قال ل «الجزيرة» خبير استراتيجي إن برنامج حافز سيكبد الاقتصاد الوطني 8 مليارات سنوياً على أقل تقدير وهي خسارة وليست تكلفة، فلكل ريال يتم صرفه من ميزانية الدولة يتم فقد أكثر من 3-4 ريال في الإقتصاد الكلي، أي أننا بصرفنا لأكثر من 500 مليار ريال نخسر أكثر من تريلويني ريال سنوياً خسارة تمثل مكاسب لإقتصاديات دول أخرى. وبحسب الدكتور سليمان العريني الذي وجه انتقادات بالجملة لبرنامج «حافز» فأنه يمكن احتساب التكلفة الإجمالية للبطالة وفق المعايير التالية: 8 مليارات ريال مساعدات مالية للعاطلين عن العمل، أكثر من 200 مليار ريال تحويلات خارجية من قبل العمالة الأجنبية، مئات المليارات تحويلات خارجية لشركات ومؤسسات أجنبية ، بجانب مساعدات الدولة للتجار والصناعيين في شكل أراضي وقروض ميسرة، دعم لا يحصل عليه أي تاجر في أي دولة في العالم، في مقابل عدم استفادة الدولة من مشاريع القطاع الخاص، فهذه المشاريع لا توظف السعوديين، وتستهلك من المال العام وأراضي الدولة الكثير، ولكنها حتماً تفيد التاجر وأصحاب المصالح الخاصة. ويواجه برنامج حافز انتقادات متكررة من أوساط اقتصادية بسبب ما وصف بأنه اشتراطات متعنته تحول دون إفادة العاطلين والعاطلات من القرار الملكي بصرف إعانة لهم، وهنا أطلق العريني تحذيرات من تزايد قوائم العاطلين عن العمل مشيرا إلى أن «حافز» ليس حلا للبطالة وأن الحلول لا بد أن تتم بصورة تكاملية بين مختلف مؤسسات وقطاعات الدولة، ولفت إلى أنه على عكس ما نشر رسمياً بأن نسب البطالة تبلغ (10,5%) أو تقريباً (450) الف عاطل وعاطلة سعوديين، فإن نظام حافز يشير إلى وجود أكثر من مليوني عاطل عن العمل أي أنه نسبة البطالة الحقيقية تمثل أكثر من أربعة أضعاف النسب المنشورة رسمياً؛ أي أنها قد تصل إلى أكثر من 35 في المائة كنسبة بطالة وهي نسبة قابلة للزيادة في ظل عدم وجود بيانات ومصادر دقيقة لهذه المعلومات. واستذكر العريني انه في عام 1415 ه أصدر مجلس الوزراء قرار رقم (50) والخاص بمشروع السعودة وقد نص القرار بالزام القطاع الخاص بزيادة نسبة السعودة بمعدل (5%) سنوياً، مما يعني أنه لو تم تطبيق هذه القرار بكل حزم وبمتابعة ورقابة ومحاسبة حقيقية لوصلت نسبة السعودة إلى أكثر من 100 في المائة قبل العام 1432 ه، أي أننا قد نصل إلى وجود أكثر من وظيفة متاحة لكل طالب أو طالبة عمل سعودية، إلا أن هذا لم يحصل؟ فعلى مدى أكثر من (20) عاماً، ما زلنا نتحدث عن السعودة والمشكلة تتفاقم وما زلنا نعاني من تبعاتها من مشاكل ليست اقتصادية فقط ولكن أمنية وإجتماعية ونفسية. ومعلوم أن النسب المقبولة إقتصادياً وعالمياً يجب أن تقل عن 5 في المائة، و هذه النسب تعتبر غريبة وغير مبررة في ظل وجود إقتصاد قوي ومصادر دخل عالية، والأهم وجود أعداد من العمالة الأجنبية تفوق ال (9) مليون حسب الإحصائيات الرسمية، وقد تزيد عن ال (13) مليون إذا أخذنا في الإعتبار العمالة المتخلفة وغيرها. ويضيف العريني، سمعنا بنظام نطاقات والتسويق والتقديم الذي صاحبه ولكننا لم نر أي ربط بين هذا النظام وقرار السعودة رقم (150)، سمعنا بنطاقات ولكننا لم نر أي علاقة أو هدف واضح بزيادة توظيف السعوديين والسعوديات، ويأتي الآن نظام حافز والمبني على قرار الدولة بتقديم مساعدة مالية لطالبي العمل حتى حصولهم على العمل، وهذا ما حرصت عليه الدولة من تقديم المساعدة، مساعدة مؤقتة وليست دائمة، مساعدة تمثل أداة ضغط على الجهات ذات العلاقة، أحدها وزارة العمل للقيام بواجباتها الوطنية بتوظيف أبناء وبنات المملكة، وتم إصدار النظام بشروط معينة ومنها اشتراط ان يكون المتقدم ما بين (20-35) من العمر وهو شرط غير عادل من وجهة نظر السوق، حيث إن العمر المناسب للعمل ما بين (20-60)، مما يخرج مجموعة كبيرة من طالبي العمل. وطرح الدكتور العريني تساؤولات للحكم على مدى نجاح أنظمة حافز ونطاقات وغيرها من المبادرات يجب أن ندرس ونراجع ماذا حصل في المبادرات السابقة وأهمها القرار رقم 50 جميع المؤشرات الحالية توضح وبدون أي مجال للشك بأنه خلال العشرين سنة