انخفضت أسعار البترول في بداية شهر أكتوبر لتصل إلى أدنى سعر وصلت إليه خلال الأشهر الستة الماضية حيث لامس سعر برميل برنت أقل من 100 دولار للبرميل متأثراً سلباً بتضخم مشاكل الديون الأوربية و تأثيرها السلبي على بعض البنوك الأوربية و تأثير ذلك المتوقع على النمو الاقتصادي العالمي و من ثم التأثير السلبي على الطلب العالمي على البترول. لحسن الحظ أن هذه النظرة التشاؤمية لنمو الاقتصاد العالمي لم تستمر كثيراً بسبب بعض التصريحات لبعض الدول الأوربية الرئيسية مثل ألمانيا و فرنسا و وعودها بالقيام ببعض الجهود الجادة لمساعدة بعض الدول و البنوك الأوربية المتأثرة بهذه الديون والذي بدوره أدى إلى رجوع أسعار البترول إلى ما كانت عليه سابقاً. الحقيقة أن رجوع الأسعار إلى ما كانت عليه قبل هذا الانخفاض الحاد الذي يقدر بأكثر من 10% يدل على صحة بعض التصاريح من قبل الدول الرئيسية لمنظمة أوبك الدالة على استقرار السوق النفطية و توازن العرض و الطلب خلال هذه الفترة الحرجة, و يدل كذلك على نجاح الإستراتيجية النفطية للمملكة العربية السعودية القائمة على توفير طاقة إنتاجية فائضة يمكن أن تضخ في الأسواق إذا ما دعت إليه الحاجة كما حدث مؤخرا من زيادة في الإنتاج السعودي لسد النقص الناتج عن بعض الاضطرابات في بعض الدول البترولية مثل ليبيا. كما ذكرت في كثير من المقالات السابقة أن سعر ال 100 دولار للبرميل يعتبر أكثر من جيد و عادلا للدول المنتجة للبترول و في مقدمتها دول منظمة أوبك و الدول المستهلكة للبترول و في مقدمتها الدول الغربية و الصين و اليابان, و أن تذبذب السعر في حدود ال 10% ارتفاعا أو انخفاضاً يعتبر شيئا طبيعيا تحتمه طبيعة السوق النفطية بما فيها تأثير المضاربات في بورصات النفط في نيويورك و لندن و سنغافورة. يؤكد ذلك التقرير الشهري النفطي لمنظمة أوبك الصادر مؤخراً و الذي يشير إلى استمرار توقعات المنظمة للنمو السنوي للاقتصادي العالمي ليصل إلى 3.6% لعام 2011م و 3.7% لعام 2012م كإشارة مباشرة إلى المحافظة على النمو الاقتصادي العالمي مع وجود بعض المخاوف من قبل استمرار مشاكل الديون الأوروبية للعام القادم. يذكر التقرير أيضاً توقعات المنظمة لزيادة الطلب العالمي على البترول بمعدل طفيف جداً لعام 2011م بقدره التقرير ب 180 ألف برميل في اليوم مقارنة ب 900 ألف برميل في اليوم كما كان متوقع سابقاً متأثراً سلبا ببعض القوانين الصينية الداعمة لإستراتيجية ترشيد و خفض استهلاك الوقود في المدن الصينية الرئيسية و الخطط الهندية لزيادة أسعار المنتجات الهندية في الأسواق العالمية مما سوف يحد من زيادة استهلاكها للوقود. هذه العوامل السلبية في دول الاتحاد الأوروبي و الصين و الهند جعلت المنظمة تخفض توقعاتها المستقبلية لزيادة الطلب العالمي على البترول لعام 2012م ليصل إلى أقل من مليون و 200 ألف برميل في اليوم مقارنة بعام 2011م مما قد يؤثر سلبا على أسعار البترول في عام 2012م و الذي أتمنى أن يكون في حدود التذبذب المقبول الذي ذكرته سابقا ال 10%. هذه العوامل سوف توجد بعض الضغوط على دول منظمة أوبك خاصة إذا انخفض السعر بأقل من 10% العام القادم مما قد يجعل دول المنظمة تفكر جدياً بخفض الإنتاج خاصة بعد استقرار الأمور في ليبيا و رجوع النفط الليبي.