كان هناك زوجان قضيا وقتا طويلا عقب زواجهما بلا إنجاب إلى أن منّ الله عليهما - بعد صبر وطول انتظار - بتلك العروسة الصغيرة التي أضفت على حياتهم مزيدا من الشوق والسعادة، كبُرت الطفلة ووصلت سن الخامسة في فترة زمنية سعيدة مرة وكأنها خمسة أيام.. ليكتشفوا حين ذلك إصابتها بمرض باطني قد يُعيقها في حياتها الدراسية المُنتظرة..؟ بحثوا عن العلاج هنا وهناك وفي كل مكان وزمان.. بدأت الأُم تُعاني من مُعاناة طفلتها حتى مرضت الأُم وباتت طريحة للفراش.. وبعد أيام قليلة من معاناتها وسقوطها تفاجأ الأب ذات صباح وهو يحاول إيقاظها من النوم لتناول العلاج بفاجعة عظيمة وهي موت هذه الأُم بجانب صغيرتها النائمة.. حمل الأُم بهدوء ونقلها للمُستشفى وأكمل كل شيء ثُم عاد قبل دفنها إلى البيت وجد صغيرته مُستلقية - بكُل براءة - بفراش أُمها وبيدها ورقة ما..؟؟ من أين لك هذه الورقة.؟ قالت وجدتها تحت (مخدّة) أُمي..! والدي ..أين أمي ؟؟ أخذ الورقة فإذا هي (وصيّة) قد كتبتها الأُم تلك الليلة كتبت فيه (احمد الله أن يومي قبل يوم غاليتي وحياتي وجُمّارة قلبي......أرجوك.. اترك كل شيء وعالجها.. أرجوووك عالجها) ضم ابنته وهو يبكي وذهب بها لبيت أخيه لتبقى بضعة أيام حتى ينتهي من عزاء زوجته.. وبعد أيام ذهب لابنته بعد انقطاع.. ضمها إليه قبّلها كاد يخنقها.. ركبا السيارة حيث ينوي الأب الذهاب لأي مكان بالعالم لأجل علاجها.. وحينها لاحظت الصغيرة وجه أبيها شاحبا وقد زادت به بعض الشعرات البيضاء وعلامات المشيب.. سألته وآالدي.. أين أمي؟؟ فأجهش فورا من البُكاء وصاح كنحيب طفل.. فأردفت الصغيرة قائلة.. وآلدي.. أعلم أن أمي (ماتت) لكن يا أبي لا يجوز البكاء هكذا.. ومسحت دموع والدها بيديها وقالت أرجوك لاتبكي فقريبا يا أبي سنلتقيها بإذن الله؟؟ وبينما هم في الطريق وفجأة.. تنقلب سيارتهم ويسقط الأب وابنته منها كلا في اتجاه.. تتوقف السيارات ويزدحم المكان وسط سكون أليم وهدوء لا يتخلله سوى آيات لا زالت تُتلى من القران الكريم مصدرها مُسجل سيارة الأب؟؟ اجتمع الموجودون وقاموا بتغطية الأب بانتظار وصول سيارة نقل الموتى ليُشاهد أحدهم أنه كان مُبتسم الوجه ويُشير بإصبعه مُتشهدا وكأنه أيضا يُشير لمكان بنفس الاتجاه ليمد بصره وتسقط عيناه على طفلة صغيرة مُرتمية على الأرض في ظل شجرة مورقة بعيدا عن موقع الحادث توجهوا إليها فإذا هي طفلته وقد تمزق جسدها ولم يتضح منها سوى وجهها البريء فكانت شبيهة جدا بوالدها مُبتسمة وتُشير بإصبعها السبابة باتجاه والدها...