«كل أسماك القرش خطرة على البشر». ما رأيك في هذه العبارة؟ صحيحة أم خاطئة؟ إن من يعتمد على سمعة سمك القرش فسيجيب فوراً أن العبارة صحيحة، ولكن هنا العجب، فقرابة 80% من فصائل سمك القرش لا تضر البشر! وحتى لو أعطيناها الفرصة فلن تؤذيهم إما لأنها صغيرة أو لأنها مسالمة. وحتى العشرين في المائة الباقية هي ضحية سوء فهم، فهناك اعتقاد أنها تقتل كل شيء وأي شيء، وهذا أيضاً خاطئ لأن ملاحقة الفريسة ومهاجمتها تستهلك طاقة عالية من القرش، وعليه فإن هذه الطاقة يحسُن أن تُدّخر للضرورات، مثل تنظيم درجة حرارة الجسم في مياه المحيط الباردة، ولا تهاجم إلا إذا ظنت أن الفريسة مناسبة، وهنا بيت القصيد، فتقريباً كل حالات مهاجمة أسماك القرش للبشر تنتج من اعتقاد القرش الخاطئ أن ما يراه يسبح أمامه هو سلحفاة أو فقمة، لذلك فكثيراً ما يفلت القرش ضحيته بعد أن يدرك أنها ليست من فرائسه المرغوبة، ولكن لأن فكه قوي وأسنانه حادة وانقضاضاته خاطفة فإن الهجمة يمكن أن تقتل الضحية بسهولة. والقرش ليس جباراً كما نعتقد، بل هو أضعف مما تتوقع، فأسماك القرش إذا ما وقعت في شباك الصيادين فإنها تشعر بالضغط النفسي، وهذا الضغط بالغ القوة لدرجة أنه يقتل الكثير منها، وهي لا تزال في الماء معلقة بالشباك، لهذا فإن القروش عادة تتحاشى البشر وقواربهم لأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يصطاد القرش ويقتله باستمرار. ومن يعتقد أن القرش مجرد آلة قاتلة لا عقل لها فسيتفاجأ إذا عرف أن القرش لديه نصيبٌ من الذكاء، فقد وجد الدارسون أن لديه بعض الفضول، والفضول يرتبط بالذكاء، ووجدوا كذلك أنه يتذكر التجارب التي يمر بها ليستفيد منها في المستقبل. ومن أعجب الأدوات التي منحها الله للقرش هي الحاسة الكهربائية. فكما أن الكلاب -أكرمكم الله- بارعة في تقصي مصادر الروائح، وكما أن الصقور نظرها بالغ الحدة والقوة فإن القرش لديه موهبة نادرة وهي حساسيته الفائقة للكهرباء، وهذه الطريقة التي يستطيع بها أن يكتشف الأسماك التي تختبئ أسفل الرمال، فإذا اقترب منها شعر أن هناك حركة كهربائية حوله وتقوم حاسته بتحديد موقعها، وهذا ما دعا العلماء لاختراع جهاز صغير مهمته أن يصدر صعقة كهربائية خفيفة، فإذا أراد الباحث النزول للأعماق لدراسة ريف مرجاني مثلاً وكان في منطقة تكثر فيها أسماك القرش فإنه يحمل هذا الجهاز معه، وإذا اقترب القرش ضغط الزر، ورغم أن القرش على بعد عدة أمتار إلا أن حاسته من القوة بحيث تصبح الصعقة مؤلمة، فيلوي إلى اتجاه آخر ولا يقترب من هذا الكائن الكهربائي! وانتبه من كلمة «قرش»، فهذه الكلمة لا تعني نوعاً واحداً من السمك، بل مئات الأنواع، وبعضها لا زال يُكتشف إلى اليوم، فمن أكثرها غموضاً هو أصغرها حجماً وهو القرش القزم الذي لا نكاد نعرف عنه شيئاً إلا أن طوله 17 سم أي طول كف رجل! هذا الصغير رؤي فقط قبالة سواحل كولومبيا وفنزويلا، وأما أضخم القروش فهو قرش الحوت الذي يمكن أن يصل طوله إلى 12 ونصف متر ووزنه إلى 22 طن! وبين هذا الضخم وذاك الضئيل يوجد الكثير، فيقدّر العلماء أن فصائل القرش تصل إلى 440 نوعاً، منها القرش المطرقة، والذي سمي بذلك بسبب الشكل الغريب والفريد لرأسه الذي يشبه المطرقة، وهناك القرش النمر الذي أتى اسمه من خطوط داكنة تمتد على جانب جسده، أما أشهر القروش فلعله «القرش الأبيض الكبير» وهو الذي يرعب الناس ويثير الخيال، وعندما تسمع كلمة «قرش» فعلى الأرجح أنك تفكر فيه، فهو يتواجد في جميع المحيطات ويبلغ طوله أحياناً 6 أمتار ووزنه إلى طنين وربع. وإذا أراد الانقضاض عليك ففرص النجاة ضئيلة، وينصح الخبراء من يواجه سمك القرش بالسكون وعدم التحرك، ومراقبته طوال الوقت لأنه أحياناً ينسحب فيعطيك شعوراً بالأمان ثم يهجم، وينصحون أن تبحث عن شيء يحمي ظهرك مثل صخرة أو ريف لكي تركز فقط على ما أمامك، وأما إذا هجم عليك فلن ينفع التظاهر بالموت مثل مع بعض الحيوانات المفترسة، بل عليك المقاومة، وينصحون أن تضربه على خياشيمه أو عينه أو أنفه، وهذا لا أدري من سيقدر عليها إلا شخص قلبه أشد من الصخر! ولكنها نصائح نافعة عموماً، ومن ينوي منكم السباحة في منطقة قروش وليس لديه ذاك الصاعق فليجعل هذه التعليمات نصب عينيه!