السابقة: زادت نسب وأعداد البطالة بين السعوديين والسعوديات، زادت نسب وأعداد العمالة الأجنبية من أقل من مليوني إلى أكثر من 9 ملايين، زادت نسب وأحجام الدعم الحكومي للتجار والصناعيين في هيئات قروض ميسرة وأراضي مجانية، كما تم فتح المجال لما يسمى الإستثمار الأجنبي، مما ترتب عنه دخول أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية تنافس السعوديين على أبسط فرص العمل من نجارة ومقاو لات ومطاعم ، استثمار أجنبي لا يمثل أي قيمة حقيقية أو قيمة إضافية للاستمثار الأجنبي المطلوب. وأوضح الخبير الاستراتيجي، انه ومع تنامي ظاهرة الاحتكار (العملية) للأسواق السعودية ما بين تجار سعوديين وغير سعوديين فعلى سبيل المثال، سوق المواد والمبيدات الزراعية يتحكم بها غير سعوديين وسوق الأسماك يسيطر عليه الآسيويين وسوق قطع الغيار وقطاع التجزئة من مواد غذائية ومغاسل ومواد بناء وغيرها من جنسيات مختلفة غير سعودية، وقطاع المقاولات من جنسيات أيضاً غير سعودية ما بين لبنانية وباكستنانية (عمالة سائبة)، وما بين تحويلات مجانية لتجار أجانب وعمالة أجنبية – لا زكاة ولا ضرائب ولا رسوم عليها – تبلغ مئات المليارات سنوياً ما بين تحويلات رسمية عن طريق البنوك السعودية وما بين تحويلات غير رسمية وغيرها، كل هذا يعني بأننا نواجه حقائق ومتغيرات خطيرة على مجتمعنا وخصوصاً في الجوانب الأمنية والإجتماعية إلى جانب التأثيرات الإقتصادية السلبية. وعن الحلول الاستراتيجية، قال العريني إنه حتى يمكن حل مشكلة البطالة يجب تشخيص المشكلة بشكل صحيح ومن ثم قبول المشكلة والتعامل معها بشكل كامل ووضع حل شامل وعملي، وليس التعامل مع المشكلة غير الصحيحة أو التعامل مع المشكلة جزئياً أو تحميل مسئولية المشكلة وحلها على جهة دون أخرى. وأشار إلى أن مشكلة البطالة ليست مسئولية وزارة العمل، وإنما مشكلة شاملة تساهم فيها عدد من الجهات الحكومية، فليس من المقبول إستثناء وزارة التجارة والصناعة أو هيئة الإستثمار من مسئوليتها في تفاقم وتنامي مشكلة البطالة في المملكة، وبما أنها مشكلة مشتركة فالحل يجب أن يكون مشتركاً ومن خلال تبني مشروع وطني يبنى على القرار رقم (50). وختم العريني، «ولأن حافز مشروع وطني يعنى بالجوانب الأمنية والإقتصادية والإجتماعية فإنه من المناسب والعملي أن يتم إدارة هذا المشروع من خلال مجلس القوى العاملة برئاسة سمو ولي العهد ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز، وكلنا أمل في سمو الأمير نايف في تبني مثل هذا الإقتراح، على الرغم من مشاغل سموه وعظم مسئولياته». ومن جانبه اكد ل «الجزيرة» الدكتور عبدالرحمن السلطان، استاذ الاقتصاد بجامعة الامام محمد بن سعود ان شروط برنامج حافز مجحفة كثيرا بحق العاطلين والعاطلات خصوصا شرط العمر وان لايتجاوز 35 عاما، مضيفا بأن من هو فوق ال35 عاما هو المستحق الفعلي لظروفه المعيشية الصعبة وقد يكون رب اسرة ويجب ان لايستثى من هو في سن العمل والمندرج في قوانين العمل والعمال والتأمينات الاجتماعي والخدمة المدنية وهو سن العمل من 18 عاما الى 60 عاما لمن لا يوجد له دخل ثابت كضمان اجتماعي أوغيره. وحذر السلطان من ان المشكلة الاكبر هو تحديد ال12 شهرا فقط لصرف مكافأة العاطلين عن العمل وماذا بعد ذلك: هل تم وضع سياسات واجراءات لحل مشكلة البطالة الحقيقية في المملكة ولا نرجو حل هذه المشكلة بحلول وقتية لأنه بعد هذه المدة سنكون في مأزق آخر وهو اعتماد هؤلاء على هذه المكافأة وعدم وجود حلول مستقبليه طويلة الامد. وقال السلطان بأنه يتضح من الاشتراطات ان رقم البطالة في المملكة رقم ضخم فكيف المتقدمين على برنامج حافز اكثر من مليونين والمستحقون 700 الف فقط وتم تخفيض الرقم بوضع شروط تعجيزية بعد ما تم فشل الشروط السابقة والتي تمثلت بطلب فتح حسابات من جميع المتقدمين وإرهاق الشباب والعوائل وبعد ذلك وضع شروط تعجيزية، وشدد على أن برنامج نطاقات لن يسهم بأي مستوى مقبول للحد من العمالة الاجنبية وارتفاعات معدلات البطالة ومن المؤكد ان ضرره اكثر من نفعه على حد قوله.