قال الداعية عايض القرني «إن الذين يهاجمون هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الغالب ضُبطوا متلبسين بمخالفات شرعية»، وهذا غير مستغرب من أخينا عايض، الذي يبدو أنه بدأ يعاني نقص منسوب الشهرة من جهة، والازدياد المطرد لوعي الناس من جهة أخرى. إن المتتبع يلاحظ أن كثيراً من الشخصيات الجماهيرية ما إن تشعر بابتعاد الأضواء عنها حتى تشطح بتصريح ناري، مهما كانت درجة اللا معقولية فيه؛ في محاولة لاستحلاب «الشهرة»؛ فخلال هذا الشهر أُحصيت «شطحات» عدة، كان أبرزها ذاك الذي قال «إن الناشطة اليمنية توكل كرمان نالت جائزة نوبل لأنها رمت بخمارها»، مع أنها ترتدي الحجاب الإسلامي! ويتضح من هذا أن الهدف لم يكن «التصريح» بذاته، بل ما وراءه من نقل وإشادة من قِبل شريحة تخفى عليها أبعاد «اللعبة جيداً». ودعونا نحسن الظن بالقرني، ونسأل عما إن كان حقاً لا ينتقد الهيئة إلا من قُبض عليه متلبساً بجرم مشهود، وهو ادعاء خطير لا يقره حتى كثير من منسوبي الهيئة. أذكر أني كتبت فيما مضى منتقداً بعض تصرفات رجال الحسبة الميدانيين، ووردني حينها رد مؤدب من الأخ عبدالمحسن القفاري، المتحدث الرسمي باسمها، ولم يعترض على ما كتبت، بل كان يؤكد أهمية دور الطرح الإعلامي الهادئ في تطوير أداء الجهاز. ثم إني أسأل القرني «هل كل من ينتقد أداء الشرطة لصٌ؟ وهل لا ينتقد وزارة الصحة إلا من حُرِم من العلاج؟ وهل يُفترض فيمن ينتقد جهاز القضاء أن يكون خسر للتو قضية في إحدى المحاكم؟ أم أن هذا تصور قاصر للمبدأ العام للنقد؟». كلنا يتفق على أهمية الضبط الاجتماعي المتمثل جزئياً بالهيئة، ولكن هذا لا يعني أن نغمض أعيننا عن بعض تصرفات بعض «الميدانيين» من منسوبيها، الذين يسيئون لها ولهذه الشعيرة العظيمة من حيث لا يعلمون. سأزعم هنا أنه لا يوجد إعلامي واحد انتقد «الهيئة» بذاتها، بل إن كل النقد كان موجَّها لبعض السلوكيات التي لا يقرها دين ولا عُرْف من بعض منسوبيها الميدانيين، الذين يسيئون لها يوماً بعد يوم بطريقة مريبة، ولستُ وارداً سرد الحوادث التي ارتُكبت، والتي اعترف بها القياديون فيها بكل صراحة. تُرى ما الدوافع الحقيقية وراء ما قاله القرني؟ وهل كان يهدف إلى التغطية على «أمر ما» يشغل باله؟ وخصوصاً أنه يتحدث باعتدال منذ فترة طويلة. أقول لأخي عايض: «تذكر أن الكلمة محسوبة على صاحبها، وخصوصاً في زمن الإعلام الجديد، وأن الناس لا ترحم؛ لذا نتمنى أن تكون أكثر حذراً؛ حتى لا تخسر البقية الباقية من محبيك، وخصوصاً أن هذه ليست المرة الأولى التي تبعد النجعة بتصريحات لا تليق بمن هو مثلك. هل أذكرك بحديثك عن العجوز النيجيرية التي تبيع الفصفص، والتي حقرتها بسبب لون بشرتها، أو عندما طلبت من الشيخ عادل الكلباني (تحديداً) أن (يبرك) على صدر أحد الأطباء، فلا زال الناس يتذكرون كل هذا وأكثر». وختاماً، نتمنى أن يكون الأخ عايض قد اطلع على قرار «كف» يد مجموعة من منسوبي الهيئة الميدانيين في منطقة المدينة بعد انتهاء التحقيقات؛ لأن في هذا رداً صريحاً على تصريحه آنف الذكر.