عندما نضبط أحدهم متورطاً في التملق، فإنه سرعان ما يبرر فعلته بأنه مضطر إلى ذلك حتى أصبح ذلك المصطلح لافتة براقة يستتر وراءها هؤلاء ليقترفوا مجموعة متداخلة من الرذائل تبدأ بالمجاملة والمداهنة وتنتهي إلى النفاق وإفساد الآخرين... كلمة أصبحت مثل الشراب والطعام لكثير من الناس، وأصبح صعب الاستغناء عنها تجدها في كل مجال حتى بين الزوج وزوجته ألا وهي (المجاملة) وأصبح لها باب خاص بها، فإن سألت شخصاً لماذا فعلت كذا؟ قال لك: «من باب المجاملة» أي بمعنى أن المجاملة حالة استثنائية مسموح بها؟ ومن الأسف أن الكثيرين يستغلون هذا المصطلح البراق لتبرير سلوكياتهم الشائنة ونفاقهم وتملقهم للآخرين، والسبب الرئيس في تفشي هذا الوباء في المجتمعات المعاصرة أن بعض الناس خاصة في المناصب القيادية يضيقون بالنقد فيدفعون من حولهم إلى محاولة تملقهم واستجلاب رضاهم ولو كان ذلك على حساب الحقيقة والصدق. ولو نظرنا من حولنا وفي علاقاتنا ومقر أعمالنا، لوجدنا أشخاصاً كثيرين قد ارتقوا إلى المناصب الرفيعة وتبوءوا المراتب العليا، ربما القلة القليلة من هؤلاء حاز ذلك بجدّه واجتهاده، وأجزم أن من هؤلاء قد مارسوا النفاق بأبشع صورة من تزلف وتمسكن وتقرّب بلغ الغاية في التحلل من الشيم والقيم!! المجاملة مطلوبة في حياتنا ولكن في حدود حتى لا تتحول إلى نفاق ومديح مطموس المعالم، فليس مطلوب من الإنسان أن يجعل من لسانه سوطاً يجلد به من حوله، وإنما عليه في كثير من الأحيان أن يجامل الآخرين لا أن يتملقهم، وعليه أن يقول الكلمة الطيبة التي تسعد من حوله لا أن يواجههم بما يكرهون، لكن إذا تخطى حدوده وتحول إلى وسيلة لاستقطاب المنفعة والمصلحة، فإنه ينقلب إلى نوع من الفساد والإفساد، وفي النهاية يدفع المجتمع الثمن كاملاً فتختفي الشفافية ويضيق الناس بالصدق والحقائق، والمسلم مطالب بالصدق وإن ظن أنه قد يجلب عليه بعض المتاعب، إلا أنها متاعب مؤقتة سوف تزول مع الوقت لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح. [email protected]