وإليكَ أهدابُ المفاخر تنظرُ شَرُفَت بكَ الأرضُ التي أمهرتَها دَمَكَ الكريمَ، وقدسُها بك يفخَرُ والمسجد الأقصى، على محرابه أملٌ، بكفِّكَ والحَصَى، يَستبشرُ إني رأيتُكَ في مواجهة الرَّدَى جبلاً بهامته السحائبُ تُبهَرُ وتَمُورُ في يدك الحصى، فكأنَّها لهبٌ، إذا ألقيتها، يتسعَّرُ من أين جئتَ؟ أحسُّ أن الأرضَ في زهوٍ، وأنَّ الروض حولك يُزهِرُ؟ وأحسُّ أنَّ فمَ البطولةِ لم يزل يشدو بهمَّتك التي لا تنكرَ من أين جئتَ؟ أكاد أحلف أنني أبصرتُ أنَّ سواك عندك يَصغُر أمن البراءةِ، وهي أجملُ لوحةٍ أَبرزتَها وبها شموخُكَ يَظهر أمن الأسى، وبه فؤادك يصطلي ممَّا جنى الباغي الذي يتجبَّرُ؟ أمن الإِباءِ، وأنتَ أصغرُ فارسٍ ما زال بالروح الأبيَّةِ يكبر؟ أمن الشموخ وأنتَ فيه معلِّمٌ ودليلُنا هذا الثَّباتُ المُبهِرُ يا فارسَ الحجر الأَشمِّ، عيونُنا صارت بعينِكَ في الدَّياجي تُبصر رأت السلامَ العالميَّ حكايةً مقلوبةً بيد اليهود تُسطَّر وتأمَّلَت وجه اليهود فما رأت إلا ملامح بالخيانةِ تَقطُرُ ضدّانِ في الدنيا: وفاءٌ صادقٌ والعهدُ ممِّن بالمُعاهد يغدِرُ ضدَّانِ في الدنيا، سلامٌ عادلٌ وطبيعةُ الباغي الذي يتهوَّرُ بين اليهود وبين نقضِ عهودهم نَسَبٌ، خيانتُهم به تتجذَّرُ سل ذِلَّةً ضُرِبت عليهم، بعدما كفروا بما شرع الإلهُ وغيَّروا سل ذلك البحرَ الذي أضحى لهم رَهواً، فلمّا جاوزوه تنكَّروا سل قولَهم: اذهب وربُّك قاتلا ما بالهم نطقوا به واستكبروا وبأيَّ حقٍ قتَّلوا رُسُلَ الهدى وعلى شفيرِ المُوبقاتِ تجمهروا سل عن يهود بني النَّضير وما جنوا وبني قُريظةَ حين جاءَ المُخبرُ سل جُرحَ أمّتنا العميقَ، أما لهم في نَزفِه القاسي النَّصيبُ الأَوفَرُ هم جَوقَةُ المكر اللَّعينِ، حياتُهم تبقى بلا معنىً، إذا لم يَمكروا أكذوبةُ السِّلم التي خدعوا بها قومي، بألسنةِ المدافع تَهدِرُ عَجَباً، أَيُرجى السلمُ من أعدائه وتُصافَح الكَفُّ التي لا تَطهُرُ؟! يا هيئةَ الأمم التي وقفت على جسرِ المذابح، بالتجاهُل تَسكَرُ بُنيَت على جُرُفِ الهوى، فبناؤها متصدِّعٌ، ويَسيرُها متعسِّرُ تجترُّ أنظمةً، تقادمَ عَهدُها قانونُها للغاصبينَ يُسَخَّرُ وكأنَّ قَتلَ الأبرياءِ أمامَها أفلامُ أطفالٍ بها تتندَّرُ سُفِكَت أمامكم الدماءُ، أما لكم قلبٌ يُحسُّ بها، وعينٌ تُبصرُ؟! أوَ مالكم حسٌّ يحرِّك رحمةً فيكم تَحنُّ على الصغار وتَنصرُ؟! قَصفٌ وزخَّاتُ الرَّصاص شواهدٌ ودماءُ أطفالِ الحجارة تُهدَرُ تتحدَّث الأشلاءُ عن مأساتنا وحديثُها الدَّامي الحزينُ يُكرَّرُ نُقِلَت إليكم، لم تزل قنواتكم تَقتَاتُ من مأساتنا، وتصوِّر طفلٌ، يُدافع عن براءته التي قُتِلَت، وخُطوتُه الصغيرةُ تَعثُر ويئنُّ قلبُ الأمِّ، أين صغيرُها يا ويح قلب الأمِّ، كيف سيصبرُ هذا الصغيرُ معطَّرٌ بدمائه أشلاؤُه من حولها تَتَبَعثَرُ فهناكَ مقلتُه، وتلك ذراعُه مبتورةٌ، وهنا الجبينُ الأَسمَرُ وهنا حقيبتُه التي فُجِعَت به فيها كتابٌ يستجير ، ودفتَرُ وبقيَّةٌ من