ليست مصادفة أن يأتي إطلاق صحيفة (أوج أون لاين) الإلكترونية كأول صحيفة سعودية للمرأة العربية تصدر عن مؤسسة (الجزيرة) الصحافية، متزامنة ًمع صدور القرار الملكي التاريخي في إشراك المرأة السعودية بصناعة القرار الوطني ومنحها مساحة أكبر في المشاركة التنموية من خلال عضويتها في مجلس الشورى، والمجالس البلدية على مستوى مناطق المملكة، إنما هو توجه واع ِمن قبل هذه المؤسسة العريقة في إطار توجه استراتيجي وطني يمثل العلامة الفارقة في مسيرة المملكة خلال العقود الأخيرة، ف(الجزيرة) التي تتسم بالحضور الفاعل على خريطة الإعلام العربي كانت ولازالت تستشرف مستقبل وطنها من واقع حاضرها، الذي تعيشه بكل إدراك للتحولات الكبرى، التي تشهدها المملكة في العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، خاصةً بما يخص المرأة التي تعتبر نصف المجتمع وقاعدته الرئيسة ومحضن أجياله المتعاقبة. من جهةٍ أخرى فإن هذه الصحيفة الإلكترونية (أوج أون لاين) تشكل مبادرة ذكية تضاف إلى سجل مبادرات (الجزيرة) الفريدة التي تطلقها في دنيا الصحافة والإعلام، كما أنها تحد جديد تضعه (الجزيرة) أمام الجميع في ظل ثورة المعلومات وتقنية الاتصالات، غير أن التحدي الحقيقي هو مشاركة المرأة السعودية في مجلسي الشورى والبلدي، من حيث مساهمتها الفاعلة على مستوى عطائها الإنتاجي (المادي) وصعيد إبداعها الفكري في وضع التوصيات وطرح المقترحات، وبلورة القرارات، التي تعزز مسيرة التنمية الوطنية بشكل إيجابي، بما يسهم في النهضة السعودية، وصولاً إلى المشاركة المميزة في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة، لأن هذه المشاركة أساساً جاءت وفقاً لقرار ملكي كريم يعكس حجم الثقة الكبيرة، التي يحملها رجل الدولة الأول خادم الحرمين الشريفين تجاه المرأة السعودية، فلا مجال للتخاذل أو التهاون أو الركون إلى الفهم القاصر بأن مجلس الشورى أو البلدي هو للنخبة والفئة المخملية من أصحاب البروج العاجية، فالشورى أو البلدي ميدان عمل وليس ملتقى جدل. لقد دخلت المرأة السعودية طريقاً ليس فيها خط رجعة، فالعالم شهد هذا الدخول بالصوت والصورة، كما أنها انتقلت إلى مرحلة حرجة على امتداد حركتها الزمنية، لكونها أصبحت فعلياً تحت المجهر الاجتماعي، وفي مرمى النقد الإعلامي، إلى جانب الرصد العالمي بقيمه الحضارية، متجاوزاً قضايا هامشية أو مطالب اجتماعية في حياة المرأة، إلى المرأة ذاته وكيف سيكون منقها وفكرها وأداؤها في حياتها الجديدة، لأن الحياة الشورية (البرلمانية)، أو البلدية (التنموية) كما يفهمها العالم المتقدم خصوصاً، هي بالأساس فكر ومنهج وممارسة، وإن لم تستوف المرأة السعودية هذه الأدوات في إطار منظومة واحدة تعبرعن شخصيتها المستقلة وتثبت أهليتها الفعلية، فستكون ممن حكم على نفسه بالانتحار الحضاري، غير أن تاريخ المرأة السعودية المشرق ودورها المشرف في مسيرة التنمية الوطنية سواءً على مستوى الإنجازات أو المناصب يحمل الكثير من الطمأنينة والفأل، مع دعاء الله لها بالتوفيق والسداد فهي الأم والزوجة والأخت والبنت والجارة والزميلة، فنجاحها يعني نجاح الوطن وازدهاره، فالمرأة مرآة الأمة.