أتابع الصفحات الإسلامية في الجزيرة وخصوصاً ما يكتب عن الزواج وتعقيباً على ذلك أقول، الزواج رباط مقدس يجمع بين الذكور والإناث ليتقاسموا تقلبات الحياة من سراء أو ضراء ويتخطوا كل الصعاب سوياً وينجبوا البنات والأبناء. فالحياة الزوجية قائمة على الاحترام والحب على أن يتضمن الأزواج في طياتهم بالتأكيد الإخلاص والوفاء. لكن إن حدث في الحياة الزوجية خلل والتواء وسقط أحدهما في الأخطاء هل يتنازل الطرف الآخر ويسامح وتعود صفحات الماضي بيضاء أم تبقى سوداء؟! الخيانة هي أكبر جرح يمكن أن يجرح الزوج أو الزوجة ويحولهما إلى أعداء، الخيانة هي الدمار الذي يهدم ذلك البناء ويقطع كل روابط المحبة والإخاء وقد يصل الأمر لدى أحدهما للانتقام أو القتل أو الاعتداء. ورغم أن الإسلام جعل العقاب للخائن أو الخائنة سواء فهناك الأحكام الوضعية التي تدعي العدالة والحرية تبيح للرجل قتل زوجته الخائنة وتجرم قتل الزوجة لزوجها الخائن هذه هي مساواة المرأة بالرجل التي يزعمونها فالإسلام عززها وكرمها والحضارة الحالية حقرتها فالخيانة جرح عميق ليس له من دواء سوى العفو والصفح على حساب موت الكبرياء. وقد يعجز البعض عن الصفح وعندئذ يحكم على هذه الحياة بالانتهاء ويكن الحل هو الطلاق. فمن الأزواج يستطيع أن يصفح حتى لا يظلم الأبناء وهل الزوج من يسامح أم الزوجة ومن منهم من يطغى عليه الكبرياء؟! بالتأكيد من يستطيع الغفران على هذه الجريمة ليس الرجال بل النساء فتجد الزوجة تسامح زوجها على خيانته لها رغم جرح كرامتها وكبريائها وما تعانيه من حرقة الدماء وقد يستقيم الزوج بعد ذلك وتصبح هذه النزوة من مخلفات الماضي فلا يكررها ولا ينظر للوراء. ولكن بعض الأزواج عندما يرى تمسك زوجته بالأسرة وضعفها يتمادى في طغيانه ويخونها بدون خفى أو غطاء ويصبح ظالماً لها لأنه تأكد من أنها متمسكة بالبيت والأبناء فيفعل ما يحلو له وكما يشاء أمامها أو من ورائها فلم يعد يمنعه حياء. وهي تسجن شكواها في كل مرة تشعر بالعذاب المرير وهو يخون دون تأنيب الضمير ولا فرق لديه إن رأت أو سمعته زوجته فهي تنازلت مرة.. إذاً هي كالأصم الضرير فإن اشتكت وسأله الناس هل للخيانة أي تبرير؟! فلن يجد ما يتهمها به فيقول عندها برودة إحساس وتبدأ نصائح الناس ولا يعلمون أنه كاذب كل ما قاله ليس له صحة من الأساس. تسجن شكواها لأنها تعلم هذه النصائح لأن من نظر إلى النار ليس كمن احترق وذاق ولظلمه تعتاد؟! فنصيحة الآباء غالباً كالآتي: إنها نزوات الرجال وعليك الصبر والثبات كالجبال فما ذنب الأطفال هؤلاء الأبرياء ومؤكد أن التقصير منك فلم تعطه ما يكفيه من الاهتمام والاحتواء. والخطأ الحقيقي ليس في التقصير منها بل في الخوف الذي يسير فيها والمبالغة في الذل والانقياد كالعمياء. تسجن شكواها لأنه لا فرق أن تشتكي أم تضع على الحقيقة رداء! ماذا ستستفيد إن افصحت؟! شماتة بعض الناس أم نظرات الإحسان والإشفاق أم تحريضها على الخلع أو الطلاق الذي تتمناه وتتمنى الفراق ولكن تتمسك به خوفاً على مستقبل الأبناء ولا حيلة لديها سوى البقاء مع الدعاء وتبقى الشكوى سجينة لا تستطيع الصراخ أو الانطلاق، تبقى الشكوى سجينة خلف قضبان الصمت والبكاء. إيناس سمير الصعيدي