كنا صغاراً وكانت سيارة الأمير سلطان بن عبدالعزيز - يرحمه الله - تمر من قربنا يوميا.. فيرفع يده مسلما ومبتسماً.. نفس الابتسامة التي نراها في جميع صوره لم تتغير حتى في أحلك الظروف وهي مفتاح القلوب للملايين التي حزنت على سلطان الخير في جميع أنحاء العالم.. ولعظم وزن الابتسامة وضعت في مرتبة الصدقة.. حينما تبتسم في وجه أخيك المسلم.. كما ورد في الأثر. وهذه الابتسامة والتواضع في الشخصية الإنسانية لفقيدنا الكبير.. لم تؤثر سلباً في شخصيته الإدارية.. فهو حازم وحاسم في إدارته والفصل في القضايا من إمارة منطقة الرياض إلى وزارة الزراعة ووزارة المواصلات.. ثم وزارة الدفاع والطيران وولاية العهد وقيامه بتصريف شؤون الدولة كلها عند سفر الملك وغيابه عن البلاد.. ولقد تجلى الحزم والعزم لسموه في حرب الخليج إبان الاحتلال العراقي للكويت. حيث تابع ميدانياً.. وأعطى الأوامر لحظة بلحظة حتى تم النصر والتحرير الذي يعترف الجميع وبالذات الأخوة في الكويت أنه لولا الله ثم فتح السعودية لأجوائها وأراضيها ومساهمتها الفعالة لما تحررت الكويت. أما أعمال الخير فالحديث عنها يطول.. وهي طبع في الفقيد الكبير وليس تطبعاً وقد روى لي أحد الأقرباء أن سيارته توقفت عند تقاطع طريق قبل سنوات عديدة وإذا بالأمير سلطان بن عبدالعزيز يأمر سائقه بأن يقف ويسلم ويبتسم ثم يسأل (سلامات غرض ولا حاجة) ودهش صاحبنا لكنه قال (نعم.. أريد وعداً من سموكم لتشريف منزلي) وهنا شكره.. وتمنى أن يحين الوقت لتلبية دعوته.. وانطلق في طريقه.. أما مواطن آخر فقد قدم لسموه طلب تعبيد طريق لبلدته وكان سموه وزيراً للمواصلات.. وحينما دعى للمثول أمامه لإعطاء معلومات أوفى عن الطلب خشي أن يكون قد أخطأ في التعبير عند صياغة الخطاب وحينما سأله سموه: هل أنت صاحب الخطاب قال: لا بل مندوب عنه) وضحك سموه لمعرفته بأنه هو صاحب الخطاب وشرح على خطابه شرحاً وافياً وإيجابياً.. وما دمنا في مجال العمل والإدارة لا بد من الإشادة بإدارة سموه للجنة الإصلاح الإداري التي هندست وهيكلت أجهزة الدولة.. كما أن المطلعين على شروحات سموه بيده على المعاملات يؤكدون بأن مضمون تلك الشروحات تتم عن قراءة كاملة للأوراق ومرافقاتها ثم إعطاء توجيهات واضحة يشهد المتخصصون في الإدارة أنها من هرم إداري يعرف ماذا يريد وينظر للمستقبل البعيد.. ولعل إيجاد مشاريع التوازن الاقتصادي التي تعتبر فكرة سموه أقرب مثال على ذلك.. فلقد حققت هذه المشروعات التي تزيد على ثلاثين مشروعاً.. برأس مال يفوق 28 مليار ريال.. ووظف حوالي 8000 آلاف شاب سعودي وفكرة هذه المشروعات لمن لا يعرفها هي الاشتراط على الدول والشركات التي تفوز بعقود السلاح من المملكة أن تساهم في مشروعات صناعية ذات تقنية عالية. وأخيراً: رحم الله الأمير سلطان بن عبدالعزيز فلقد كان رجل خير.. ورجل إدارة ورجل قرار.. مع محافظته على ابتسامة تفتح له قلوب الصغار والكبار.