عن جداول للنشر والتوزيع صدر كتاب (فاكهة صامتة) تأليف: أ. فاروق يوسف ويقول في مقطع منه يذهب المهاجر. إلى أين؟ يعود المهاجر. إلى أين؟ ما من نقطة واضحة، لا في المكان ولا في الزمان، ليس هناك ميزان جاهز لقياس حجم الخسائر. الخسارة الغامضة تكون أقسى دائمًا. خسارة هي مزيج من البشر والمشاهد البصرية واللحظات العاطفية والأوهام والتداعيات والأغاني والتأملات الصامتة والأسرار العائلية وعواصف القسوة والشقاء والفقر ورائحة التراب وحفيف أوراق أشجار اليوكالبتوس والمشي على ضفاف دجلة والمقاهي والأصدقاء ومواء القطط العراقية و(الله بالخير) التي يسمعها العراقي ترحيبًا به والشاي المعتّق، كما لو أنه استورد لتوّه وحياء العراقيات الذي يرسم على الحجر شفتين والنوم على سطح الدار وظلال الأزقة القديمة وصبر الأمهات في حروب لا فرق فيها بين ابن وآخر. المهاجر لا يفكر إلا في خسائره وهو الذاهب إلى جهة يعرف أنه سيكون آمنًا فيها. في لحظة الاطمئنان تلك لا يكفي الشعور بالأمان، يتذكر المهاجر حينها أن هناك شيئًا ما لا يزال مفقودًا في حياته، لو سئل عنه فإنه سيعجز عن تسميته. «عطر أنوثتها» يقصد اليد التي تسبقها. الهيام بفكرة الخلق التي تلهم الجمال، البئر التي تملأ حديقة الدار بابتسامات الجيران، سلة التفاح التي عادت بها ليلى لتوّها من الغابة.