يا سيدي ووالدي.. في ابتلائك ثم في غيابك عنا عِبَر وحِكَم، تعلمنا كيف يكون الصبر حين تشتد الخطوب وتكفهر الحياة، والله إنا بك لمحزنون، ولولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وأنها سبيل مأتية، وأن آخرنا سيلحق بأولنا، لحزنا عليك حزناً هو أشد من هذا، ولكننا نحتسب عند الله؛ فهو حسبنا ونعم الوكيل. يشرفني بالإنابة عن أبناء وبنات وزوجات وأحفاد سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز - يرحمه الله - أن أرفع لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أمد الله في عمره - أسمى آيات الشكر والعرفان لما تفضل به من مكرمة متمماً ما عرف عنه - حفظه الله - من شيم وخصال الرجال النبلاء، حين رفض كل نصائح الفريق الطبي المعالج متغلباً على آلامه وتبعات العملية الجراحية مُصِرًّا على الخروج للمطار مستقبلاً جثمان أخيه -رحمه الله - والصلاة عليه في المطار وتوديعه واستقبال المعزين. فقد نجح سيدي خادم الحرمين - أمد الله في عمره - في أن يجذب أعناق الرجال إلى مواقفه، سواء خلال العارض الصحي الذي ألم بأخيه وعضده أو خلال مراسم الدفن والعزاء، مقدماً لنا ولأجيالنا القادمة نموذجاً وقدوة في وفاة الأخ لأخيه والقائد للمواطنين. كما أود أن أتقدم بخالص العزاء إلى إخواني المواطنين كافة الذين كان تفاعلهم صغيرهم وكبيرهم مع مصابنا الجلل خير عزاء لأسرة الفقيد الغالي، وتأكيداً على أن ما قدمه - يرحمه الله - لدينه ووطنه هو أمر محل عرفان وتقدير من الجميع، وندعو الله العلي القدير أن يكون في ميزان حسناته، وأن يثيبه عنه خير الثواب. وما أود أن أقوله هنا هو أن أبناء وأحفاد الفقيد الغالي وأفراد أسرته كافة عليه رحمة الله يدركون تماماً واجبهم في تواصل مسيرة سلطان الخير، فهذه الشخصية المتفردة التي حباها الله بمقومات القرب من الناس تميزت منذ توليها المسؤولية برؤية استراتيجية لقضايا الوطن، في مقدمتها بناء قدرات بشرية متطورة قادرة على الحفاظ على مقدرات الوطن من خلال منظومة متكاملة، قوامها الإنسان المنتمي لوطنه المعتز بدينه وقيمه المؤهل علماً وتدريباً، وهذه رسالتنا بمشيئة الله في مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية. فالفقيد - طيب الله ثراه - الذي استأثر بسمات متفردة لمسناها مراراً أبى إلا أن يعلمنا درساً جديداً في السمات التي يجب أن يتحلى بها الرجال دوماً، ألا وهي أن عمل الخير متعة، وأن خدمة الوطن شرف، وأن لهذا البلد دَيْناً في أعناقنا جميعاً، علينا أن نؤديه بكل أمانة، كل حسب موقعه. ولا نملك في الختام إلا الدعاء للفقيد الغالي بأن يثيبه الله خيراً عن كل ما قدمه، وأن يبني الله عز وجل له بيوتاً في الجنة و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. الأمين العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية