يحزن القلب لفراق أخي وعميد أسرتنا الفاضل عبد الرحمن بن سعيد، تلعثم لساني، انحرق قلبي لفراقه، تثاقلت قدماي عند زيارته حتى لا ترى عيني ذلك الشامخ طريح الفراش متهالكاً مما أصابه من مرض...، هو أخي الأكبر له احترام وتقدير من جميع أسرة بن سعيد، يتمتع بفطنة حين نصافحه أو نتحدث معه فكل من يدخل عليه لا يريد أن يكون بالمقدمة لهيبته، رغم حنانه ونظراته المتفحصة ليستشف من هذا وذاك ما عنده، لم يجامل أحداً أو يثني على من قصّر بعلمه، كان صريحاً مرتاحاً مع نفسه، يتسع صدره لمن يحدثه عن العلم، فنرى الابتسامة تعلو وجهه حينما نذكر أن فلاناً تخرّج، لم تكن المواضيع السطحية تهمه سوى سماع أخبار الدراسة من عائلته الكبيرة، كان نقاشه المتكرر عن التفوق، فهو يبجل المتعلم الحائز على شهادة ويقرّبه بجنبه ويثني عليه، ويحفّزه على الدراسات العليا، مكرماً من حصل على الشهادة بهدية قيّمة، كان كريماً مصلحا للأسرة بأكملها، لا يرضى تطاول صغير على كبير، ولا يثمّن من يهمل في دراسته ويوبّخه علناً، يتمتع أخي بحب الناس، فمجلسه عامر منذ ستين عاماً وأكثر. .. فسفرته جاهزة بشكل يومي كأنّ عنده عزيمة طوال ستين عاماً، لم يعتذر يوماً عن استقبال ضيف، تميّز بكرمه وجوده المستمر لمن يلجأ له، أو لمن يتحسّس أنهم بحاجة. أخي عبد الرحمن الكرم من صفاته التي لا تتكرر في وقتنا هذا ( إلاّ ما ندر)، لأنه يعطي من ماله وهو يبتسم مع تكراره «إني مقصر»، مع استمراره بالعطاء والمساعدة لمن يحتاج ولا ينساهم، بل يتحسّس أحوالهم، ويحفّزهم لتسجيل أبنائهم بالمدارس والجامعات، ويذهب بنفسه ليتوسط لأناس لا ينتمون له بصلة سوى الطمع بالأجر، وصادفنا الكثير ممن يردّدون «نحن على الله ثم أبو مساعد» ووالله لو كان حياً لمنعني أن أكتب عن ماذا عمل، لأنّ فلسفته في حياته أن لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ولكن أخذتها بمبدأ ذكر محاسن موتانا .. رحمك الله يا أخي وجعلها ليلة مباركة عليك لتكون مع النبيين والصديقين والشهداء، لتلحق بأبي رحمه الله، لتنعما بجنات الخلد، فكلما أردت أن أنهي كتابتي تذكّرت صفاتك التي لا تُعَد، فأنت المتزن حينما يخبروك أنّ هناك من كتب عنك بكلام لا يليق لترد بابتسامة وطيب نفس «هذه آراء الناس ومن حقهم أن يقولوا ما يقولوا، من ناحيتي أنا لا أملك إلا الصراحة والصدق لم أحرف تاريخاً كتبته بيدي وكل الأندية عندي (هلال) لأنها تمثل الوطن». أخي عبد الرحمن أنت مفخرة لنا وللوطن، فحبّ الناس لشخصك ترجمه الإعلام والحشود المعزّية، فجزاهم الله ألف خير، ففعلاً اعتبروك والدهم ومؤسساً للكيان العظيم ( الهلال والشباب )، وساهمت في تكوين الرياضة بدمك ومالك ووقتك معتبراً نادي الهلال كأحد أبنائك، بوركت بأعمالك الطيبة جعلها الله في ميزان حسناتك، ومما يريح القلب الناس تدعو لك من قلوبهم بالرحمة والمغفرة وأجمل ما رأيت وسمعت ممن رعيتهم بدمك ومالك لم ينسوا فضلك أباً عن جد، وردّدوا «أبو الفقراء والمساكين مات أبونا عبد الرحمن بن سعيد رحمك الله رحمة واسعة كريمة». أختك التي لن تنساك بالدعاء - مضاوي بنت سعد بن سعيد