* طوال أيام الأسبوع الماضي كانت (الرياض) ومعها شقيقاتها في هذا الوطن.. مسكونة بالشجن، غارفة في دجى الحزن فقد غادرها - في رحلة لن يعود منها - أحد أبر أبنائها وقادتها زارع الحب في مساكنها وساكنيها وفي طرق مدنها وقلوب أطفالها! (الرياض) من أجل راحلها الغالي سلطان بن عبدالعزيز - عليه رحمة الله - التي أحبها وأحب كل شبر في هذا الوطن وجسد هذا الحب براً وعطاءً وتفانياً وسهراً.. * ها هي الآن من أجل راحلها بدأت تتعافى من أحزانها.. لتواصل منظومة تنميتها، التي كان سلطانها أحد أهم من أسهم في نظم عقدها من قادتها ورجالها.!! شعرت أن راحلنا الكبير غادر أروقة وطنه، وأحبائه وهو مرتاح الضمير على ما قدم من أجلها ومن أجلهم حتى صار وطنه شامخاً ولكأنه يقول لنا واصلوا مسيرة العطاء للوطن والموعد بحول الله جنة المأوى. - 2 - الرحيل ومشاهد مؤثرة * المليك والانتصار لعاطفة الوفاء.. * عشنا خلال الأيام الماضية مشاهد أخاذة من الحب والوفاء واللحمة الوطنية بين قادة هذا الوطن وأبنائه أولئك الذين جمعهم حب سلطان..!! كم كان مؤثراً ومليك البلاد أخو سلطان يتأبى على نصائح الأطباء ويخرج لاستقبال أخيه وهو في فترة نقاهته في أيام استكمال علاجه.. منتصراً لعاطفة الوفاء في نفسه.. عبدالله بن عبدالعزيز لم يرتهن لظروفه.. انتصر عليها لقد هزمها بعون الله. ليؤدي حق المحبة والأخوة لعضده الذي غاب عن دنياه ثم يتبع ذلك بحضوره للصلاة على غاليه، وتشييعه في مشهد رهيب بقدر ما يشي بالحزن فإنه يشهد بالوفاء. لقد انتصر - حفظه الله - لعافية عاطفته على ظروف صحته! *** مشهد الأمير نايف حاملاً نعش شقيقه.. * كان مشهداً يجل عن التعبير.. عندما حمل سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز نعش شقيقه الراحل رغم وجود العشرات من حوله الذين يحملونه.. لكن ليقترب منه أكثر حمل نعشه تماماً كما حمل حبه في قلبه.. منظر بالغ التأثير عنوانه المحبة، وشارته الوفاء، ورسالته استمرار التواصل مع شقيقه حياً وميتاً. *** الأمير سلمان والدمعة الحائرة.. * كنت أتأمل وجه وعيني الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مشاهد وصول جثمان أخيه وعند الصلاة عليه، وعند لحظات دفنه.. لقد كنت أرى تلك (الدمعة) الحارة في عينيه وذلك الألم الذي يكسو محياه الذي عهدناه باسماً كوجه أخيه الراحل.. إن هذا الحزن هو الأمر الطبيعي فالأمير سلمان يتألم لأحزان البعيدين فكيف لا يتألم لفراق أخيه في رحلته النهائية وقد كان المرافق له والرفيق به طوال فترات مرضه رحمه الله. * وداعاً (سلطان) لنلقاك بحول الله مع الراحلين الغالين علينا في نعيم دائم لا مرض ولا أدواء ولا فناء فيه بل جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. - 3 - غيابك.. من يعوِّض الحنان * يا أعز الناس.. كلما ذكرتك عدتُ طفلاً يبحث عن حنان مَن لم يستظلُ بدفء حنان أحضانها. كم أحس - يا أعز الناس - أنني بحاجة إليك، أغفو على صدرك، وأمسح أشجاني بأهداب حنانك، وأخفض لك جناح الذل حباً وتعلقاً بك وشوقاً إليك. كلما زاد رصيد عمري، وتناهت رجولتي، أشعر أنني بحاجة إليك أكثر، وأكبر وأعمق.. رحيلك - يا أمي - رغم تاريخه الطويل.. إلا أنه يبقى جرحاً لا يندمل.. وهل يندمل جرح أبقى الحرمان، وسَلبَ الحنان؟. رحمك الله يا أمي!. - 4 - الطموح الأرقى * تأملوا معي هذا الموقف المؤثر للخليفة عمر بن عبدالعزيز: قال (مسلمة بن عبدالملك) للخليفة عمر بن عبدالعزيز (لقد أبقيت لنا في الصالحين ذكرى)، فقال له عمر: (إن لي نفساً توَّاقة، لم تتق إلى منزلة إلا تاقت على ما هي أرفع منها، حتى بلغت اليوم المنزلة التي ليس بعدها منزلة يعني: (الخلافة)، وإنها اليوم قد تاقت إلى الجنة). حقاً..! إن هذا هو الطموح الأرقى والأبقى..! آخر الجداول قال الشاعر الحكيم: «إذا قضى الله فاستسلم لقدرته ما لمرئ قدرة فيما قضى الله»