أصعب ما في الدنيا، أن تفاجأ بخبر وفاة، إنسان عزيز له مكانة كبيرة في القلوب، ومنزلة أكبر بين كل المحيطين به، والأصعب من ذلك، أن تفاجأ بفراق هذا الإنسان العزيز عليك وعلى غيرك فتكون الصدمة لأول وهلة قوية، لا تشعر لقوتها بقدرتك على تحريك جسمك، وكأن هذا الجسم شلّ لهول الصدمة وفداحة الخبر، وكبر المصيبة، لكن بعد فترة قليلة من محاولة مسك النفس، والاسترجاع، والتحلي بالصبر، والتمسك بقوة الإيمان، وتذكر قدرة الله، وأننا جميعاً سائرون في هذا الطريق إن عاجلاً أو آجلاً، فلكل أجل كتاب، بعد تذكر ذلك تعود الطمأنينة للنفس المليئة بالحزن والألم، لا سيما إذا عادت ذاكرتك بك، إلى تذكر فضائل هذا الفقيد الغالي وأعماله الخيرة الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى.. هذا ما شعرت به، عندما صدمت بخبر وفاة صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي كنا ننتظر عودته كعادته في كل مرة بعد رحلته العلاجية، وقد اكتسى بأثواب الصحة والعافية، لكنها خطى كتبت علينا، ومن كتبت عليه خطاه مشاها، وسرعان ما تذكرت أن موت الإنسان المؤمن الخيّر صاحب الأيادي البيضاء المحسنة، مهما كان فراقه صعباً على أفراد أسرته ومحبيه وكل المحبين له إلا أن عزاء هؤلاء فيه يكون بحسن الخاتمة وصحيفة أعماله النقية، تذكرت هذا عندما كتبت مقالاً لسموه منذ قرابة ست سنوات لمساعدة قاتل، تم العفو عنه من قبل أهل المقتول بشرط دفع أكثر من سبعة ملايين ريال.. فلم تمض أيام حتى تكرم رحمه الله بالاستجابة ودفع تلك الملايين، لإنقاذ رقبته من حد السيف، إلى غير ذلك من أعمال البر والخير التي يصعب سردها في هذا المقال.. ستظل ذكراك يا سلطان الخير مزروعة في قلوبنا وقلوب أبنائك وأبناء شعبك ومن أحبك من قريب أو صديق أو مقيم، ولئن غبت عن العيون، فلن تغيب أبداً عن العقول والقلوب، وستظل ذكراك دائماً فواحة بأزكى العطور وأندى بعبير الزهور، وستبقى أعمالك الخيرة، درجات ترفعك إلى أعلى فراديس الجنان بإذن الله مع الصالحين والمحسنين، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. أسأل الله العلي القدير أن يمد الله في عمر خادم الحرمين الشريفين ويمتعه بالصحة والعافية ونائبه الثاني، وكافة أسرة ولي العهد رحمه الله، وجميع أفراد الأسرة المالكة، وأن يلهمهم الصبر والسلوان والثبات، وأسأل الله العلي القدير أن يديم على هذا البلد نعمة الأمن والمان، والقوة والازدهار، والتطور المستمر في ظل خادم الحرمين الشريفين ونائبه وكافة الأسرة المالكة والشعب السعودي المخلص وأن يكشف كل عدو يسعى لتدمير هذا البلد الأمين، أو التقليل من شأنه أو نشر الفساد والفرقة بين أبنائه وأسأل الله أن يرد كيدهم في نحورهم، ويصيبهم في كل مكيدة بخيبة أمل، ومصيبة تحيط بهم من حيث لا يعلمون، وأن يكشف جميع مؤامرات الحاسدين والحاقدين المنافقين.. إنه على كل شيء قدير.. و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. - الأحساء