{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنعام:115]. {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل:90]. لو تأمّلت كلّ موضع وردت فيه كلمة العدل في القرآن الكريم ستجده مرتبطاً بالله سبحانه تقديراً من العزيز الحكيم لقيمة العدل وأثرها البالغ في استقامة الحياة. ولأنّ سحر اللغة لا يزال هو المهيمن والمسيّر لاختيارات ومشاعر الإنسان العربي، فإنّ الأحزاب التي نجحت في اقتراعات الصناديق هي الأحزاب التي جعلت من العدل رمزاً لها، وهو ما يؤكد تعطُّش هذه الشعوب للعدالة، في المغرب فاز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات وترشّح رئيسه السابق لرئاسة الحكومة، وفي مصر اكتسح حزب العدالة والحرية بقية الأحزاب الأخرى وتقدّم في المرحلة الأولى حاصلاً على 36 مقعداً من أصل 54. هذان الحزبان اتخذا من كلمة العدالة وسيلة لاجتذاب البسطاء البعيدين عن المعترك السياسي، المشغولين بلقمة عيشهم، التائقين لمنفذ العدالة الذي بإمكانه أن يبلغهم نهاية النفق إلى حيث حياة حقيقية تليق بالآدميين ! تتأسّى هذه الأحزاب بحزب العدالة والتنمية التركي الذي كرر فوزه مجدداً ونال ثقة كافة الأطياف والاتجاهات التركية، ليس لأنّ اسمه العدالة بل لأنّ اتجاهاته عادلة فعلاً مع جميع المختلفين، حزب إسلامي لكنه يمارس العلمانية أكثر من الأحزاب العلمانية، حيث يقدّر كافة الطوائف والمذاهب والأديان، ويؤمن بحق الفرد في نيل فرص عادلة ومتساوية، لا يتقدم فيها أحد على غيره بميزة المرجعية الدينية. الحزب المغربي وعد بهوية أصيلة للمغرب مرجعيتها إسلامية تقبل كافة الاختلافات وتحترم مؤسسات المجتمع المدني. فهل يمتلك حزب العدالة والحرية المصري المنبثق عن الإخوان المسلمين، اتجاهات عادلة قادرة على التخلص من الإرث الفكري الإخواني الذي يتّسم بالتحريض والتربُّص والعسكرة في مرحلته السابقة، وهل سيكون للحزب في مرحلته الجديدة من اسمه الجديد نصيب؟؟