بغض النظر عما ينجز من مبادرة جامعة الدول العربية من خطوات جمعيها متعلقة بالنظام السوري إلا أن البدء بتنفيذها في هذه الأيام المباركة قد يخفف من الظلم الفادح الذي أصاب الشعب السوري. أن يبادر النظام السوري بسحب قوات الجيش وأجهزة الأمن وشبيحة النظام من المدن والشوارع السورية، فهذا بحد ذاته انفراج يجعل السوريين يتركون التظاهرات للاحتفال بالعيد. وأن يستجيب النظام السوري لطلب جامعة الدول العربية ويطلق سراح المعتقلين والمتظاهرين الذين تمتلي بهم المعتقلات السورية، فهذا عمل سيخفف بلا شك من الضغط على النظام ويتيح للأسر السورية الاحتفال بالعيد مع أبنائهم المحررين من المعتقلات. وأن يتوقف القتل والمجازر اليومية التي تشهدها المدن السورية، فإن هذا بلا شك سيخفف التوتر ويجعل السوريين جميعاً منشغلين بعيد الأضحى بدلاً من الانشغال في دفن الضحايا. كل هذه الإجراءات مرتبطة بحسن تصرف النظام السوري، وبموقف حازم وصادق وجاد من الرئيس بشار الأسد، لأنه لو تم تنفيذ هذه الخطوات بصدق وبنوايا حسنة، فإن ذلك سيعيد جسور الثقة بين الشعب والنظام، والعكس صحيح؛ إذ لو استمرت عمليات القتل التي يمارسها الجيش وأجهزة الأمن والشبيحة، وبقيت قوات الجيش والأمن ومعداتهم الثقيلة تحتل المدن والميادين والشوارع، وظل المعتقلون رهن السجون، فإن الشعب سيظل يشعر بغصة وغضب، وبدلاً من الاحتفال بالعيد سيتوجهون إلى الشوارع والميادين للتظاهر لتتضرج الطرقات السورية بالدماء وينقلب الفرح إلى حزن. كل الآراء والتعليقات والتحليلات أكدت أن مبادرة جامعة الدول العربية تمثل الفرصة الأخيرة لبشار الأسد لإنقاذ نظامه وأسرته، فإذا تم تنفيذ بنود المبادرة بحسن نية ودون تلاعب فإن ذلك من شأنه أن يدفع خطوات الحل العربي للأمام ويحسِّن من فرص معالجة الأزمة السورية، أما التلاعب والتأخير وتعنت النظام باعتماده الحل الأمني فقط لمعالجة الوضع، فإن ذلك سيدمر النظام نفسه الذي عليه أن يتعاون بصدق وإخلاص مع مبادرة جامعة الدول العربية، فلا أحد يستطيع منع التدخل الدولي الذي ينتظر فقط الإعلان عن عجز الجامعة العربية ليبدأ في الإعداد لفرض الحل الذي حتماً لن يكون في صالح نظام بشار الأسد، وأيضاً ليس مرضياً للمنطقة العربية التي ستتحمل النتائج السلبية لعدم تعاون النظام السوري مع مبادرة الإنقاذ العربية.