تحتفي مملكة البحرين الشقيقة اليوم الجمعة، الحادي والعشرين من شهر محرم، الموافق السادس عشر من شهر ديسمبر الحالي، بالذكرى الأربعين ليومها الوطني. وقد شهدت مملكة البحرين منذ استقلالها نهضة شاملة في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها من المجالات التنموية الأخرى، واستطاعت أن تؤسس بنية اقتصادية حديثة ومتنوعة عززت من خلالها مكانتها بوصفها مركزاً تجارياً ومالياً وسياحياً رئيسياً في المنطقة. وتبنت حكومة مملكة البحرين فلسفة عمل طموحة، تنطلق من استراتيجية متكاملة للتنمية الشاملة، تستهدف زيادة معدلات النمو الاقتصادي وتطوير الأنشطة الاقتصادية والتجارية وفتح سوق البحرين أمام مختلف الاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية وزيادة الدخل الوطني وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين وتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني, فكان من نتائج هذه السياسة أن تبوأت البحرين مركزاً متقدماً في العديد من المجالات الاقتصادية. وتُعَدّ مملكة البحرين من أكثر الاقتصادات الخليجية تنوعاً في ضوء ارتفاع إسهام القطاعات غير النفطية من إجمالي الناتج المحلي، إضافة إلى اهتمام الهيئة الوطنية للنفط والغاز بتنمية ثروات النفط والغاز الطبيعي انطلاقاً من أهمية القطاع النفطي بوصفه مصدراً رئيسياً للطاقة وإقامة مؤسسات حديثة ومتطورة في صناعات الألمنيوم والبتروكيماويات والصناعات المعدنية والهندسية والغذائية والدوائية في ظل تسهيلات البنية التحتية والتشريعية ووجود 11 منطقة صناعية. وتصنف مملكة البحرين بوصفها مركزاً مالياً ومصرفياً مهماً في المنطقة؛ لاحتضانها نحو 412 مؤسسة مالية ومصرفية وشركة تأمين, إلى جانب ريادتها للعمل المصرفي الإسلامي، وتنفيذ مشروع مرفأ البحرين المالي، ووجود سوق واعدة للأوراق المالية تم تأسيسها عام 1989 بفضل جهود مؤسسة نقد البحرين التي تحولت إلى مصرف البحرين المركزي بموجب مرسوم ملكي صدر في السابع من سبتمبر 2006. ويشكل قطاع الخدمات المالية 27 % من الاقتصاد البحريني، وتفتخر البحرين بريادتها الطويلة في هذا المجال، وترحب بتأسيس مناطق مالية جديدة أخرى في المنطقة؛ فهناك متسع للجميع في سوق منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى 28,240 دولاراً أمريكياً، وتبلغ نسبة الإنفاق العام على التعليم من الناتج المحلي الإجمالي نحو 2,9، وعلى الصحة نحو 2,6. وقد حرصت الحكومة البحرينية على أن تستهدف الميزانية الجديدة، التي تجيء امتداداً لبرامجها الاقتصادية والاجتماعية، عدداً من المشاريع الحيوية في مجالات الصحة والتعليم والبنية الأساسية والإسكان والخدمات الأخرى التي ستمثل دعماً مباشراً للقطاعات الحيوية في المملكة. وقد حرصت الحكومة عند إعداد الميزانية العامة للدولة للسنتين الماليتين 2011 و2012 على تحقيق عدد من الأولويات في إطار الالتزام بالمبادئ والمفاهيم الأساسية للرؤية الاقتصادية 2030 والاستراتيجية الاقتصادية الوطنية. ومن أهم هذه الأوليات الحفاظ على مقومات النمو الاقتصادي وترسيخ أركان الاستقرار المالي والنقدي من خلال تطوير سياسات اقتصادية ومالية ونقدية متوازنة ومنضبطة، وتبني مبادرات إصلاحية وتشجيع استثمارات من شأنها تعزيز ودعم القطاعات الاقتصادية كافة. وتولي مملكة البحرين اهتماماً ملحوظاً بتوفير سُبل العيش الكريم لأبنائها والعناية الكاملة بهم صحياً وتعليمياً واجتماعياً وتدريبياً ووظيفياً وثقافياً ورياضياً. وحققت مملكة البحرين في هذا الصدد إنجازات ملموسة أشادت بها مختلف المنظمات الدولية والإقليمية. ومن أبرز المؤشرات ذات الصلة توفير مسكن ملائم لكل أسرة مزود بجميع الاحتياجات الأساسية في ظل برامج متكاملة لإنشاء مدن جديدة وتطوير القرى وتحديث وصيانة شبكة الطرق والمياه والكهرباء والاتصالات وتقديم خدمات صحية حديثة من خلال 23 مستشفى حكومياً وخاصاً وعشرات المراكز والعيادات الصحية، مع توافر كوادر طبية وفنية وطنية متميزة محققة إنجازات أشادت بها (منظمة الصحة العالمية)، من أبرزها توافر الخدمات الصحية الأولية والعقاقير الطبية للسكان بنسبة 100 في المئة. وفيما يتعلق بعلاقات مملكة البحرين مع العالم الخارجي واصلت البحرين سياستها الخارجية، التي تستند إلى توطيد العلاقات مع مختلف دول العالم شرقاً وغرباً، ومد جسور الصداقة والتعاون مع مختلف شعوب العالم بما يعود بالنفع والخير على الوطن والمواطنين. وقد اتجهت البحرين للتحرك في محيطها الإقليمي والدولي وإقامة علاقات متنوعة تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع مختلف دول العالم؛ حيث ظلت السياسة الخارجية للبحرين على مدى تاريخها انعكاساً طبيعياً لشخصيتها. وقد عززت البحرين من دورها التاريخي والحضاري، الذي قامت به خلال السنوات الماضية من تعزيز لعلاقاتها مع مختلف دول العالم. مؤكدة في هذا الإطار أنها كانت - وما زالت - مركزاً للتعايش الأمثل والسلام الدائم بين جيرانها منذ القدم. وعلى الصعيد العربي أكدت البحرين دوماً أهمية تفعيل دور الجامعة العربية والتكامل العربي المشترك والوقوف كتلة واحدة في وجه التحديات الآنية والمستقبلية، خاصة دعم الحق العربي والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني من خلال مشاركاتها في جميع الاجتماعات والمؤتمرات العربية. وعلى صعيد علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي كانت البحرين وما زالت تؤكد وحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة ومساندة القضايا العادلة للدول الخليجية الشقيقة، ولاسيما عبر مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وتمتاز علاقات مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية بعمقها وحميميتها وخصوصيتها مع ما شهده البلدان الشقيقان من حدث تاريخي مهم، تمثل في افتتاح خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة - رحمهما الله - جسر الملك فهد في ربيع الأول من عام 1407ه، الذي ربط البحرين بشقيقاتها دول المجلس، وشكل نقطة تحول باتجاه التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.