إن من أجل النعم التي امتن الله بها على بلاد الحرمين الشريفين نعمة الاستقرار السياسي الذي يعد أهم ركائز النهضات، وأقوى دعائم التطور، وتقدم الدول، وتفرغ الشعوب للعمل على رقي دولها، في جميع المجالات السياسية، والاقتصادية، والعلمية وغيرها، لأنه بدون هذا الاستقرار السياسي تحدث الفتن والقلاقل، ويضعف الأمن، وتتوقف مسيرة التقدم والازدهار. وقد نعمت المملكة العربية السعودية بهذا الأمن الوطني، وهذا الاستقرار السياسي الفريد من نوعه، منذ توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -رحمه الله- بسبب ما غرسه في أبنائه من وعي سياسي رفيع، مستمد من تعاليم كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فرأى العالم كله التطبيق العملي للانتقال السلس للحكم وفق البيعة الإسلامية الشرعية دون أن يحدث أي مشكل مهما كان صغيراً ولله الحمد والمنة. وهذا ما حصل بعد وفاة ولي عهد خادم الحرمين الشريفين، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته - فقد كان كل المواطنين يتوقعون، ويرجون أن يوفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- إلى اختيار عضده القوي، وساعده المحنك، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولياً للعهد. والحق أن هذه الأمنية لم تكن أمنية الشعب السعودي وحده، بل شاركهم في هذه الأمنية والتوقع جميع الدول العربية والإسلامية والعالمية قادة وشعوباً. وقد تحقق ذلك بإصدار خادم الحرمين الشريفين أمره المطاع باختيار صاحب السمو الملكي الأمير نايف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، ووزيراً للداخلية. وقد تضمن هذا الأمر الملكي سابقة تاريخية في غاية الأهمية فهذه المرة الأولى التي تتم فيها الإشارة إلى نظام هيئة البيعة، وأنه تم إشعار سمو رئيس وأعضاء هيئة البيعة، وهذا أمر له دلالاته السياسية العميقة في اتجاه ترسيخ عملية الانتقال السلس للحكم في المملكة. وإنما كان العالم بعامة، والمواطنون بخاصة، مترقبين لهذا التعيين ومتلقين له بكل حفاوة وسرور، لما يتمتع به سمو ولي العهد الأمير نايف -حفظه الله- من بعد نظر وحصافة سياسية، وقدرة إدارية فائقة، وتمكن علمي واسع، وتجربة ثرية، وخبرة هائلة في مجال الحكم، اكتسبها منذ عهد الملك المؤسس مروراً بجميع ملوك المملكة العربية السعودية، حتى صار -بحق وجدارة- أحد ركائز الاستقرار والحكم في المملكة، بل أصبح أهم رموز الاستقرار والأمن على مستوى الوطن العربي كله من خلال رئاسته الفخرية لمجلس وزراء الداخلية العرب، إضافة إلى ما حباه الله تعالى به من استعداد فطري، وتكوين قيادي فذ، مما جعل أحد المعول عليهم في مهمات الأمور وصعاب القضايا منذ نعومة أظفاره، فقد عين وكيلا لإمارة منطقة الرياض، ثم أميراً لها، ثم نائباً لوزير الداخلية، ثم وزيراً للداخلية منذ 8-10-1395ه ثم عين نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء بتاريخ 30-3-1430ه وتولى رئاسة مجلس الوزراء في عدة مناسبات، بل عهد إليه خادم الحرمين الشريفين مهمة إدارة شؤون الدولة في بعض المناسبات، مما يدل دلالة قاطعة على أن هذا الرجل العظيم هو الرجل المناسب، في المكان المناسب. ومع اشتهار سمو ولي العهد بأنه رجل الأمن الأول على المستويين المحلي والعربي، من خلال كونه وزيراً للداخلية، فإنه يختلف عن غيره من وزراء الداخلية في كونه مشاركاً في جميع مجالات الحكم في المملكة، وركناً من أركان التطوير، والتشييد والبناء في المملكة، فهو رئيس المجلس الأعلى للإعلام، ورئيس الهيئة العليا للأمن الصناعي، ورئيس لجنة الحج العليا، ورئيس المجلس الأعلى للدفاع المدني، ورئيس مجلس القوى العاملية، ورئيس مجلس إدارة صندوق التنمية البشرية، كما أنه ترأس اللجنة التي وضعت النظام الأساسي للحكم، ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق، إلى غير ذلك من جليل الأعمال، وعظيم المآثر التي يستدعى تفصيل المقال فيها مؤلفات كثيرة. ولا يسعدنا بهذه المناسبة العظيمة إلا أن نهنئ خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- على هذا الاختيار العظيم الموفق، ونهنئ أنفسنا شعب المملكة العربية السعودية بهذه الشخصية القيادية الفذة، ونسأل الله تعالى أن يكون معيناً له، موفقاً في كل أعماله وأقواله، وأن يسبغ عليه ثوب الصحة والعافية. وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية