من بين الأوسمة الكثيرة التي نالها الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، يبرز وسام البوسنة والهرسك الذهبي، الذي حصل عليه العام 1997 لجهوده في تحرير الشعب البوسني وحمايته من التصفية العرقية؛ كان للأمير سلمان دور فاعل في دعم قضية الشعب المسلم الذي أحاطت به آلة الحرب والعنصرية من كل جانب، فكادت تقضي عليه لولا رعاية الله ولطفه. لم تتوقف جهود الأمير سلمان بإعلان استقلالية البوسنة والهرسك وتحررها، بل استمرت في دعم خطط إعادة الإعمار، وتنفيذ برامج تنموية واسعة، تمخض عنها إنشاء مدينة سكنية متكاملة، تُوَّجت الدور السعودي النبيل الذي نجح في إدارته أمير الرياض آن ذاك. التعامل مع ملف البوسنة والهرسك، بتعقيداته السياسية، العسكرية والتنموية، كشف عن دور الأمير سلمان الفاعل في مؤسسة الحكم، وعلاقته المباشرة بكثير من الملفات المهمة الخارجية منها والداخلية، وارتباطه بالقضايا الدولية وشؤون الدفاع. لم يقتصر دور الأمير سلمان، خلال نصف قرن مضى، على إدارة شؤون إمارة الرياض؛ فمهامه التنموية والسياسية والإدارية كانت منافسة لدوره الرسمي في الإمارة؛ فعندما يضع زعماء العالم زيارة «قصر الحكم» في جدول زياراتهم الرسمية للمملكة ففي ذلك إشارة واضحة لمكانة الأمير سلمان، وللدور المهم الذي يمثله في مؤسسة الحكم، ومسؤولياته المتشعبة التي لم تتوقف قط عند إمارة الرياض. الأمير سلمان هو رجل الدولة متعدد الأدوار والمواهب، الذي جمع بين شؤون السياسة والتنمية والإدارة والفكر والإعلام؛ نجح في بناء الرياض وإدارة شؤونها وتنميتها، وألبسها حُلل الفكر والثقافة، والبناء العصري الجميل. أسلوبه الإداري هو أقرب إلى النهج العسكري منه إلى الإدارة المدنية؛ انضباطية في المواعيد والأعمال، وحزم في المتابعة والتنفيذ، وعزيمة في تحمل المسؤوليات، وإحاطة تامة بشؤون العمل. كفاءة الأمير وثقافته، وإحاطته التامة بمسؤولياته الجسام، وسعة اطلاعة، وإلمامه بالأحداث، ساعدت في تحقيقه التوازن الأمثل بين أدواره القيادية والإدارية والاجتماعية والإنسانية والتنموية والاستراتيجية. الإدارة العسكرية الصارمة مكنته من التعامل بدقة مع مسؤولياته ومصالح المواطنين؛ يُخيل لمن يتابع التزامات الأمير سلمان ومواعيده اليومية بأنه يعمل 24 ساعة متواصلة. ثقافته العملية وأسلوبه الإداري المُنضبط انعكسا إيجاباً على «قصر الحكم» بمن فيه، ونأيا به عن البيروقراطية الحكوميةالتي يَعتقد الكثير أنها صفة ملازمة للإدارات الحكومية المختلفة. وزارة الدفاع تحتاج إلى القيادة الحكيمة، والمعرفة السياسية والأمنية، والعلاقات الدولية، والأبعاد الاستراتيجية، والانضباط الإداري، والقدرة على حل المشاكل، واتخاذ القرارات المصيرية، والحزم والآناة.. وأحسب أن الأمير سلمان قد جمعها في شخصيته الفذة، متعددة المواهب والقدرات. مدرسة الأمير سلمان الإدارية والقيادية ستسهم في تطوير وزارة الدفاع، بما يتوافق مع متطلبات العصر، والمتغيرات الدولية، وستسهم في نقل ثقافة جديدة إلى المؤسسة العسكرية التي ربما كانت أكثر حاجة إلى مهارات الأمير سلمان القيادية والإدارية التطويرية في المرحلة الحساسة التي تشهدها المنطقة والعالم. أسأل الله الكريم أن يوفق الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وزير الدفاع، لما فيه خير البلاد والعباد، وأن يرزقه سبل الخير والرشاد، وأن يعينه على تحمل مسؤولياته الجسام.