من نعم الله سبحانه وتعالى أن قيض لهذا الوطن الكبير.. بقيادته الحكيمة.. رجالاً صدقوا وهم يحملون على عاتقهم مسيرة البناء والنماء في كل مناشط الحياة ومجالاتها المختلفة.. ونجد أن هذه النماذج الوفية قدمت إسهامات عطائية وتضحيات جسيمة ولعبت دوراً مفصلياً في إثراء هذه المجالات الإنسانية المختلفة.. وعندما نتحدث عن تاريخ نشأة وبناء وتكوين الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى على وجه التحديد التي انطلقت في حقبة الستينيات الهجرية من القرن الفائت لا بد أن نتذكر رمزها الكبير وشيخها العصامي عبد الرحمن بن سعيد غفر الله له وأسكنه فسيح جناته الذي شكل رقماً صعباً في معادلة البناء الرياضي في مدينة الرياض فقد امتطى شيخ الرياضيين (جواد) الهمة والإصرار والعزيمة الصلبة منطلقاً قبل ما ينيف عن 65 عاماً في مضمار التأسيس وحمل راية البناء مكافحاً ومنافحاً لإقامة مشروع نشر الرياضة ويبحث عن حركة رياضية شاملة لأنه -يرحمه الله- كان يرى قبل أن يخوض معركة (تغيير المفاهيم) المغلوطة عن الرياضة بالمجتمع النجدي في تلك الأيام الخوالي أن الرياضة هي إحدى الظواهر الاجتماعية التي تظهر فيها العديد من العمليات الاجتماعية المختلفة، وتقوم بوظائف تربوية وثقافية ونفسية وصحية، ومن هذا المنطلق الفكري الرصين نجح أبو مساعد في إقامة مشروعه الوطني والعمل على إنشاء الفرق الرياضية في العاصمة الرياض رغم الضغوط المجتمعية والمضايقات الثقافية والتهديد بسلاح العادات الاجتماعية في تلك الحقبة الفارطة حتى يعدل عن تطلعاته بإنشاء الفرق ونشر مشروعه الرياضي الوطني التنموي في العاصمة الرياض.. غير أن فقيد الرياضة السعودية وبما وهبه الله له من مواهب ذكائية وحنكة فطرية وفكر إداري ناضج وأفق واسع الرؤية.. كان أقوى من تلك الضغوط المجتمعية فبدأ بمشروعه الرياضي التنموي بتأسيس نادي الشباب ثم الهلال فضلاً عن دعم بقية الوسطى الغابرة والباقية.. ولم يكن دعم الرمز الراحل فقط لأندية العاصمة لأنه كان يبحث عن حركة رياضية شاملة حتى أندية المنطقة الغربية استفادت من خبرات ومال وفكر وعطاء وإثراء الشيخ عبد الرحمن بن سعيد -غفر الله له- ولعل موقفه التاريخي البطولي مع النادي الأهلي إبان مسماه القديم «الثغر» الذي تولى رئاسته في أواخر السبعينيات الهجرية من القرن الفائت بعد تعرضه لأزمة كادت أن تعصف بمستقبله وتدخله دائرة النسيان لولا الله ثم جهود الرمز الكبير الذي حفظستقرار البيت الأهلاوي وتوازنه. وربما يكون الشيخ عبد الرحمن بن سعيد الشخصية الرياضية الوحيدة على الصعيد العربي التي خدمت وطنها أكثر من ستة عقود زمنية متواصلة شهدت منجزات تاريخية وإسهامات بنائية وعطاءات كبيرة وتضحيات جسيمة من أجل قيام الحركة الرياضية بالمنطقة الوسطى كجزء من التنمية الوطنية الشاملة رغم أن الرياضة في تلك الحقبة لم تكن مقبولة عند المجتمع النجدي غير أن سياسة الرجل الحكيم والنموذج الأصيل نجح في تخطي تلك العقبات المجتمعية ليرسي قواعد البناء ودعائم التشييد معلناً قيام رياضة العاصمة (الرياض).. وجعل منها نشاطاً إنسانياً فكرياً وسلوكاً محبباً للجميع.. منطلقاً من كون الرياضة رسالة لبناء العقول وتنمية أواصر المحبة والألفة وتعميق روح التواصل والحوار الثقافي وتعزيز القيم الأخلاقية وبالتالي أصبحت الرياضة إحدى الأنشطة الاجتماعية التي يظهر فيها العديد من العمليات الاجتماعية المتنوعة الإيجابية التي تنعكس بشكل عام على سلوك وفكر وإنتاج الفرد. عرفت الرمز الراحل منذ أكثر من عقدين من الزمن وكان صاحب مبادئ رفيعة وقيم أخلاقية ومبادرات إنسانية سباقة في مضمار الخير والعطاء والسخاء.. ولعل مواقفه الخيرية مع بعض نجوم هلال الأمس الرياضي على وجه التحديد ممن تكالبت عليهم الظروف المادية والصحية والمعيشية ووجدوا أنفسهم تحت سقف المعاناة وبساط الحاجة والفاقة يشهد لها كل من عرف معدن وشهامة وأصالة ونبل وكرم الرمز الكبير.. هكذا عرفت شيخ الرياضيين والرياضة مكرساً حياته وماله ومشاعره وتفاعله لخدمة المجالات الاجتماعية والإنسانية والرياضية, فرحل عن دنيانا الفانية وترك اسمه محفوراً في ذاكرة الوطن.