الوجاهة والمسؤولية تحملان الإنسان أعباء كثيرة لمن يشعر ذلك ويؤدي الأمانة كما يجب، ولذا فهي تأخذ من الوقت والتفكير جزءاً غير يسير، فمن أعطاه الله وجاهة وقبولاً عند الناس عليه أن يتحمل ذلك ويحتسب الأجر من الله، فأقل ما يجب على صاحب الجاه أن يبذله في مساعدة الآخرين، فهو كما يقال زكاة هذه النعمة التي وهبها الله لك، كذلك من حمل مسؤولية عليه أن يتحسس حاجات الناس ويحاول قضاءها قبل أن يسألوه، فهذا هو الواجب، وليس حين السؤال والمذلة. من هؤلاء الأشخاص الذي أعطاهم الله وجاهة ومسؤولية وأدوها كما يجب الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة القصيم، هذا الرجل الذي ومن خلال معرفتي به الشخصية لا يألو جهداً في مساعدة الآخرين، بل إنه صاحب مبادرات خيرية معروفة، وكثيراً ما حدثني عن أهمية مساعدة الناس انطلاقاً من التوجيه النبوي الكريم: (خير الناس أنفعهم للناس) أولاً، وثانياً تنفيذاً وتحقيقاً لتوجيهات قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي دائماً ما يؤكد على أهمية قضاء حوائج الناس ومساعدتهم، فكم من قاصد لسموه قضيت حاجته على يديه -رعاه الله-. لكن ما أتحدث عنه في هذه المقالة نوع مختلف من الاهتمام، وهو في الحقيقة يعد من أهم المهمات التي يجب على كل قادر أن يعني بها، تلك هي المهمة الفكرية والعلمية، ولعلنا نستشعر هذه الأهمية وعظمها بالعودة إلى الهدي النبوي، ففي الحديث الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدث عن انقطاع عمل المسلم بعد مماته، حيث قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث).. وأشار إلى علم ينتفع به. هذا تأكيد نبوي كريم على أهمية نشر العلم وأنه من الأعمال التي لا تنقطع بعد وفاة الإنسان، هذا العلم ليس شرطاً أن يكون من تأليف الإنسان أو بحثه أو تحقيقه، ولكن كما قال العلماء الاهتمام بطباعة ونشر علوم الآخرين وعلى رأس هذه الكتب بطبيعة الحال كتاب الله. في بادرة علمية وثقافية هامة دشن سمو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل مساء الأربعاء 26-8-1432هت مكتبته الرقمية على شبكة الإنترنت (www.dr-faisl-libray.pub.sa) هذه المكتبة التي بدأت بأكثر من ألف كتاب في الشريعة والثقافة وفي تاريخ المملكة العربية السعودية، كما تحوي كافة مؤلفات سموه، وبعض أقواله في مناسبات ومراسلات مختلفة، هذا بالإضافة إلى بعض المناسبات والمشاريع ذات المدلول الثقافي التي رعاها سموه، ومن محتويات هذه المكتبة المهمة المناهج الدراسية كاملة منذ السنة الأولى ابتدائي وحتى السنة الثالثة ثانوي، وهذا مما يسهل على الطلاب والطالبات مذاكرة دروسهم في أي زمان ومكان. إننا مطالبون بأن نكون فاعلين ومتفاعلين إيجابياً مع هذه التقنية التي سهلت نشر العلم والتعلم، ولم يعد للإنسان عذر في التواصل المعرفي بالشكل الذي يريد ومن المكان الذي يريد. ولعل هذه المكتبة الرقمية التي أنشأها الأمير الدكتور فيصل بن مشعل تكون مصدراً من مصادرنا المعتمدة لكونها أسست من أجل حفظ فكر شبابنا وتقديم المعلومة من خلال الكتاب الثقة لدى علماء هذا الوطن الذين هم علماء الكتاب والسنة، فمما يدركه الجميع أن خير هذه الشبكة العنكبوتية وشرها شبه متساويين، ولذا فالانتقاء في غاية الخطورة، وما هذه الأفكار المنحرفة والآراء الشاذة التي انتشرت بين شباب الأمة إلا نتيجة لهذه الشبكة التي تنشر ملايين المعلومات والأقوال والآراء الصالحة والطالحة وذات الأهداف السلمية والسامة في آن. إن مثقفي وعلماء هذا الوطن مطالبون بالتواصل المعرفي عبر هذه الشبكة ونشر آرائهم وبحوثهم حفاظاً على هويتنا وحماية لأجيالنا. لقد كان شباب هذا الوطن أصحاب فكر مستقيم وعقيدة صافية حتى ظهرت هذه الشبكة العنكبوتية فسهلت التواصل مع الأفكار والمعتقدات الخارجية بشكل مخيف، فانحرف بعض شبابنا ذات اليمين وذات الشمال، وكان منهم من سفه علماء هذا الوطن وكفر قادته..! هذا بكل تأكيد نتيجة لعدم وجود التحصين المناسب مع هذه الثورة التقنية المخيفة. واليوم ونحن نسعد بهذه المكتبة الرقمية التي يتولى الإشراف عليها رجل عرف بحصافته وثقافته المميزة التي تجمع بين العلم والسياسة، نحتفل ونحتفي بهذا العمل المميز والذي نتطلع إلى تطويره أكثر وأكثر ليواكب هذا التسارع العلمي والتقني وليحقق الهدف الذي أسست من أجله هذه المكتبة ألا وهو تثقيف أبناء الوطن والأمة الثقافة المبنية على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ومحاربة كل فكر منحرف ورأي معوج، وقد تكون المسؤولية كبيرة وعظيمة والنظرة منا لهذا المنجز مكلفة جداً ولكن لكوني أعرف هذا الرجل وأعرف حزمه وعزمه.. أعرف تفانيه وسهره من أجل بقاء هذا الوطن قوياً عزيزاً بهذه اللحمة بين القائد والشعب، تحت راية التوحيد التي أسست هذه البلاد عليها، لا أستكبر أي عمل عليه. دائماً يذكرني سموه بأهمية الكتابة عن اللحمة الوطنية وأن نسعى في سبيل تحقيق دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدائمة في أن نكون صفاً واحداً ويداً واحدة، وتأتي هذه المكتبة الرقمية لتعضد هذا التوجه وتدعمه. والله المستعان،، [email protected]