في لجة أحزاننا.. وبمبضع الجراح الحاذق, وبحنكة الخبير الماهرالملك عبدالله بن عبدالعزيز، أدام الله عليه الصحة والعافية، يلملم والدنا خادم الحرمين الشريفين، آلام الأمة وجراحها ويكفكف من المآقي دموعها بفقد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- بصدور أمره السامي الكريم، بعد أن أشعر سمو رئيس وأعضاء هيئة البيعة باختياره صمام الأمن ورجله الأول صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، بتعيينه ولياً أميناً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية، مما خفف من وجداننا الحسرة والأحزان وأشاح عنا الأسى والفقدان. الأمر الملكي الكريم الذي أطل علينا بعد منتصف الليلة قبل الماضية، جاء هادئاً وأنساب على أسماعنا بسلاسة. كان قليلاً في كلماته وعميقاً في معانيه، وجاء عذباً لأنه يحمل في ثناياه ومضمونه محبة صادقة لعضد وأخ مخلص، ويؤطر لثقة كبيرة وعظيمة لساعد أيمن وولي عهد أمين، ألا وهو سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز.. رجل المهمات الكبرى، وأمير التواضع والصبر والحصافة والحزم، والإداري الذي عرف بإيمانه الصادق وقوله الحق، وصاحب الخبرة السياسية والإدارية الذي تصدى بقوة وحنكة لكثير من الملفات الساخنة والقضايا الكبيرة. خلال الأيام القليلة الماضية، أفاض علينا خادم الحرمين الشريفين، بكرمه وعطائه فعلمنا معاني كثيرة في الأخوة، ومنحنا دروساً في كيف يكون التجاسر والتحامل على الآلام، وكيف نواجه الملمات والمهمات الصعبة بالصبر والاحتساب مع شجاعة وإيمان بالقضاء والقدر، وكيف يحمل أمانة الأمة ومسؤولية الوطن ومستقبله القادم، ودون أن يسمح لأي عابث أن يقترب من لحمة هذه البلاد وانصهارها مع حكامها، فجاء الأمر الملكي ليقدم منهجاً ثابتاً في الحكمة والرؤية الثاقبة البناءة بين الأخوة الكبار. مثل هذا المنهج لا تعرفه شعوب ولا زعامات في دول كثيرة، فلا صوت يعلو بين أبناء المؤسس الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- وأحفاده، إلا صوت الحكمة، فمهما عظمت المشكلات والمعضلات، فإنها تذوب وتختفي أمام أسرة آل سعود الكرام.. الذين يضعون قدسية هذه البلاد وحماية حرميها الشريفين، ومصلحة مواطنيها ومكتسباتها نصب أعينهم، ويفوتون بذلك الفرصة أمام كل من أعمى الحقد أبصارهم لزعزعة أمننا وسلامة كياننا. نعم.. لقد ألقمت يا خادم الحرمين الشريفين، الحجر في جوف كل حاقد، وأبنت بأن هذه البلاد أمانة في الأعناق، وأن اختيارك لولي عهدك الأمير نايف بن عبدالعزيز، إنما جاء لثقتك الكبيرة في شخصية عرفها القاصي والداني بإخلاصها ومحبتها وتفانيها للعمل الصادق المخلص. هنيئاً للمملكة باختيار وثقة الملك المفدى بالأمير نايف بن عبدالعزيز، ونقول لسموه: يا سيدي نايف.. لقد شرفت بك ولاية العهد، يا أبا سعود. نسأل الله أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين، ويمن عليه بالصحة والهناء، وأن يتولى بعنايته سمو الأمير نايف، ويعينه على تحمل هذه الأمانة الغالية من ولي الأمر، وأن يسدد أعماله بالخير والنجاح. نائب رئيس تحرير جريدة الجزيرة