قال الدكتور عقاب يحيى المعارض السوري لجريدة «إيلاف» الإلكترونية: (إيران تعتبر النظام السوري «بؤبؤ العين» والمتحالفة معه بما يتجاوز شتى أنواع التحالفات العادية المعروفة، بالنظر إلى ما يجمعهما على صعيد البنية العقيدية، بدأت تشعر بأنّ النظام ذاهب إلى الهاوية طالما استمر في نهجه القمعي الشمولي، ولخشيتها عليه تحرّكت ضمن ذلك السقف، وبغاية الحفاظ على النظام، وهو ما نلحظه، أيضاً في موقف حزب الله، وأمينه العام حسن نصر الله. في الوقت نفسه فإيران صاحبة المشروع القومي الراكب على عقيدة مذهبية لا بدّ وأنها تفكر بمستقبل وجودها في سوريا إذا ما سقط النظام، لذلك تحاول جسّ النبض، ومدّ الخيوط مع أطراف محسوبة على المعارضة، وإظهار نوع من المرونة.. بينما وجودها القوي على الأرض كداعم كبير للنظام الدموي لا يخفى على أحد). إيران استثمرت الكثير سياسياً ومالياً في سوريا، غير أنّ انتفاضة السوريين على نظامهم لم تكن على ما يبدو في حسبان المُنظر الإيراني؛ بل كان يظن في البداية أنها مجرّد زوبعة عارضة، وأنّ النظام قادر على قمعها، وتفريغها من محتواها، لذلك وقف مع النظام علناً، ووقف معه عميله حسن نصر الله في لبنان، وأظهر مالكي العراق الموقف نفسه، وأمدّته إيران - كما تؤكد المعارضة السورية - ببعض الخبراء المحترفين في مواجهة المظاهرات من حرسه الثوري. إلاّ أنّ الانتفاضة استمرت وتصاعدت، ولم تنفع محاولات النظام ومعهم جنود الحرس الثوري الإيراني في محاصرتها وتحجيمها؛ إضافة إلى أنّ موقف الإيرانيين المساند للأسد، أفقدهم صورة (الثورة) المساندة لانتفاضات الشعوب وتحرّرها كما كانوا يدّعون؛ الأمر الذي جعل الإيرانيين - متأخرين على ما يبدو - يُعيدون حساباتهم، ويتهيأون للوضع الذي (ربما) يجدون أنفسهم فيه، بعد سقوط الأسد. صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية أكدت أنّ دبلوماسيين إيرانيين اجتمعوا بممثلين عن المعارضة السورية لمعرفة المزيد عن حجم القوى الإسلامية فيها، وموقفهم من حزب الله؛ وعمّا إذا كان في الإمكان بعد التوصُّل إلى حل وسط بينهم وبين القيادة السورية؛ وحسب الجريدة نفسها فإنّ ممثلي المعارضة أكدوا للإيرانيين أنهم لن يديروا ظهورهم لإيران إنما سيسعون إلى إعادة التوازن في العلاقات السورية - الإيرانية؛ كما أكدوا أنههم لن يتبنّوا سياسات معادية لإيران وحزب الله. وفي الاتجاه نفسه، وفي محاولة من جهات إيرانية بعيدة عن صناعة القرار في إيران لتلطيف لغة إيران تجاه المعارضة، قال هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران: (العالم تغيّر والأحداث التي تشهدها المنطقة هي نتيجة لتنامي وعي الشعوب، حيث إنهم لن ينصاعوا بعد للاستبداد). غير أنّ الإيرانيين يعلمون يقيناً أنّ الشعب السوري المقاوم يعتبرهم، كما يعتبر حزب الله، مسؤولين بشكل أو بآخر عن الدماء التي سالت، والمجازر التي اقترفها نظام الأسد؛ ولن يكون في مقدور أيّ نظام يأتي بعد الأسد القفز على هذا الشعور المتأصِّل في نفوس أغلبية السوريين، ولا أعتقد أنّ الإيرانيين لا يدركون ذلك، مهما كانت وعود المعارضة الآن. ولعلّ أهم ما يقرأ في تحركات الإيرانيين الأخيرة مع المعارضة السورية، وتغيّر لغة التأييد، من التأييد المطلق للنظام كما كان الأمر في السابق إلى التأييد المتحفّظ كما هو عليه الأمر الآن، أن نظام الأسد بدأ بالفعل يترنّح في طريقه للسقوط، حتى في عيون مؤيّديه. إلى اللقاء.