت: أريد أنا (ولد الخريشا سليمان) ذابح طوابير العساكر قبالي * شاعرات من البادية: عبدالله بن محمد بن ردّاس * من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية: منديل بن محمد الفهيد