هل أدركت يوماً بأنك بين راحتَيْ موقف صعب يوجد لديك شعوراً نفسياً مؤسفاً يحوّل كل مالديك من محاولات الثبات إلى شيء أشبه بالانكسار ثم تبدأ بالمقاومة.. الواحدة تلو الأخرى تأتي نحوك كل الذكريات.. تجتر كل فصول ماضيك المؤلمة تقلب الصفحات.. ترى هذا وذاك.. نتساءل.. ما أعجب قدرة الله في خلق الإنسان على النسيان وإلا كيف يستطيع كل واحد منا العيش في هذه الحياة وقد لطمت مراكبه وكسرت مجاديفه.. يا ترى كيف نتحمل الألم حينما يكون من أقرب الناس إلينا وكيف نستطيع نسيانه..!! لا بد أن هناك شيئاً مفقوداً في ممارستنا للعلاقات الاجتماعية والأسرية التي نعايشها.. وخصوصاً عندما نحتاج إلى المساندة وعندما نمد أيدينا فلا نجد من يمسك بها..!! إننا كبشر نواجه العواصف المختلفة للمشاكل العديدة التي نتعرض لها ونحاول إيجاد حلول مناسبة رغم المفاجآت التي نواجهها حينما يكون طابعنا العطاء الممتد وعند الحاجة نصدم بالواقع فلا نجد يد العون.. بل ان التعبير عن المشاعر الجميلة التي بداخل صاحب العطاء تقوده إلى الشعور بعمق الإرهاصات التي يتعرض لها ومع ذلك لن يتعامل من اعتاد على طبع أن يغيره إلى طبع آخر بمعنى لن يتحول المعطاء إلى نموذج الحسود البخيل المقصر.. غير المبالي بل على العكس سوف يخبت ألمه بداخله مما يواجه من الغير ويستمر على نفس النهج الذي يعيش فيه ذلك لأن شعوره تجاه نفسه مدمج في شعوره بالآخرين.. ربما أن المفاجآت تقف به أمام المرآة.. متسائلاً عن قسوة الموقف الذي يتعرض له ومع ذلك لن تكون دوافعه تشاؤمية وإنما إنتاجيته تمتد الى ثقة مميزة وقناعة خاصة تؤدي به الى عالم واسع ينطلق في فضاءاته محلقاً بما فطر عليه من حب الغير..!! ان صاحب العطاء لا يجيد السلوك الانتقامي ولا يستطيع احراق الزرع الاخضر.. وانما لديه القدرة الأقوى في تجنب الألم وتناسيه واختيار أنسب الطرق التي تؤدي إلى قلوب المقربين إليه على اعتبار ان الحياة محطات وأن «وراء كل غيمة فضية خيط معتم» ولكن هذا لا يدوم وهو خاضع لمسارات الحياة في فصولها الأربعة وتحت مظلة الليل والنهار فأنت كبشر معرض لكل شيء تعطي وتأخذ.. ثم تعطي وتتألم ثم تعود إليك كل المواقف في لحظة ذكرى ومع ذلك سوف تطويها .. وتستمر في معايشة الواقع رغم كل شيء.!!