على الرغم من أن وقوف إيران وراء المحاولة الفاشلة لاغتيال سفير خادم الحرمين الشريفين بالولايات المتحدة تكشف عن إفلاس واضح للنظام الصفوي اليائس في طهران، لكنها تكشف في الوقت ذاته، استمرار تورط هذا النظام وليس للمرة الأولى في مؤامرات ضد المنظومة الخليجية بشكل عام، وتوجيه سهامه المسمومة ضد دولة الحرمين الشريفين على وجه الخصوص، وهذا سر غضب العالم كله واستنكاره لهذه الجريمة القذرة خصوصاً العالم الإسلامي الذي لا يرضى المساس بأرض الحرمين ولا رموزها سواء كانوا قادة أو سياسيين أو دبلوماسيين وغيرهم، لأن المملكة العربية ال سعودية تمثل رمز الإسلام والمسلمين، وهي حامية حمى المسلمين وأرض الحرمين، ورأس الرمح في حماية الدين والدعوة إلى الله في مشارق الأرض ومغاربها. إن إيران بفعلتها الشنيعة التي أسميها فضيحة، واستهدافها رجلاً دبلوماسياً في دولة ثالثة، في عملية غدر استهجنها العالم بأسره، إنما تكشف عن وجهها الحقيقي ومواقفها التي لم تتغير رغم تغير حسابات العالم من حولها سياسياً وأمنياً واقتصادياً وإستراتيجياً، وتكشف أيضاً عن إصرارها ورغبتها في عدم استقرار محيطها الخليجي والعربي، وسعيها إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة مهما كلفها ذلك من ثمن، ومهما كانت خسارتها التي ستجنيها من وراء ذلك، وهي تدرك أنها لن تكسب شيئاً ولن تربح موقفاً، لكنها تفضح مكنونات النفس وخبايا النوايا العدوانية التي لم يهدأ لها بال مهما التزم جيرانها سياسة حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين. هذه العملية الجبانة التي أقدمت عليها إيران، تكشف سطحية تفكير نظام الملالي، وقصر نظر ورؤية السياسة الإيرانية، وسذاجة التفكير وعدم نضج سياسة قادة طهران خصوصاً في زمن أصبح العالم كالبيت الواحد ولا أقول كقرية صغيرة، لأنه - بفعل التقنية وثورة الاتصالات - تجاوز العالم مفهوم القرية الصغيرة، فإقدام إيران على دعم ومساندة عمل إجرامي كهذا، أوقعها في وحل الأعمال غير الأخلاقية، وكذلك مساندتها لمختلف صور الإرهاب والتآمر ضد الأخرين، وجعلها تسقط في نظر المراقبين والمحللين، كدولة ما زالت تعتمد في سياستها على دعم المؤامرات، والتخطيط لتصفية الدبلوماسيين فقط من أجل تسجيل مواقف هي معروفة في الأساس، المؤامرة تكشف للعالم أنه ما زالت هناك دول تعيش في أوهام المؤامرات، وتدير سياستها بمنهج البلطجية، وتشمل أدبياتها وسائل القتل والعنف والتصفية دون مبرر، وهي وسائل تنم عن همجية وبربرية وبعد شديد عن القيم الإنسانية وروح التعايش السلمي بين الدول والشعوب، وحري بدولة هكذا نهجها أن تكون منبوذة بين دول العالم، ونهجها مرفوض وسياستها لا تجد القبول من قريب ولا بعيد. المتابعون يدركون أن هذا الموقف العدائي ليس الأول الذي يبدر من سلطة طهران، فقد تدخلت في شؤون دول عربية أخرى من قبل، ودعمت حركات وأحزاب اتسمت بالعنف والإرهاب لزعزعة دول عربية، ووقفت وراء حركات تمرد في دول مجاورة، وحاولت إشعال الفتنة في دولة خليجية شقيقة، وكذلك حشرت أنفها في شؤون دول كثيرة، ولم تتورع من محاولة إشعال أعمال فوضى وشغب في جزء من بلادنا الغالية، وهذا رصيد وافر من نوايا الإجرام والمواقف المخزية والمؤامرات الدنيئة التي تؤكد أن هذا المبدأ متجذر وراسخ في منهجيتها مهما تغافل الناس عنه وحاولوا عدم الانجرار وراءه فلن يتغير أو يستقيم. السؤال المهم، ماذا تريد إيران من أرض الحرمين الشريفين؟ ولماذا تدعم وتخطط وتقف وراء هذا الاعتداء الغاشم الدنيء؟ وما أسباب هذا العداء المستحكم ضد دولتنا التي عرفت في العالم كله بأنها موطن الأمن والاستقرار، وموئل راحة المسلمين وأمانهم وطمأنينتهم وهي أرض الحكمة والرشد وسياسة حسن الجوار ومملكة الإنسانية التي يصل خيرها إلى الجميع دون استثناء، فإن معاداة إيران لها واستهدافها سفير خادم الحرمين الشريفين بواشنطن يعد خرقاً للأعراف والمواثيق الدولية، وتحد سافر للأخلاق ومبادئ العمل السياسي، وسقوط من دولة يفترض أنها تجاوزت المراهقات السياسية، ولكنها تثاقلت إلى الأرض فوقعت في وحل الأعمال القذرة التي لا تستقيم مع دولة المؤسسات في عالم القرن الحادي والعشرين. ختاماً نحمد الله أننا نجد كل أبناء الشعب السعودي يقفون صفاً واحداً خلف القيادة الرشيدة التي لا تألو جهداً في الذود عن حياض الوطن وتوفير راحة المواطن والمقيم والحاج والمعتمر والزائر، وتسير الأمور بحكمة وعقلانية وحسم وحزم يحفظ أمن البلاد واستقرارها ويحقق نهضتها ونموها، حفظ الله خادم الحرمين الشريفين ومتعه بتمام الصحة والعافية، وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، وأدام على بلادنا عزها وأمنها ووفرتها ورخاءها في ظل تلاحم المواطن مع قيادته الحكيمة واستمرار مسيرة البناء وصون الوطن وأهله.