مرسمٍ كَتبت بها يَدُهُ اليمينُ: الَّلُه منهم أكبرُ يا فارسَ الحجر الأَشمِّ، قصائدي ترنو إليك حروفُها وتقدِّرُ أَنسَيتَ ذاكرةَ الحَصى معنى الحصى فتحوَّلت لَهَباً، وكفُّكَ مِسعَرُ سَخِرَت حجارتُك التي أحيَيتَها من قلب كلِّ مكابرٍ يتحجَّرُ خفقَت كقلبكَ حينما رمت العِدَا وكأنَّها بحنينِ قلبك تشعرُ فتحت لنا البابَ الذي هَرِمَت على أقفالِه سنواتُنا والأَشهُرُ ما أنتَ بالطفل الصغير، وإِنما أنتَ الشجاعُ الحُرُّ لا يتقهقَرُ يَدُكَ الصغيرةُ يا حبيبي مَعقِلٌ حَجَرُ البطولةِ في حِماهُ يُزَمجِرُ يَدُكَ الصغيرةُ واحةٌ، أحلامُنا منها، إلى رَوضِ الكرامةِ تَعبُرُ يا فارس الحجر الأشمِّ، منحتَنا عزماً يكاد من التخاذل يَضمرُ ونَبَشتَ في أعماقنا عن هِمَّةٍ كادت لطول سُباتنا تتبخَّرُ ذكَّرتَ أمّتَك الجريحةَ بالعُلا فلعلَّها تصحو بما تتذكَّرُ وأعدتَ ماضيها الجميلَ، كأنَّه من بعد غَيبَتِه الطويلةِ يَحضُر بَرَزَت أمامي صورةُ ابنِ رَواحةٍ وبجانحيه بدا أمامي جعفَرُ وسمعتُ حَمحَمَةَ الخيول وقد عَلا نَقعٌ، ومدَّ يدَ البطولةِ حَيدَرُ ورأيتُ نَصرَ الله يفتح صفحةً كُتِبَت على اسم اللهِ فيها خَيبَرُ ورأيتُ حطِّينَ الجهادِ تألَّقَت بالنصر ساحُتها، وزال المُنكَرُ وتألَّقَ التاريخُ، حتى خِلتُني عن موكب الأمجادِ لا أتأخَّرُ عَدَدٌ قليلٌ غير أنَّ يقينَه جعل القليلَ مع البطولة يكثُرُ والآنَ، مليارٌ كبحرٍ ساكنٍ لا ريحُه هبَّت،ولا هو يَزخَرُ لكأنني بلسانِ أَقصانا الذي تطغى مرارتُه عليه وتغمُرُ يدعو ويسأل، والحروف كأنَّها حَسَكٌ على شَفَةِ المحدِّثِ يُبذَرُ يا أَلفَ مليونٍ أرى العددَ الذي أنتم عليه يكاد منكم يَنفِرُ عددٌ كبيرٌ، غيرَ أنَّ خضوعكم جعل الملايين الكبيرةَ تَصغُرُ هذا هو الأقصى الشريفُ رحابُه عنكم وعن أقدامكم تَستَفسِرُ من حوله الأطفالُ يحمون الحمى بدمائهم صاغوا الإِباءَ وسطَّروا والأمَّهاتُ، عيونهنَّ شواخصٌ وقلوبهنَّ من الأسى تتفطّرُ يَسألنَ عن مليارنا، ما بالُه من خَلفِ جدران التخاذُلِ ينظُرُ يَسألنَ، والإقدام يَسأل، والأسى نارٌ، بها لغةُ الإجابةِ تُصهَرُ يا فارسَ الحَجَر الأشمِّ، تضاربت أفكارُ عالَمنا، وفكرُكَ نَيِّرُ لا تنتظر مليارَنا، فهو الذي ما زال يفرُك راحتيهِ ويَزفِرُ سيَجيءُ، لكن حين يتخذُ الهدى درباً، ويصفو باليقين الجَوهَرُ يا فارسَ الحَجَر الأَشمِّ، بعذرنا جئنا، ومثلُكَ للأحبَّةِ يَعذُرُ ها نحن في البلد الحرامِ، قلوبُنا معكم وغَيثُ الحُبِّ فيها يُمطِرُ آثارُ إبراهيمَ تشهد أنَّنا أَولى به ممِّن يضلُّ ويفجُرُ وحكايةُ الإسراءِ تشهد أنَّنا أَولى بأُولى القبلتين وأَجدَرُ لو كان موسى بيننا لقضى بما جاء الرسولُ به، وطاب المَعشَرُ يا فارسَ الحَجَر الأَشمِّ، قصائدي بالحبِّ نحوك والمودَّةِ تُبحر أنهارُ أشواقي تفيض وحولَها تنمو بساتينُ الوفاءِ وتُزهِرُ إن الجهادَ هو الخَلاصُ، وإنَّما كلماتُنا تدعو إليه، وتُنذِرُ وغداً بإذن الله سوف أَبثُّكم شعراً بنصر المسلمين يُبشِّرُ