كتب الأخ عبدالله الغانم مقالاً يوم الثلاثاء 18 من شعبان في العدد 14173 حول موضوع سرقة البحوث والرسائل العلمية، وقد لامس تعقيب الغانم الواقع كثيراً فحال بعض الجامعات مؤسف والله، ولقد حصل غالب هذا الأمر في دراستي الجامعية فلا أستبعده البتة لذلك أصبحت مخرجات التعليم لدينا هشة. يقول الغانم في تعقيبه: «لم يلجأ من لجأ لمثل هذه الطرق المشينة - ليس تبريراً له - إلا حينما وجد الأبواب مغلقة والعقبات كأداء أمام تحقيق رغبته في الحصول على الدرجة العلمية بطرق مشروعة»، وأقول: أعلم أنه تحليل وليس تبرير، وأنك هنا تشرح الداء لتجد العلاج، لكن دعني أقول أيضا ما كرره قبلي الكثير، «الغاية لا تبرر الوسيلة» وبفعلتهم هذه تتفاقم المشكلة وتكبر الرقعة وتضيع المسؤولية. ثم إنهم لن يشعروا بلذة النجاح ما دام فعلهم كهذا، وأي فائدة ترجى منهم إن كان غاية همهم وجاهة أو سمعة يتفاخرون بها وداخلهم فارغ واه لا يسمن ولا يغني بعلم أو فائدة. وقال في موضع آخر: «طالب الدراسات العليا الذي لا أظنه يحتاج لتضييع سنتين ثمينة تزيد أو تنقص قليلا في دراسة أكاديمية في أكثر الأحيان والأحوال لا تسمن ولا تغني من جوع حيث قدرته العلمية الطيبة» أما هنا فأقول دعني أختلف معك قليلا فكلمة «تضيع» قوية نوعا ما إذ إن كل تجربة تمر ومعلومة تطرح فيها من الفوائد والعبر الشيء الكثير زد على ذلك المواقف والآراء وحتى العقبات كلها دروس في الواقع تثري حياتياً وعلمياً جنباً إلى جنب. وما أظن هؤلاء الطلبة قدموا إلى هذه المغامرة إلا وتحدوهم الرغبة في الاستزادة وطلب المزيد من المعرفة والتخصص بدقة حتى ولو كانوا يمتلكون معرفة طيبة وحصيلة جيدة من العلم. ويضيف قائلا: «إضافة إلى تقصير واضح جلي من بعض أساتذة الدراسات العليا في إعطاء المادة أو غيابهم أو تقليص زمن المحاضرات» لست هنا بصدد أن أنافح عن بعض الأساتذة، ولا لأختلف معك فما ذكرته فهو واقع وحاصل لكن دعنا نرى الطرف الآخر، إذ يدعى هؤلاء الطلاب بأن أساتذتهم مقصرون ويبخلون بمعلوماتهم، حسنا كيف يحكمون؟ ماذا عنهم هم؟ ما دورهم في هذه المرحلة المتقدمة؟ هل ما زالوا ينتظرون الإرضاع وقد فطموا؟ أنت تعلم أن الطلاب ليسوا سواء فمنهم من يريد النجاح ولو حروفا على ورقة ومنهم من يريده دماً في عرقه وأن من يريد العلم يطلبه يحارب من أجله ويستمتع بكل تفاصيله جميلها وسيئها لأنها في الأخير جزءاً منه وستكون ثمرة تعبه واجتهاده ثم إن على هؤلاء الطلاب أن يحرضوا الأساتذة على العطاء بأسئلتهم واستفساراتهم وأطروحاتهم ونقاشهم العلمي ليس ماء الكل شاربه إنه يحتاج لذوي بصيرة، فليبحثوا عن أجوده. وسأورد هذه القصة التي حصلت لي شخصياً طلبت مني صديقة لي في الماجستير أن أكتب عن فرضية في علم الاجتماع لأنها لا تجيد كتابة السرد وتحتاج لشرح وتفنيد وما إلى ذلك. ففعلت وناقشت الفكرة ومثلت على ذلك من الواقع ثم سلمتها. بعدها بأيام أرسلت لي بريداً الكترونياً فيه رأي الدكتور مباشرة عن هذا التكليف ولقد أثنى عليه كثيراً، أخبرتني بعدها بأنه خصها بالثناء لدرجة أنه وضع المقالة ضمن مفردات المنهج. قصدت هذا المثال لأسلط الضوء على الجانب الآخر، أنا لم أدرس المادة لكني اجتهدت وتذوقت الطعم، هل هم كذلك؟ فقط اسألهم! اسألهم هل لعلمكم طعم؟ وستعرف مقصدي. مي عبدالعزيز التميمي - الرياض